صدر مؤخرًا عن مؤسسة هنداوى، بالتعاون مع كلمات للترجمة والنشر، ضمن سلسلة "مقدمة قصيرة جدًا" النسخة العربية من كتاب "الوجودية" من تأليف "توماس آر فلين" ونقله إلى العربية مروة عبد السلام، ومراجعة محمد فتحى خضر، ويقع الكتاب فى 152 صفحة من القطع المتوسط.
الوجودية هى إحدى الحركات الفلسفية الرائدة فى القرن العشرين، وقد كان تأثيرها على الآداب والفنون أكبر من تأثير أى مدرسة فكرية أخرى، وفى هذا الكتاب يقدم توماس فلين عرضًا موجزًا لجوهر فلسفة الوجودية، ويشرح أفكارها الأساسية، مثل الفردية، والإرادة الحرة، والمسئولية الشخصية، وهى الأفكار التى تميز الوجودية كأسلوب حياة، وليس فقط كأسلوب للتفكير، كل هذا مع التركيز على رواد الفلسفة الوجودية فى العالم، ومن بينهم فردريك نيتشه، وجان بول سارتر، ومارتن هايدجر، وسورين كيركجارد، وسيمون دى بوفوار، وموريس ميرلوبونتى، وألبير كامو.
شاع ارتباط الوجودية بالمقاهى الباريسية فى ليفت بانك و"عائلة" الفيلسوفين: جان بول سارتر وسيمون دى بوفوار، التى اجتمعت هناك فى الأعوام التى أعقبت مباشرة تحرير باريس فى نهاية الحرب العالمية، ويتصور المرء مفكرين غير تقليديين وطليعيين، لا تفارقهم السجائر، يستمعون إلى موسيقى الجاز وهم يناقشون فى حرارة تبعات حريتهم السياسية والفنية المكتسبة حديثًا، يسودهم مزاج الحماس والإبداع وتحليل الذات القلق، والحرية.. دائمًا الحرية.
ويقول "توماس" على الرغم من أن هذا يعكس الصورة التى تروج لها وسائل الإعلام اليوم ويجسد – بلا شك – روح العصر، فإنه يخفى الدلالة الفلسفية للفكر الوجودى مصورًا إياه كظاهرة ثقافية مرتبطة بفترة تاريخية معينة، ربما يكون هذا هو الثمن الذى يدفعه أسلوب فكرى يميل إلى النظر إلى الفلسفة نظرة مادية بدلاً من نظرة مجردة وخالدة.
كانت رغبة الوجوديين فى الارتباط بالعصر سببًا فى التزامهم الاجتماعى والسياسى، لكنها ربطتهم أيضًا بمشكلات زمانهم، ودعت الأجيال اللاحقة إلى النظر إليهم كظاهرة عفى عليها الزمن.
هذا سوء تفسير للفكر الوجودى – كما يوضح توماس – فلو كانت الوجودية تحمل آثار ظهورها بعد الحرب، فإنها على الأقل – من حيث كونها أسلوباً للتفلسف والتعامل مع الموضوعات المهمة فى حياة الناس – قديمة قدم الفلسفة نفسها، وهى معاصرة شأن الحالة الإنسانية التى تعكف على دراستها.
وتوماس آر فلين، أستاذ الفلسفة بجامعة إيمورى بالولايات المتحدة، اشترك فى وضع العديد من المؤلفات عن سارتر، وله العديد من الأعمال المنشورة، منها "سارتر والوجودية الماركسية: الحالة النموذجية للمسئولية الجمعية".