رغبة ملحة لاكتشاف العالم الخارجى دفعت الإنسان لإرسال بعثات لاستكشاف هذا العالم المجهول، بدأت بالرغبة فى استكشاف القمر، وانتهت مؤخرا بالبحث عن توأم للأرض، جالت فيها المركبات الفضائية المأهولة منها وغير المأهولة، بحثا عن عوالم أخرى لطالما رأيناها فى أفلام الخيال العلمى، ونأمل فى أن تثبت صحتها ونعثر على تلك الكائنات الفضائية، وتعددت المحاولات لتحقيق هذه الأمنية، بداية من يوم 4 أكتوبر 1957 الذى يعد بداية التقويم الفعلى لـ"عصر الفضاء" بانطلاق أول قمر صناعى على يد الاتحاد السوفيتى وهو "سبويتنك 1" ليدور حول الأرض، ثم إطلاق أول رحلة طيران فى الفضاء فى 12 أبريل 1961، مأهولة بالبشر، التى دار فيها رائد الفضاء السوفيتى يوريجاجارين حول الأرض فى السفينة الفضائية "فوستوك 1" فى رحلة استغرقت 108 دقائق، ثم أعقب ذلك إطلاق العديد من سفن ومركبات ومجسات الفضاء لاكتشاف هذا العالم الغريب.
وفى 21 ديسمبر 1968 أُطلقت أول رحلة مأهولة للقمر،على يد الولايات المتحدة التى أطلقت المركبة الفضائية "أبولو 8"، لتدور حول القمر ثمانى مرات ثم تعود سالمة إلى الأرض، ثم أتبعتها محاولة هبوط ناجحة على سطح القمر قامت بها مركبة الفضاء الأمريكية "أبللو 11" فى 20 يوليو 1969، وهبط معها رائد الفضاء الأمريكى نيل أرمسترونج إدوين ألدرين الابن، وأصبح أرمسترونج أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر.
لكن رغبة الإنسان فى اكتشاف العالم الخارجى لم تتوقف عند الوصول إلى القمر فقط، بل امتدت لأبعد من ذلك، بداية من اكتشاف أول كوكب خارج المجموعة الشمسية يدور حول نجم فى 6 أكتوبر عام 1995 على يد كل من "ميتشيل مايور" و"ديديه كويلوز" الأستاذين بجامعة جنيف، ثم تبعتها بعض المحاولات التى أثمرت عن اكتشاف العديد من الكواكب والنجوم، وفى 26 أبريل 2007 نشرت مجلة "أسترونومى أند أستروفيزيكس" دراسة تفيد بقيام فريق فلكى برصد كوكب شبيه بالأرض لأول مرة يقع فى مجرة "ليبرا" أو "الميزان" خارج المجموعة الشمسية، وهو كوكب مؤهل لوجود حياة به، فهو يدور حول النجم "غليز 581"، ويبعد مسافة 20.5 سنة ضوئية عن الأرض، كما يعتبر الأول من بين أكثر من 200 كوكب معروفة حتى الآن، يمتلك سطحا صلبا أو سائلا، والذى تقترب درجة حرارته من درجة حرارة الأرض، حيث استطاع التلسكوب "هاربس"، التابع للمركز الفضائى الأوروبى فى سيلا بالتشيلى اكتشافه.
وفى عام 2009 تم العثور على مجموعة كبيرة من الكواكب خارج المجموعة الشمسية وصل عددها إلى 342 كوكبًا، يقترب حجمها من حجم كوكب المشترى، كما تم العثور على مجموعة من الكواكب يطلق عليها "الأراضى العظيمة"، وهى مجموعة من الكواكب الصخرية التى تكبر حجم الأرض، لكنها أصغر من كوكب نبتون أو أورانوس، وهى ما يصل عددها إلى 6 كواكب.
"كليبر" كانت المفتاح الفارق للتعرف على الكواكب الشبيهة بالأرض، حيث أطلق المسبار الفضائى "كيبلر"، الذى يتمتع بأكبر كاميرا أطلقت فى الفضاء بدقة تصل إلى 95 درجة ميجابيكسل من العدسات المركبة، والتابع لوكالة "ناسا الأمريكية" فى 6 مارس 2009، وقد استطاع العثور على 42 ألف نجم تشبه شمسنا أو تصغرها فى الحجم، لكنها تبرد عنها بعض الشىء.
