ووفقا لأحدث الإحصائيات حول قضايا إثبات النسب، فإن عدد دعاوى «إثبات النسب» المتواجدة بمحاكم الأسر على مستوى محافظات الجمهورية المختلفة خلال ديسمبر 2013، وصلت إلى «314» دعوى.
فى الشرقية ولد «أمير» ليواجه واقعا مشوها، فأزمته لا تقتصر على خروجه للحياة بين جدران السجن، وإنما تمتد إلى وجود مشكلة فى النسب جعلته يعيش حتى عامه الثانى دون أن ينتسب إلى أب أو أم.. هذه القصة بدأت بزواج «ح. ن» زواجا تقليديا عاشت فيه العديد من المشكلات، خاصة أن زوجها كان كثير السفر وخلال إحدى سفرياته، تعرفت على شخص آخر يدعى حامد، وهربت معه إلى محافظة كفر الشيخ، عاشت معه بدون زواج، ولما عاد زوجها بحث عنها إلى أن عرف مكانها ورفع ضدها قضية زنا دخلت على أثرها السجن، هى ومن هربت معه لمدة عامين وهناك أنجبت ابنها أمير.
«أمير» أمام القانون هو طفل لا يمكن الاعتراف بنسبه أو تسجيله بشكل رسمى، خاصة أن والده فى السجن، بالإضافة إلى أنه لا يمكن تسجيله إلا بعد أن تطلق والدته من زوجها الأول.
ينظر يوميا إلى أطفال فى سنه يذهبون إلى المدرسة متمنيًا أن يصحبهم يوما ما إلى نفس المكان، يذهب إلى والدته متسائلا: لماذا لا يمكننى الالتحاق بالمدرسة مثل هؤلاء؟ فترد بحجج مختلفة دون إبداء أسباب واضحة له.
12 عاما عاشها «هـ. ف» من عمره دون أن يتم نسبه لوالده الموجود فى السجن منذ ولادته، السبب فى بقائه هذه الفترة دون نسب يتمثل فى أن مكتب إثبات المواليد لم يرسل مندوبا إلى السجن الموجود فيه والده لإنهاء إجراءات التسجيل، وفى الوقت نفسه وضع شروط لإثبات النسب من ضمنها وجود الأب والأم معا أو الجد لأب أو العم أو العمة أو أبناء العم.
الصعوبة فى إثبات نسب هذا الطفل تمثلت فى أن والده وحيد، ولا يوجد له أخ أو أخت، ووالده متوفيان وهو ما خلق صعوبة بالغة فى إثبات النسب، خاصة بعد تجاهل الشهر العقارى خطوة إرسال مندوب إلى إدارة السجن ليتم التسجيل هناك.
أما الطفل محمد زكريا فقد أمضى 5 سنوات دون تسجيل اسمه بين المواليد، بسبب وجود والده فى السجن، وبدأت مأساته بعدما تزوج الشاب زكريا عرفياً، من فتاة لم تبلغ السن القانونية للزواج الرسمى، ليخرح محمد بعد عام إلى الدنيا، وكأنه بلا نسب بسبب احتجاز والده بالسجن.. هذه الضريبة دفعها محمد فهذا ما جناه عليه أبواه وما جنى على أحد.
وانتظر الطفل البقاء على هذا الوضع حتى خرج الأب من السجن وتم الزواج رسميا، وعن طريق مبادرة «ابدأ» تم اللجوء إلى مكتب الصحة لإثبات نسب الطفل وكانت خطواته كالتالى: زواج الأب والأم زواجاً شرعياً بعقد رسمى، ثم الذهاب إلى السجل المدنى لاستخراج قيد ميلاد لإثبات ذلك الابن، ثم الذهاب إلى مكتب الصحة للتصديق على المستند وحضور الطرفين الأب والأم، وعمل محضر شرطة إثبات حالة، ويأخذ رقما والختم عليه ثم الذهاب إلى السجل مرة أخرى، وبعد ختم السجل المدنى، الذهاب إلى مكتب الصحة لمعرفة جلسة التسنين، وغالبا كل يوم اثنين من كل شهر، ثم الذهاب إلى مكتب الصحة بعدها بشهر تقريبا لاستخراج شهادة ميلاد.
ويقول محمد جمال، رئيس الوحدة القانونية بمبادرة ابدأ: «هناك العديد من الصعاب التى واجهتنا لإثبات نسب محمد وتسجيله، فإلى جانب كثرة الخطوات الروتينية المعطلة للأمر، توجد إجراءات تعسفية، فلماذا مثلا يتم الذهاب إلى مركز الشرطة ما دام الأب والأم موجودين؟».
«أنا دخلت سجن بورسعيد، كنت حاملا فى شهرين من رجل ارتبطت به ورفض زوجى أن يطلقنى، وإلى الآن ابنى عنده سنتين ونصف ولم يثبت نسبه».
بهذه الكلمات بدأت «ز. أ» حديثها التى تلخص المشكلة التى يعانى منها طفلها حاليا.
«ز.أ» تزوجت فى سن مبكرة وعاشت فى بيت والديها وحدثت خلافات كثيرة بينها وبين زوجها، طلبت الطلاق مرات عديدة لكن أهلها رفضوا، إلى أن تعرفت على شخص آخر قررت الهروب معه وعدم الرجوع إلى منزل أهلها مرة أخرى.
وتقول: بعدها بشهور كلمت أهلى قالوا لى تعالى وهنطلقك من جوزك، وأنا نازلة فوجئت بزوجى عمل لى كمين، حكيت كل حاجة قدام وكيل النيابة، واتعملى قضية زنا ودخلت السجن وهناك أنجبت طفلى.
فى محاولة لإثبات نسب طفلها رفعت «ز.أ» قضية خلع على زوجها الأول الذى رفض تطليقها إلى أن حصلت على حكم بالخلع، متخيلة أنها يمكنها أخيرا إثبات نسب طفلها إلى عشيقها، إلا أن ذلك لم يحدث بسبب خروج العشيق من السجن واختفائه وتهربه من الاعتراف بالطفل.
أحمد مصيلحى، المستشار القانونى للائتلاف المصرى لحقوق الطفل، قال: إن أى طفل يولد يجب أن يتم تسجيله حتى وإن تم كتابته باسم أب افتراضى، وفقا لقانون الطفل.
وأوضح أنه يحق للأم أن تقوم بتسجيل طفلها دون وجود الأب ولا يشترط ذلك على خلاف ما يجرى من رفض مكتب المواليد تسجيل الطفل بسبب عدم وجود والده أو أحد أفراد عائلة الأب.
