لاشك أن هناك فوائد كثيرة فى السفر والهجرة والترحال ويكفى أن المسافر دعوته مستجابة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن (دعوة الوالد لولده ودعوة الصائم ودعوة المسافر) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهناك مسافر بحثا عن العلم وآخر للترفيه وثالث للحج والعمرة. وإن صيانة النفس والشرف والتقرب إلى الله والبعد عن الفواحش والمحرمات أهم أسلحة المسافر للنجاح فى البلد المهاجر إليها وخاصة عندما يكون المهاجر سيقطن مدة أطول من أجل المال مثلا وهذا النوع هو الأكثر انتشارا فى هذه الأيام نظرا لسوء مستوى المعيشة وقله الاقتصاد ومحاوله الحصول على فرصة عمل ومقابل مادى أفضل فلا عيب ولا خجل من أن يهاجر الفرد لتحسين الدخل المادى.
أما المشكلة فتكمن أساسا فى أن يشعر الشخص المهاجر بأنه فى نظر أهله أصبح مجرد وسيلة وأداة للمال فقط ويحضرنى فى ذلك قصة بسيطة لأحد الزملاء السابقين فعندما أنهى أعماله بعد قصة عمل ناجحة ومتفاوتة ما بين نجاح وكفاح من خلال سنين فائتة من العمر فى الغربة فأراد أن يستقر فى وطنه وبين أفراد أسرته وإذا به لم يستطع أن يقضى مع الأسرة أكثر من شهور معدودة ثم يعود مرة أخرى لما كان عليه والسبب فى ذلك هو الشعور بالغربة وسط أهله لأن سنين الغربة جعلته مجرد وسيلة للمال وضيف يقضى معهم الإجازة فقط كل عام واعتاد الأبناء على مواصلة الحياة بطريقة طبيعية بدونه لأنه بالفعل ليس له وجود حقيقى بينهم سوى أنه مجرد ضيف يأتى محمل كل عام ثم يحسبون له الأيام بينهم كى يعود مرة أخرى وأصبح وجوده معهم بصفة دائمة عائقا أمام تصرفاتهم حيث كبرت الابنة وهو بعيد عنها فلا يستطيع ممارسة دور الأب معها ليسأل عن تحركاتها بدافع الاطمئنان عليها كأب فمجرد سؤاله أصبح عبئا وهكذا الحال بالنسبة للابن لم يتعود على أب يسأله عن سبب تأخيره خارج المنزل لوقت متأخر فالأم هى الأم والأب لهما فاكتشف ذلك الرجل أنه لا يصلح إلا أن يكون وسيلة مادية وضيف خفيف له مهمات خاصة لا يجب أن يتعداها فقرر شد الرحال مرة أخرى للعودة من الغربة الذاتية إلى الغربة الحقيقية.
فما أصعب هذا الشعور المحزن والذى يشعر من خلاله الأب بعد كل هذه الغربة والبعد والحرمان أنه مجرد حصالة للمال وذلك المال أصبح أكثر أهمية للأسرة من الأب نفسه فمن السبب فى ذلك التمزق الشعورى والأغرب من ذلك أنه ليس على الأسرة حرج وليس على الأب حرج فى غربته طالما أنه يسلك السبل المشروعة.. أعتقد أن المشكلة أساسا هى مشكله القائمين على إدارة وطن اختفت فيه فرص العمل وساءت فيه الأحوال المعيشية وارتفعت الأسعار وتدنى فيه مستوى التعليم والصحة وزادت الأوبئة والأمراض.. فمتى تتحسن الأحوال وينتعش الاقتصاد متى نستطيع أن نعيش فى ذلك الوطن الذى لاشك أنه يعيش فينا. اللهم رد كل غائب سالما غانما راضيا ومستقرا لأهله ووطنه.
رمضان زكى معتوق يكتب: عندما يصبح الأب مجرد وسيلة للمال
الأحد، 20 أبريل 2014 04:22 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عيد
عندك حق
والله انت صدق الله ينور ياهندسه
عدد الردود 0
بواسطة:
مفتاح مقاوي
أحسنت قولا
عدد الردود 0
بواسطة:
مفتاح مقاوي
أحسنت يا استاذ