كما عثر أيضا على 603 كواكب منها عشرة كواكب تقترب من حجم الأرض وتدور حول نجمها فيما يعرف "بالنطاق المسكون" وهو المجال الذى يسمح بوجود درجات حرارة تسمح بالحياة، وقد استطاع المسبار "كيبلر" بعد مرور خمسة أشهر من إطلاقه، إرسال صور عالية الدقة لكوكب يبعد حوالى 1000 سنة ضوئية عن كوكب الأرض، الذى تم الإعلان عنه فى 7 أغسطس 2009، وهو ما عرف باسم "المشترى الحار" (هوت جوبيتر)، وكانت هذه الصور أول مرة يتم فيها رصد ضوء من هذا الكوكب، وفى 6 ديسمبر 2011 أكدت "ناسا" وجود كوكب شبيه بالأرض، خارج المجموعة الشمسية، يمكن العثور فيه على مياه سائلة، وقد أطلق عليه اسم "كيبلر بى 22" ويفوق حجمه الأرض بمقدار 2.4 مرة، وتبلغ درجة الحرارة عليه 22 درجة مئوية، لكن العلماء لا يعرفون ما إذا كان الكوكب يتكون بالأساس من صخور أم غازات أم سوائل، كما أعلن فريق المنظار "كيبلر" أنهم رصدوا نحو 1094 جسما جديدا يمكن أن تكون كواكب، ما يعنى زيادة ما يعتقد خبراء ناسا أنها عوالم بعيدة محتملة، حيث يأتى كوكب "كيبلر 22 بى" بين 54 جسما تم رصدها فى مواقع تجعلها صالحة للحياة أثناء دورانها حول نجومها، وهى ما تعرف بـ"دائرة الحياة".
ومنذ أيام قليلة تمكن العلماء بمساعدة المسبار "كليبر" من العثور على كوكب جديد يدور فى فلك حول نجم بعيد فى منطقة يمكن أن تسمح بوجود حياة فيها، وهو ما عرف بتوأم الأرض أو "كليبر 186- إف" وهو يبعد عن الأرض 490 سنة ضوئية، ضمن مجموعة نجمية تسمى مجموعة الدجاجة، ويدور هذا الكوكب حول نجم يصغر قليلا حجم الشمس، ويميل إلى الحمرة.
وقد قال "توماس باركلى" من مركز بحوث إيمز التابعة لـ"ناسا" أن النتائج أثبتت أن فترة الظهيرة فى ذلك العالم قريبة بشكل أو بآخر من الوضع على الأرض قبل ساعة من مغيب شمسنا، كما أن بعد هذا الكوكب عن شمسه مناسب لجعل الماء سائلا، إذا ما كان متوفرا على الكوكب، مضيفا "هذا الكوكب هو ابن عم الأرض وليس توأمها"، إلا أن العلماء لا يعرفون حتى الآن شيئا عن الغلاف الجوى لكوكب "كيبلر 186- إف"، إلا أنه يقع فى منطقة قد تكون مأهولة، ولكن هذا لا يعنى أن من الممكن أن يكون مأهولا.
وجاء الاكتشاف بفضل فريق من علماء الفلك يتبعون وكالة "ناسا" الفضائية الأميركية، تقودهم إليسا كوانتانا الباحثة فى معهد (SETI) التابع للوكالة الأميركية، حيث يرى الفريق أن المنطقة التى عثر على الكوكب بها تعرف باسم "المنطقة القابلة للحياة"، وهى عبارة عن مجموعة من المناطق تكون فيها درجة الحرارة معتدلة وممكنة الحياة، كما هو حال كوكب الأرض، كما أنها ذات حرارة لا تضر بالمياه، أى أنها لا تؤدى إلى غليانها ولا تجمّدها.
39 عاما فى الفضاء منذ إطلاق أول مسبار.. 1975 شهدت بداية تقويم عصر جديد بإطلاق "سبويتنك 1".. و1995 اكتشاف الكوكب الأول خارج المجموعة الشمسية يدور حول نجم.. و2014 ظهور توأم الأرض
الخميس، 24 أبريل 2014 04:20 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة