باحثو الجامعة الأمريكية بالقاهرة يدرسون عقاقير جديدة تحمل الأمل لمرضى السرطان.. الجامعة: ملتزمون بدعم الاكتشاف العلمى الذى لديه تأثير حقيقى وكبير على مجتمعنا فى مصر والمجتمع الدولى

الأربعاء، 23 أبريل 2014 06:42 م
باحثو الجامعة الأمريكية بالقاهرة يدرسون عقاقير جديدة تحمل الأمل لمرضى السرطان.. الجامعة: ملتزمون بدعم الاكتشاف العلمى الذى لديه تأثير حقيقى وكبير على مجتمعنا فى مصر والمجتمع الدولى فريق البحث فى مؤتمر صحفى
كتبت هند عادل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كشف باحثو الجامعة الأمريكية، اليوم، النقاب عن بحث يهدف إلى الوصول لعقاقير كيميائية شخصية موجهة، توصف حسب حالة الشخص المصاب، والتى من شأنها تقليل الآثار الجانبية للعلاج الكيماوى لأمراض السرطان.

وأوضح فريق البحث فى مؤتمر صحفى، أنهم يؤمنون أن التقنية الجديدة تحمل الأمل لعلاج السرطان، حيث إن العقاقير الموجهة لمرضى السرطان يتم وصفها حسب حالة الشخص المصاب، وذلك يعطى العلاج مزيد من الفاعلية.

تحدث فى المؤتمر الصحفى الدكتورة ليسا أندرسون، رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والدكتور عمرو سلامة، مستشار الجامعة، والدكتور طارق شوقى، عميد كلية العلوم والهندسة، والدكتور تامر شعيب، الأستاذ المساعد ورئيس الفريق البحثى ورئيس قسم الكيمياء بالجامعة.

أكدت أندرسون، أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة ملتزمة التزامًا عميقًا لدعم الاكتشاف العلمى الذى لديه تأثير حقيقى وكبير على مجتمعنا فى مصر والمجتمع الدولى بأسره على حد سواء. "نرى العلماء فى مختبراتنا وهم يعالجون بعض المشاكل الملحة بشكل مباشر مثل تشخيص مرض الالتهاب الكبدى الوبائى سى وتطوير مصادر الطاقة النظيفة، واكتشاف الإنزيمات الموجودة فى أعماق البحر الأحمر.

واليوم، يقوم فريق بحثى بقيادة الدكتور تامر شعيب، بابتكار علاج فعال وموجه لأحد الأسباب الرئيسية للوفاة فى العالم وهو السرطان. نحن واثقون أن بحثه سيساهم فى الكفاح العالمى ضد هذا المرض."

جدير بالذكر، أن العلاج بالعقاقير الكيمائية التى تُعطى غالباً كجزء من علاج مرض السرطان لكبح جماح المرض، والقضاء على الورم السرطانى أو لمنع الورم السرطانى من التضخم، بالإضافة إلى توفير بعض الراحة للمريض، يكون فى معظم الأحيان مصحوباً ببعض الأعراض الجانبية المدمرة، بالإضافة إلى تكلفته العالية. وتكون جرعات الكيماوى واحدة ومحددة سلفاً لكل مرضى السرطان، وذلك على الرغم من اختلاف نوعية المرض من شخص إلى آخر، ويكون معيار الجرعة تبعاً لنوعية السرطان. ويدخل فى الحسبان دائماً عند إعطاء جرعة العلاج الكيمائى حجم الجسم ووظائف الكلى، ومع ذلك يتم إغفال جزئية أخرى لا تقل أهمية ألا وهى كيفية تفاعل العقار الكيمائى مع مرضى بعينهم وخاصة فيما يتعلق بخلايا الجسم الصحيحة منها والمريضة. ولهذا فإن المعالجة بالعقاقير الجديدة الموجهة التى تُعطى بحسب حالة المريض قد تكون هى البديل الناجح، فالطريقة الجديدة قد تزيد من فاعلية الدواء وتعمل على تقليل الأعراض الجانبية وتخفض من تكلفة العلاج.

وقال شعيب، والذى يعكف حاليًا على إجراء أبحاث تهدف إلى تصنيع عقاقير موجهة لعلاج مرضى السرطان، تتسم بمزيد من الفاعلية وتكون الجرعة مركبة تبعًا لحالة كل مريض على حدة: "يتلقى 65 بالمائة من مرضى السرطان العلاج الكيمائى، ويتلقى 40 بالمائة منهم الجرعة الخاطئة، لأن العقاقير تكون مركبة على أساس واحد لكل مرضى السرطان، ولا تكون مركبة بصورة معينة تبعاً لحالة كل مريض. وبالرغم من أن نمط العلاج الكيمائى الحالى يراعى حجم الجسم ووظائف الكلى الخاصة بالمريض، إلا أنه غير مأخوذ فى الحسبان كيفية تفاعل كل مريض على حدة مع العقار الكيمائى الموصوف وذلك لأنه ببساطة غير موجه وغير موصوف على حسب حالة المريض الذى يتلقى العلاج.

ونستطيع القول فى النهاية، أن نتيجة العلاج بالعقاقير الكيمائية الحالية غير مضمونة، والآثار الجانبية لا يمكن التكهن بها، وهناك اختلاف كبير فى استجابة المرضى للعلاج."

يوضح شعيب: "اختلاف استجابة مرضى السرطان كل حسب حالته، تعتمد فى المقام الأول على كيفية تفاعل العقار الكيمائى مع خلايا السرطان والخلايا السليمة فى جسم المريض. وتعمل العقاقير الكيمائية على استهداف خلايا السرطان فى الجسم واستهداف الحمض النووى داخل النواة الخاصة بتلك الخلايا.

وهذا هو الغرض الدوائى المستهدف بالتحديد."

و لكن لأسباب عديدة قد لا يحقق العلاج الكيمائى الغرض المرجو منه وتكون تكلفته عالية وتصاحبه الكثير من الأعراض الجانبية. ويضيف شعيب: "لا تستهدف معظم العقاقير الكيمائية الموجودة الخلايا المصابة تحديدًا، فأين تذهب بالضبط؟ وما مدى سرعة استهدافها للخلايا المصابة؟ يعمل البحث الذى نقوم به على تفصيل وتركيب الجرعة الكيمائية بحسب احتياج المريض، وحسب الحالة الصحية له وصولاً إلى تحديد عما إذا كانت هناك عوامل خطر جينية تساعدنا فى فهم آلية عمل الدواء فى الجسم وكيفية تفاعله مع الجزء المصاب. وإذا تمكنا من تحديد تلك العوامل مسبقاً، يمكننا حينئذ التكهن بالنتائج ومعالجة المريض على نحو أفضل وذلك لأن نصيحة الطبيب للمريض فى هذه الحالة، تكون فى الصميم، ونستهدف من وراء ذلك التخفيف من الآثار الجانبية المصاحبة للعلاج الكيمائي.

ويمكننا أيضاً باستخدام ذلك الأسلوب العلاجى الجديد التقليل من التكلفة العالية للعلاج بالعقاقير الكيمائية، لأن مزيدًا من المرضى فى هذه الحالة لن يأخذوا إلا الجرعة المناسبة الموصوفة لهم."

بدأ العلاج بالعقاقير الموجهة المقننة حسب حالة المريض فى احتلال مكانة هامة فى مجال الرعاية الصحية فى مختلف أرجاء العالم، وبدأ الخبراء فى وصفها على أنها "المستقبل فى مجال الرعاية الصحية".

والعقاقير الموجهة المقننة لا تقتصر على علاج السرطان فحسب، بل يمتد البحث ليشمل أثر هذه العقاقير فى علاج بعض الأمراض المزمنة الأخرى مثل مرض السكر، والزهايمر، وأمراض القلب.

وهذا الاتجاه يعتمد فى الأساس على اختبار كيفية عمل الخلايا الجينية والجزئية فى جسم الشخص المصاب، بالإضافة إلى اختبار البنية الجزئية للمرض ذاته، وذلك من أجل تكوين صورة كاملة تتعلق بالمخاطر المحتملة من جراء تطبيق بروتوكول علاجى بعينه وتحديد العلاج المناسب، الذى يتماشى مع كيفية عمل جسم المريض، مع الأخذ فى الحسبان التاريخ المرضى لعائلة المريض، واختلاف العوامل الوراثية بالإضافة إلى اختلاف العوامل البيئية من مريض لآخر.والاتجاه الحالى لتصنيع وتركيب عقاقير موجهة تكون مناسبة لحالة كل مريض بعينه، يساعد بالتأكيد فى إحداث طفرة فى عالم العقاقير الطبية وظهور أنواع جديدة منها، وتكون الجرعة الموصوفة منها مقننة بحسب حالة المريض، ويساعد أيضاً فى تحديد الأشخاص المعرضين للإصابة بمرض معين قبل ظهور أعراض المرض ذاته.
وللترويج للعقاقير الموجهة لعلاج السرطان، يعتبر شعيب أحد أعضاء فريق العمل الذى استكشف كيفية تفاعل العقار الكيمائى، الشائع استخدامه مع جسم المريض.

ويوضح شعيب: "استطعنا ولأول مرة تحديد آلية عمل العقار داخل جسم المريض والتى كانت غير معروفة من قبل وكانت تعوق فاعلية دواء Oxaliplatin، وهو أحد العقاقير المعروفة المتداولة فى مختلف دول العالم، عن معالجة الجزء المصاب من جسم المريض. وقد وجدنا أن العقار الذى يستخدمه ملايين البشر فى مختلف أنحاء العالم يتفاعل مع أحد الجزيئات الذى يُسمى الكارنوزين، وهو موجود بصورة طبيعية فى جميع خلايا جسم الإنسان، ولكن يتواجد بصورة أكثر كثافة فى خلايا العضلات وخلايا الجمجمة. وهذا التفاعل يقلل من فاعلية الدواء عن طريق منع وصوله إلى قلب خلية السرطان التى يوجد بها الحمض النووى."

لا يقلل هذا التفاعل من فاعلية Oxaliplatin فحسب، بل يسبب أيضاً الكثير من الأعراض الجانبية بسبب منع الكارنوزين العقار من الوصول إلى خلية السرطان بالجسم، ومن ثم يصل العقار إلى جزء آخر من الجسم ويؤثر عليه بالسلب. ويقول شعيب: "عندما يكون العقار عائقاً عن الوصول إلى الخلية السرطانية بالجسم، تدخل كمية أقل من العقار إلى الخلية السرطانية، وتكون فاعلية العقار ضعيفة فى تلك الحالة، بالإضافة إلى ظهور المزيد من الأعراض الجانبية، لأن جزيئات الجسم الأخرى التى يصل إليها العقار ليست هى المقصودة بالعلاج. ونهدف إلى إزاحة ذلك العائق المتمثل فى الكارنوزين، أو التغيير بعض الشىء فى جزئيات الدواء بحيث لا يمكن للكارنوزين التعرف عليه.

وبعبارة أخرى نعمل على التحايل على الكارنوزين وخداعه بحيث نعوقه عن منع الدواء من الوصول إلى قلب الخلية المصابة بالسرطان، والحفاظ فى نفس الوقت على شكل الآلية التى يتم بها العلاج، بحيث يصل العقار إلى الجينات الوراثية فى الخلية بصورة مباشرة. وهذا فى حد ذاته أمر صعب، فنحن نريد أن نغير بعض الشيء فى خصائص العقار، ونريد فى نفس الوقت أن يكون هذا التغيير طفيفاً ليتمكن العقار من الوصول إلى الخلية المصابة بالتحديد وعلاجها.
وهذا بالتأكيد يقودنا إلى الوصول إلى إدخال التعديلات الملائمة للوصول إلى تصنيع العقار المناسب."
وقد نشرت مجلة Metallomics، التى تصدر عن الجمعية الملكية للكيمياء، على غلاف عددها الصادر فى نوفمبر 2013 كافة النتائج التى توصل إليها فريق البحث. وقد كتب البحث اثنان من طلاب الدراسات العليا، الذين تتلمذوا على يد شعيب، وقد تخصص أحدهم فى علم الكيمياء والآخر فى الأحياء، وقد أُجرى بالبحث بالتعاون مع فريق من جامعة Loughborough فى المملكة المتحدة.

إن تحديد كيفية تفاعل العقار مع العوامل الأخرى فى الجسم البشرى كان بالنسبة لشعيب وفريق البحث المصاحب له جزء صغير من الجدل السائد حول العلاج الموجه المقنن لعلاج حالة شخص بعينه. فعندما يتغلغل العقار داخل نواة الخلية السرطانية، فإنه توجد عدة طرق يستطيع العقار بها الوصول إلى الحمض النووى للخلية، وهذا من شأنه إحداث استجابات مختلفة. ويوضح شعيب: "عندما يصل عقار Oxaliplatin إلى الحمض النووى للخلية، تختلف النتائج من شخص لآخر ولا يمكن حساب النتائج بصورة أكيدة. فالدواء لا يلتصق بالخلية ويبقى هناك إلى ما لا نهاية، فهو يلتصق بعض الوقت ثم يذهب، وتتكرر هذه العملية على مدى فترة زمنية معينة. فمعدل ابتعاد الدواء عن الحمض النووى للخلية، والذى يٌعرف أيضاً بأنه قدرة الحمض النووى على الإصلاح الذاتى، يختلف من مريض لآخر."

