حسنًا فعلت التشريعات الدولية والمحلية عندما اعتبرت «جريمة التعذيب» جريمة أبدية لا تسقط بالتقادم، فالتعذيب هو أبشع أنواع التعامل بين البشر وأدناها درجة، لأن فيه معنى التجرد من الإنسانية والخروج على نواميس الكون، ونحن ننتمى إلى منطقة اشتهرت تاريخياً بممارسة التعذيب ضد الخصوم فى مراحل تاريخية معينة، وكان ذلك فى ظنى ميراثاً للاحتلال التركى ثم الاستعمار الأوروبى عموماً، وهل ننسى طريقة إعدام «سليمان الحلبى» قاتل «كليبر» القائد الثانى للحملة الفرنسية على «مصر»، حيث أجلسوه على «خازوق» يخترق جسده من أسفله لأعلاه حتى يموت تعذيباً، وهل ننسى شهداء مذبحة «دنشواى» الذين أعدموا أمام أهلهم وذويهم على مسرح مكشوف فى قريتهم؟!
وهل ننسى إلقاء «عمر المختار» قائد المقاومة الليبية ضد الطليان من الطائرة؟ إننا نعيش فى منطقةٍ ورثت تقاليد العنف ولم تأنس لمبادئ الرحمة، ولو تذكرنا نماذج التعذيب فى سجون «صدام» أو«القذافى» أو غيرهما ممن حكموا دولاً فى المنطقة، لأدركنا أن «الجلادين» دائمًا جاهزون، إذ ليس المهم فقط من يعطى الأوامر، ولكن المجرم المباشر هو الجلاد الصغير الذى يقوم بالتعذيب ويتفنن فيه! وأنا أظن أن ردع هؤلاء وتحويلهم إلى بشرٍ من جديد هو واحد من أهم واجبات منظمات «حقوق الإنسان»، ويؤسفنى أن أقول: إننى قد سمعت أن أمريكا كانت توفد بعض خصومها فى رحلة تعذيب إلى بعض دول «الشرق الأوسط» للحصول منهم على اعترافاتٍ بارتكاب جرائم وفقًا لاتهامات مسبقة من الجانب الأمريكى، أسأل الله ألا نكون واحدة من تلك الدول.
د. مصطفى الفقى يكتب: التعذيب جريمة أبدية لا تسقط بالتقادم.. والمنطقة العربية اشتهرت فى تاريخها بالإصرار على قهر الخصوم.. ومنظمات حقوق الإنسان لها دور كبير فى إعادة تأهيل الجلادين
الأحد، 20 أبريل 2014 07:54 ص
د. مصطفى الفقى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شهرزاد
هيما هيزعل منك