قال الكاتب الدكتور عمار على حسن، أن حصولى على جائزة تحمل اسم اتحاد كتاب مصر، تمثل قيمة غالية وعالية، لأنها من مؤسسة شملت وضمت على مدار تاريخها أولئك الذين تعلمنا منهم ونحاول أن نسير على دربهم، من كبار الأدباء والمبدعين.
وقال عمار على حسن فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن ما يعمق سعادته أن الجائزة جاءت لرواية "شجرة العابد" والتى يعتبرها القريبة إلى نفسه من ضمن أعماله.
وأشار "حسن" إلى أن الرواية حازت خارج مصر نجاحًا كبيرًا، لإعداد باحثة جزائرية رسالة دكتوراه عنها تحت عنوان "الخطاب الصوفى للرواية العربية.. شجرة العابد نموذجاً"، كما قام باحث إيرانى بإعداد ماجستير عنها بعنوان "الواقعية السحرية فى رواية شجرة العابد".
كما أشار "حسن" إلى أن رواية "شجرة العابد" ظهرت داخل مصر بعد ثورة يناير، ولم يلتفت إليها أحد نظرًا لانشغال الشعب بالأحداث السياسية حينذاك، ورأى أن الجائزة جاءت لتسلط الضوء عليها من جديدا، لتجنى ثمار نجاحها.
و"شجرة العابد" هى الرواية الخامسة لعمار على حسن بعد "حكاية شمردل" و"جدران المدى" و"زهر الخريف" و"سقوط الصمت"، علاوة على مجموعتين قصصيتين هما "عرب العطيات" و"أحلام منسية" وقد حصلت الأخيرة على جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى، فيما حصل كتابه "التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر" على جائزة الشيخ زايد فى فرع التنمية وبناء الدولة، وحصلت مجمل أعماله العلمية، التى تصل إلى سبعة عشر كتابا فى علم الاجتماع السياسى والنقد الأدبى والتصوف، على جائزة الدولة للتفوق فى العلوم الاجتماعية.
وقد حظيت الرواية، التى تقع فى 412 صفحة من القطع المتوسط، باهتمام من قبل نقاد كثيرين، وهو ما سجلته دار النشر على الغلاف الخلفى، حيث وصفها الدكتور صلاح فضل أستاذ الأدب العربى بجامعة عين شمس بأنها "تقدم نموذجاً متفرداً فى الرواية العربية، يضاهى أدب أمريكا اللاتينية فى واقعيته السحرية، لكنه فى الحقيقة يناظره من دون أن يأخذ عنه".
كما قال عنها الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة إنه "تخفى وراءها جهدا كبيرا مبذولا، وذائقة مدربة، صقلها الإطلاع على موروث طويل لاسيما عالم التصوف الرحب". فيما اعتبر الدكتور السعيد الورقى أستاذ الأدب العربى بجامعة الإسكندرية أن الرواية "تمثل سحر السرد العجائبى، الذى ينهل من الصوفية، ويبحث عن مصير الإنسان، وحالات الوجود، وسحر الشرق".
من جانبه قال الدكتور يسرى عبد الله مدرس الأدب العربى بجامعة حلوان إن الرواية"تمزج الفانتازى بالحقيقى، وتعتمد لغة شاعرية، وتنطوى على العديد من القيم الإنسانية الخالدة"، بينما قال عنها الروائى علاء الأسوانى "استمعت بقراءة رواية عذبة وملحمية، تثبت أن خلفها أديبا يمتلك قدرة كبيرة على خلق عالم مواز".
وتجرى وقائع الرواية فى لحظة فارقة من الصراع بين الشرق والغرب فى أواخر القرن الخامس عشر وهو عصر المماليك، أما مكانها فيصل صعيد مصر وصحاريها بالقاهرة فى أيامها الزاهرة، لكنها ليست رواية تاريخية بحتة، رغم أن مؤلفها استفاد فى صياغة الأجواء والأحوال ورسم ملامح الأماكن وطقوس الحياة من كتب التاريخ والاجتماع التى تناولت هذه الفترة.
ومحرك أحداث الرواية طالب علم أزهرِى كان يسعى فى شبابه إلى الثورة على السلطان المملوكى الجائر فانتهى إلى درب التصوف هارباً من العسس والسجن والتعذيب والشنق الذى الذى كان مهددا به بعد أن اختفى حين عجز أن يحقق للسلطان المستبد حلمه بالوصول إلى الشجرة التى كان يعتقد هذا السلطان أنها كنز ثمين.
وفى الرواية نقف بعناية على بعض ما تنطوى عليه الحياة من فلسفة عميقة، ويعرف بعض طرائق العيش وأشكال العمران وألوان الفنون والثقافة السائدة فى مصر المملوكية عند المسلمين والمسيحيين واليهود، من أهل الريف والحضر والبدو.
ويعجز بطل الرواية عاكف عن الوصول إلى "الشجرة الغريبة المقدسة" بمساعدة جنية عشقته، وأخذته إلى عالم الجن، ويعجز السلطان الغشوم من الوصول إليها من خلال السحرة المهرة الذين استجلب بعضهم من بلاد المغرب، ويعجز كل من وصله نبأ الشجرة الغريبة من الوصول إليها بقدراته وحيله المباشرة وإمكاناته المستهلكة والتى يرضى منها بما هو متاح.
لكن البطل يصل إلى الشجرة بعد أن انقطع للعبادة سنين لا عدد لها فى زاوية بناها إلى جانب أحد الأديرة فى صحراء مصر الشرقية، ولم يأخذ فيها معه سوى "المصحف الشريف" وكتاب "طوق الحمامة فى الألفة والآلاف" لابن حزم الأندلسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة