قال موقع "Can Think" الإسرائيلى المتخصص فى شئون الشرق الأوسط وفى الدراسات الديمقراطية المتجددة، إن الارتفاع التدريجى للقيود والحدود بين الأقليات فى الدول العربية المختلفة تعد إحدى نتائج ثورات "الربيع العربى"، وأن الحالة الخاصة التى تندرج فى هذا الإطار هى الحضور المتزايد للحجاج الأقباط من مصر إلى الأماكن المسيحية المقدسة فى القدس.
وأضاف الموقع الإسرائيلى أن آلاف الأقباط المصريين الذين وصلوا للقدس تحدوا الرأى العام المصرى وطبعوا مع إسرائيل، مشيرا إلى أن قبل "عيد الفصح" وكما يحدث فى كل عام منذ يناير 2011، بدأ الإعلام المصرى يثير تساؤلات حول الزيارات إلى القدس مع السياسة العربية تجاه إسرائيل.
وأوضح عدد من الأكاديميون الإسرائيليين المتخصصين بالموقع الإسرائيلى خلال تقريرها حول هذا الموضوع، أن عادة الحج التى جرت لقرون، بشكل عام فى فترة "عيد الفصح"، هى أحد مصادر فخر الكنيسة القبطية، وأن الحج القبطى- القائم على قصة ذهاب السيدة مريم، ويوسف، والطفل يسوع إلى مصر هربا من الملك هيرودس، المسجلة فى الكتاب المقدس- مثّل العلاقة الخاصة بين الكنيسة فى مصر وبين الأراضى المقدّسة المجاوِرة.
وأشار الموقع إلى أنه كواحدة من الطوائف الصغيرة فى القدس، تحتفظ الكنيسة القبطية المصرية بمِلك متواضع فى "كنيسة القيامة"، يشمل "معبد بئر المياه" الخاص بهيلانة و"معبد الملاك" قرب ما يعرَف بقبر المسيح، وأنه قد أصبح المكانان المذكوران مركزى زيارة وجدانيين بالنسبة للحجاج على مدى أجيال، لكن بعد حرب الأيام الستة – حرب 1967- وفرض السيادة الإسرائيلية على البلدة القديمة فى القدس، انقطعت هذه العادة بشكل مطلق تقريبًا، ولم تُستأنَف حتّى بعد التوقيع على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
وأضاف الموقع الإسرائيلى أنه وفق الموقف الرسمى للكنيسة القبطية المصرية، فإن أتباعها، إلى جانب كونهم "مسيحيين"، فهم أيضا "عرب" و"مصريين" وطنيون، لذلك يرفضون زيارة المدينة المقدسة ما دامت واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلى، وأنه يمكن أن تعتبَر هذا الزيارة "تطبيعًا"، والتى أصبحت مصطلحًا مركزيا فى علاقات إسرائيل بالدول العربية، أى إقامة علاقات "طبيعية" مع إسرائيل والتسليم بوجود كيان ذى سيادة على أراضى فلسطين المحتلّة.
وأضاف الموقع الإسرائيلى، أنه تمت إجازة هذه المقاربة من قِبل بابا الأقباط الراحل، البابا شنودة الثالث، الذى أفتى عام 1981 بأن الحج إلى القدس يجرى فقط إلى قُدسٍ محررة "يدًا بيد مع إخوتنا المسلمين"، وهكذا اختار شنودة، لأهداف ذات صلة بالسلام الوطنى، موقعا إلى يمين جيرانه المسلمين فى مصر خصوصًا والعالم العربى عمومًا، إذ توقّفوا هم أيضًا عن زيارة المسجد الأقصى وقبة الصخرة بعد 1967.
وقال الموقع الإسرائيلى: "فضلًا عن ادّعاء التضامن العربى، ادعت الكنيسة القبطية أيضًا أنه من غير الممكن زيارة القدس، ما دامت المنطقة القبطية التاريخية فى المدينة مسلوبة منها، وتقصد الكنيسة بذلك استيلاء شرطة إسرائيل قبل عيد الفصح عام 1970 على الأملاك القبطيّة فى مركز "دير السلطان" على سطح كنيسة القيامة، حيث استبدل رجال الشرطة الأقفال فى البطريركية القبطية، ونقلوا المفاتيح إلى جيرانهم- رهبان الكنيسة الإثيوبية".
واضاف الموقع الإسرائيلى الذى لا يتبع أى جهة سياسية أو اقتصادية فى إسرائيل ويعمل بحيادية نسبية فيما يتعلق بالشأن العربى والشرق متوسطى، أنه نظرا إلى ذلك العمل، الذى أخل بالوضع القائم منذ أجيال عديدة فى كنيسة القيامة، كسرقة همجية تهدف إلى سلب الطائفة الصغيرة حقّها بسبب انتمائها إلى دولة عدو – وهى مصر فى 1لك الوقت- وجرى النظر إلى نقل المفاتيح إلى الرهبان الإثيوبيين تحديدًا، على ضوء العلاقات المعقّدة بين الكنيستَين إثر الخلاف القديم العهد على منطقة "دير السلطان"، كعمل ساخر كل غايته توطيد علاقات إسرائيل الدبلوماسية مع إثيوبيا تحت حكم "هيلا سيلاسى" على حساب الكنيسة القبطية.
وأكد الموقع الإسرائيلى أنه لم تغير اتفاقية السلام مع مصر التى وقعت فى منتجع "كامب ديفيد" الأمريكى هذا الوضع، بالإضافة إلى النقاشات المتكررة فى المحكمة العليا الإسرائيلية، حول هذا الوضع حتى اليوم.
وأشار الموقع الإسرائيلى إلى أنه فى عام 2001، وردا على دعوة المفتى المصرى الشيخ حسين طنطاوى، المسلمين إلى زيارة المسجد الأقصى فى القدس، حذر البابا شنودة أتباعه من أن الأقباط الذين يزورون القُدس يضعِفون موقف الكنيسة فى شأن "دير السلطان"، مضيفا أنه قد اتّضح أن قوة جاذبية القُدس كبيرة تتخطّى جميع القرارات، حيث أن حظر الحج إلى القُدس هو فتوى غير شعبية بين الأقباط، على أقل تقدير.
وأضاف الموقع الإسرائيلى، أن القليلون من الأقباط واصلوا زياراتهم خفية، فيما أعلن كثيرون أنهم التزموا بالحظر إكرامًا للبابا الراحل فقط، منتظرين الفرصة لإعادة الزيارات إلى طبيعتها وإلى الوعى المصرى.
وأوضح الموقع الإسرائيلى أن الفرصة لم تتأخر لتتحقق، فقد جعل حدثان وقعا عام 2012 مجموعة من الأقباط يحاوِلون استئناف الزيارات إلى القدس، ففى شهر فبراير أثناء انعقاد مؤتمرٍ فى الدوحة، دعا رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، المسلمين والعرب فى العالم إلى زيارة أماكنهم المقدسة فى القدس والتعبير عن دعمهم للشعب الفلسطينى، وبعد ذلك بشهرٍ واحد، رحل البابا "شنودة الثالث"، قبل أن يتمكن من استجابة الدعوة.
وأضاف الموقع أن حوالى 2000 قبطى انتهزوا الفرصة وزيارة المدينة المقدسة فى فترة عيد الفصح فى ذلك العام، وكانت النتيجة مخيبة، فقد عاد الحجاج بخفَى حنين، حيث أُغلق الدير والحصة التابعان للأقباط فى وجههم، ولم يوافق الرهبان على إجراء قداس العيد فى حضورهم، وسارعت البطريركية القبطية فى الإسكندرية إلى التصريح بأن حظر الحجّ باق على حاله بعد وفاة البابا.
وأشار الموقع الإسرائيلى إلى أن الأمر أثار ضجيجًا وجدلًا داخليا لدى الطائفة القبطية فى مصر، وتحولا إلى جزءٍ من الجدل الفقهى والسياسى لدى سياسيين وفقهاء مسلمين حول دعوة الرئيس عباس المثيرة للجدل، لافتا إلى أنه على أية حال، فقد توقّفت الزيارات.
وأضاف الموقع الإسرائيلى أنه بعد بضعة أشهر، لم يتوقف الضجيج حول المسألة كما يبدو، حيث أن البابا الجديد، "تواضروس الثانى"، تم اختياره فى نوفمبر 2012، لقيادة الكنيسة القبطية فى مصر، وسرعان ما واجه المعضلة، ففى الصحافة المصرية، قيل إن هذا كان التساؤل الأول الموجه إليه من أفراد جماعة الأقباط.
وأوضح الموقع الإسرائيلى أنه من أجل بلورة إجابة مدروسة، اجتمع "المجمع المقدّس" للكنيسة القبطية فى مصر برئاسة البابا ليتداول فى المسألة مجدا، وفى النهاية، قرر المجمع، لخيبة أمل كثير من الأقباط، إبقاء القديم على قدمه، وعدم إتاحة زيارة القُدس للأشخاص المعنيين بذلك.
وكانت الاعتبارات مبررة، وفقا للموقع الإسرائيلى حيث أن وضع الطائفة القبطية فى مصر آنذاك كان حسّاسًا إثر تعزيز مكانة الشريعة الإسلامية فى الدستور المصرى الذى كانت تجرى بلورته فى ذلك الوقت فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، وأنه لهذا السبب، آثر زعماء الطائفة عدم التسبب بحساسية لا لزوم لها بين الأقباط وجيرانهم المسلمين.
وأشار Can Think إلى أنه قد قدم أسقف حلوان فى القاهرة، الأنبا بسنتى، بعض العزاء فى مقابلة تلفزيونية قائلا: "كلّ قبطى يحلم بزيارة القُدس، لكن مصر هى القُدس الثانية، لأنها البلاد الوحيدة التى زارتها العائلة المقدَسة وقضت فيها فترة طويلة".
وأشار الموقع الإسرائيلى إلى أنه قبل عيد الفصح عام 2013، عادت إلى العناوين فى مصر مسألة النقاش حول زيارات "المسيحيين" إلى القدس المحتلة، وهذه المرة مع إضافةٍ هامة، حيث نقلت عدد من المواقع الإخبارية الأخرى أن الإعلام الإسرائيلى تحدث أن إسرائيل وعدت بمنح العائلات القبطية التى تصل إليها حق الهجرة، شرط امتلاك وثائق تدل على اضطهادهم دينيًّا على الأراضى المصرية، واستيفاء بعض الشروط الاقتصاديّة والمهنيّة.
ولفت الموقع الإسرائيلى إلى أن تل أبيب اتهمت باستغلال الوضع الاجتماعى فى مصر بشكل تهكمى لتربح داعمين لها بين الأقلية القُبطية، وفى تلك الأنباء، أُفيد أن رجلا يدعى منصور الصموئيلى، يترأس مكتب محامين يعنى بطلبات الهجرة إلى إسرائيل، أكد أنّ 237 قبطيًّا قدّموا طلباتٍ رسمية للهجرة إلى إسرائيل، ومع ذلك، ليست صحّة تلك المعلومات أكيدة، فقد نفتها السفارة المصرية فى إسرائيل جملة وتفصيلًا، كما نقلت قناة العربية التلفزيونية عن مصدر إسرائيلى رسمى قوله إن تلك الأمور لا أساس لها من الصحة، وأنه بدا أن ذلك "السبق الصحفى" هدف إلى تلطيخ سمعة الذين زاروا القدس فى ذلك العام رغم الحظر والتهديد، ومنع آخَرين من الاحتذاء بهم.
وأشار الموقع الإسرائيلى إلى أنه برغم من تلك الجهود إلا أنها لم تُجدِ نفعًا، حيث زار فى شهر فبراير من عام 2013 حوالى 10 آلاف قُبطى القُدس، لافتا إلى أنه فى مصر، يعمل نحو 20 شركة سفر فى تنظيم رحلات للحجاج الأقباط لمدة أسبوع إلى القُدس فى فترة عيد الفصح، وتعمل تلك الشركات بشكلٍ مشابه للشركات التى تسوّق رحلات الحجّ الشهيرة فى العالم العربى، حتّى إنّها تصور السفر على أنه موازٍ من الناحية الدينية للحجّ الإسلامى، ويتراوح سعر رحلة كهذه بين 9 آلاف و10 آلاف جنيه مصرى، وهى مشروطة بالتأشيرة الإسرائيلية طبعًا، التى تُعطى للنساء والأطفال وللرجال المولودين بعد عام 1970.
ونقل الموقع الإسرائيلى مقالا للكاتب القبطى المصرى مجدى نجيب وهبة، فى موقع الإنترنت الذى يديره، "صوت الأقباط المصريين"، قبل عيد الفصح الجارى جاء فيه انتقادا للبابا شنودة ولخلَفه على ذلك، متهمًا إيّاهما بالانجرار إلى النقاش السياسى العربى ضد إسرائيل.
وأنهى الموقع الأكاديمى الإسرائيلى تقريره المطول للغاية قائلا: "تشهد هذه الكلمات التى أطلقها نجيب وهبة، التى تتحدى المؤسسة الكنسية القبطية من جهة وقاعدة النقاش السياسى المصرى من جهة أخرى، على تطوّر فى السلوك السياسى والاجتماعى للأقباط فى مصر، فصحيح أنّ النقاش حول الحجّ القبطى يدور على هامش الأحداث التاريخية التى تعيشها مصر، لكن لهذا السبب تحديدًا يمكن أن يتيح ذلك نظرةً إلى تعقيد تلك الأحداث، ففيما يبدو أن المجتمَع المصرى يعيش عملية سياسية متسارِعة، يعلِن الأقباط أنّ زيارة القُدس شأن دينى محض، ليست له أية معانى سياسيّة، وفيما يبدو أن الشارع المصرى يتطرف فى نظرته إلى قضية التطبيع مع إسرائيل، يجد عدد أكبر وأكبر من المسيحيين والمسلمين أنفسهم يذهبون إلى هناك أو يتعاونون معها، علانيةَ أو سرا"، على حد قوله.
موقع إسرائيلى: آلاف الأقباط المصريين تحدوا الرأى العام وزاروا القدس.. ويكشف: 20 شركة تنظم رحلات للحجاج فى فترة "الفصح" بـ10 آلاف جنيه.. واستيلاء تل أبيب لمركز دير السلطان سبب منع سفر الأقباط
الأحد، 20 أبريل 2014 04:40 م
أقباط مصر يحجون لـ"القدس" أرشيفية