هل هناك موقف ألمانى - أوروبى من مصر بمعزل عن الموقف الأمريكى؟ ..وما هى الحقيقة وراء ما يُقال حول الدعم الألمانى الأوروبى غير المحدود للإخوان المسلمين، وحقيقة ما يشاع حول صفقة إخوانية أمريكية برعاية أوروبية أو العكس؟ .. أسئلة عديدة تطرح نفسها بشأن العلاقة المصرية الألمانية الأوروبية، لم تجد رسميًا حتى الآن من يجيب عنها صراحة، فى حين يجرى الإجابة عنها تلميحًا فى كل مناسبة يلتقى فيها مسئولون من البلدين.
وبداية فقد مثل الموقف الألمانى- الأوروبى منذ يناير ٢٠١١ لغزًا لكثيرين، لم يكن من السهل فك رموزه، خاصة بعد أن سرب مسئولون ألمان للمصرين رسميًا ما يفيد بأن الموقف الألمانى الذى عبر عنه وزير الخارجية الألمانى السابق بشأن ما حدث ويحدث فى مصر منذ نهاية يونيو ٢٠١٣ لا يمثل بالفعل الموقف الألمانى الرسمى، وإن المستشارية تتبنى موقفًا آخر، لا تستطيع الإفصاح عنه قبل الانتخابات الألمانية الأخيرة، وهو ما فُسًر حينها بأن المستشارة تترك لنفسها الحرية فى وضع قدم هنا وقدم هناك فى المسالة المصرية، كى لا تحرج مع حليفها الحكومى بعد الانتخابات، خاصة وأنها تدرك الأسباب الحقيقية التى دفعت وزير الخارجية السابق فيستر فيله من تبنى الموقف الأمريكى على طول الخط مما حدث ويحدث فى مصر.
وحقيقة الأمر فالموقف الألمانى الأوروبى من الجماعات الإسلامية حتى يونيو الماضى، بنى بالدرجة الأولى على الموقف الأمريكى منها الذى يرى - منذ عام ٢٠٠٢، أن القوى الإسلامية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين هى القوى الأكثر تنظيمًا فى المنطقة العربية ويمكن التعاون والاعتماد عليها فى حل قضايا دولية عديدة فى المنطقة العربية وخارجها، خاصة بعد أن جرى اختبار قدرتها على حشد أطراف وجماعات وعناصر إسلامية بعينها طيلة العشر السنوات الأخيرة لإبقاء الوضع مشتعلاً بشكل ما فى أكثر من منطقة خاصة تلك الواقعة ضمن مناطق النفوذ الروسية.
فى كل الأحوال ضغطت واشنطن والاتحاد الأوروبى على مصر تحديدًا منذ عام ٢٠٠٢، لإدخال الإخوان فى المعادلة السياسية المصرية والسورية على وجه الخصوص، بالرغم من أن نظام مبارك حينها كان يطلق على الإخوان المسلمين الجماعة المحظورة ، واستمرت الضغوط الأمريكية الأوروبية على نظام مبارك حتى قبل بمشاركة الإخوان على قوائم مستقلة فى انتخابات ٢٠٠٥، وقيل حينها فى الغرب أن واشنطن ترغب فى قياس قوة الإخوان بشكل عملى فى الشارع المصرى قبل منحها الضوء الأخضر للعمل على استلام السلطة فى أكثر من بلد عربى، فى إطار صفقة تشمل إعادة فك وتركيب عدد من الدول العربية خاصة تلك المحيطة بإسرائيل .
ما حدث فى ٢٠١١ وتحت ضغط عناصر بعينها فى الإدارة الأمريكية والأوروبية دفع الإدارة الأمريكية لتصديق ما أشيع وقتها حول الدور الرئيسى للإخوان فى تحريك الشارع المصرى، علاوة على أن السفارة الأمريكية فى القاهرة تعمدت نقل أخبار مغلوطة حول استعداد عناصر الإخوان، لإدخال البلاد فى حالة من الفوضى المتزامنة مع وقف الملاحة البحرية فى قناة السويس بالعنف وبالمشاركة مع جماعات مسلحة عربية، بعد تسلم الإخوان للسلطة جاء وقت الاستحقاقات وتسديد ما توجب على الإخوان القيام به مقابل وصولهم للحكم، ليس فقط فيما يتعلق بمصر، بل أيضًا فيما يتعلق بسوريا والقضية الفلسطينية ودول أخرى، وهو ما رفضه الجيش المصرى بكل حسم وأدى إلى كل ما حدث بعد ذلك.
المعلومات المتوفرة هنا تشير إلى أن التباين فى الموقف الألمانى عن نظيره الامريكى بدا بالفعل عقب تفجر فضيحة التجسس الأمريكية على الألمان، والتى تضمنت ليس فقط التجسس على مكالمات المستشارة الألمانية مع بعض زعماء العالم، بل تضمنت فى شق منها تجسس المخابرات الأمريكية على معلومات حول علاقة الألمان بزعامات إخوانية ليس فقط تلك التى عاشت لفترات طويلة فى ألمانيا وتعاونت مع أجهزتها الأمنية فى أفغانستان وطاجكستان والشيشان، بل أيضًا زعامات اخرى تربطها علاقات وثيقة بسياسيين ألمان من بينهم عصام الحداد ، وربما هذا ما يفسر الاستمرار فى المطالبة الألمانية الأمريكية بالإفراج عنه أو حتى التحدث معه تليفونيًا، أى أن واشنطن كانت ترغب أيضًا فى معرفة حجم ما تسرب للألمان من الزعامات الإخوانية المقبوض عليها فى مصر ، والذى ستعرفه سلطات التحقيق المصرية بالضرورة حول تورط واشنطن فى دعم عمل الإخوان فى هذا البلد أو ذاك، خاصة تلك الدول التى اعتبرت تاريخاً حليفة لواشنطن.
علاوة بالطبع على سوريا والتى ساهم الإخوان - بمساعدة مالية قطرية فى نقل وتهريب عشرات الآلاف من إسلاميى وإرهاببى الدول المذكورة إليها فى بداية الأحداث بها.
هنا بدأ التباين الحقيقى مما يحدث فى مصر فى الموقف الأوروبى عن نظيره الأمريكى ، لكنه تباين ظل طيلة الوقت مرتهناً بالتطورات التى تحدث فى مصر، خاصة بالدستور والاستفتاء والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويرى الألمان أن الأوروبيين عمومًا يعتقدون أن المصريين يسيرون برغم كل شيء على الطريق الصحيح، لكن الضغط الأمريكى مستمر ويضطرهم لإبقاء التباين المذكور ضمن حدوده الدنيا، على أمل أن يتغير الموقف الأمريكى بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة فى مصر.
أخيرًا فقد ألمح لى أحد السياسيين هنا إلى أن المصالح الأوروبية الألمانية تقتضى عمليًا تسريع حدوث استقرار فى مصر، فبقاء الوضع طويلاُ على ما هو عليه لن يزيد فقط فى نقل التوتر الحاصل فى مصر عبر الجماعات والتيارات الإسلامية إلى أوروبا، بل أيضًا سيزيد من عمليات الهجرة غير الشرعية عبر البحر وهو ما لا تريده أوروبا ولا تستطيع تحمل نتائجه تحت أى ظرف، وبهذا الخصوص - حسبما قال - فقد يكون من الأفضل لنا ولمصر على السواء انتخاب شخصية قوية ومدعومة شعبياً تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعى فى مصر، وتساهم إقليميًا فى حل كل القضايا المتفجرة فى المنطقة .
عدد الردود 0
بواسطة:
مريم يوسف
قراءة واعية وتحليليه لللموقف الغربي - قلما نراها في الصحف المصرية
عدد الردود 0
بواسطة:
حمزه عواد
ترجموا وانشروا كل ما كيب فى الغرب عن الاخوان وتعاملهم مع كافة اجهزة مخابرات الغرب
عدد الردود 0
بواسطة:
ليلى همام
الفكر الفاشى العنصرى الارهابى للاخوان كان يتخفى خلف نظام الحكم الديكتاتورى كتمويه عن فساد