استطاع شعيب وفريقه البحثى لأول مرة تعيين بعض الطرق السريعة والمختارة الخاصة بتحديد كيفية وصول عقار Oxaliplatin إلى الحمض النووى للخلية السرطانية، وقد ورد ذلك فى البحث الذى أصدرته مجلة Metallomics عام 2011 والذى تصدر غلاف المجلة فى هذا الوقت. ويهدف فريق البحث الذى يرأسه شعيب إلى فهم الكيفية التى يصل بها العقار إلى الخلية المصابة، وسبب هذه الكيفية، وماهية الطريقة المثلى لوصول العقار والتى تضمن أفضل انتفاع بالخصائص العلاجية للعقار. ويقول شعيب: "إذا نجحنا فى الوصول إلى هذه المعلومات بالتحديد، نستطيع بذلك ابتكار نوعية أفضل من العقاقير أو إدخال بعض التعديلات على تركيبات العقاقير المتداولة حالياً لجعلها أكثر فاعلية فى معالجة المرض."

ويذكر شعيب: "ما زالت تلك العملية فى مهدها، لكن الهدف الأساسى من تلك العملية هو محاولة اكتشاف كيفية اختلاف استجابة المرضى لعقار معين وتحديد نوعية المرضى التى تستجيب بصورة أفضل للعقار ومعرفة سبب استجابتهم بصورة أفضل من مرضى آخرين. وذلك يساعدنا بالتأكيد فى تصنيع أدوية أخرى تكفل لهؤلاء المرضى الآخرين الحصول على نفس النتائج."

يعمل شعيب حالياً على بحث كيفية تفاعل عقار Oxaliplatin مع الكارنوزين، وخاصة المضاعفات التى تحدث عندما يعوق الكارنوزين امتصاص العقار. ويوضح شعيب: "عندما يعوق الكارنوزين امتصاص العقار، تحدث بعض المضاعفات وفى هذه الحالة إما أن تُمتص تلك المجموعات فى الجسم أو تتكسر إلى أجزاء صغيرة. وفى المعمل نقوم بتكسير تلك المجموعات وتحديد أصغر الأجزاء لتقليد الآلية التى تحدث فى الجسم بالضبط."

يعمل شعيب أيضاً فى بحث آخر يتعلق بتحديد جزئيات أخرى قد تتفاعل مع عقار Oxaliplatin وتعوق امتصاصه وتمنعه من الوصول إلى الحامض النووى الخاص بالخلية السرطانية. وقد يؤدى هذا البحث إلى نتائج أفضل فيما يتعلق بتصنيع العقار بالإضافة إلى علاج مرضى السرطان على نحو أفضل. ويؤدى تطبيق هذه النتائج حال التوصل إليها إلى تخفيض التكلفة الكلية لبروتوكول العلاج لأن المريض فى هذه الحالة، أى حال استخدام نوعية من العقاقير الموجهة - يحتاج إلى جرعات أقل ليستكمل علاجه.
ويقول شعيب: "يجب على الطبيب الذى يلجأ إليه مريض السرطان لعلاجه أن يبحث أولاً عما إذا كان جسم هذا المريض يحمل الكثير من تلك الجزيئات أم لا؛ وإذا اكتشف الطبيب أن هناك الكثير من تلك الجزيئات فى خلايا مريض ما، عليه فى هذه الحالة اللجوء إلى استخدام عقار آخر يلائم حالة هذا المريض بالذات ليكون العلاج أكثر فاعلية."

يأمل شعيب أن تحقق العقاقير الموجهة الجديدة التى تُصنع لتلائم حالة بعينها الكثير من الفاعلية فى علاج مرضى السرطان. وأكد شعيب: "المشوار ما زال طويلاً أمامنا، إلا أن التقدم الذى نحرزه يعتبر مبشراً للغاية. فالاتجاه الجديد الخاص باستخدام العقاقير الموجهة بحيث تكون ملائمة لحالة مريض بعينه تعتبر من الطرق الواعدة فى العلاج والتى من شأنها تغيير كافة المفاهيم السائدة بخصوص علاج بعض الأمراض المزمنة مثل السرطان وإحداث ثورة هائلة فى طريقة علاج هذه الأمراض.














مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة