أصيبت إسرائيل والولايات المتحدة بالصدمة وخيبة الأمل من قرار الرئيس الفلسطينى، محمود عباس أبو مازن، مساء أمس الثلاثاء، بالتوجه للأمم المتحدة، والتوقيع على 15 معاهدة دولية، والانضمام لعدد من الهيئات الدولية، فيما صعد عدد من مسئولى الحكومة الإسرائيلية من لهجتهم ضد القيادة الفلسطينية.
وسارعت إسرائيل فى اتهام عباس بفشل المفاوضات، فى أعقاب الخطوة الأخيرة بعد توجهه إلى الأمم المتحدة، والتى ألغى بعدها وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، زيارته التى كانت مرتقبة اليوم، الأربعاء، إلى رام الله.
وفى السياق نفسه، قال وزير شئون الأسرى، عيسى قراقع، فى بيان له أرسل لـ"اليوم السابع" نسخة منه، إن القرار التاريخى والمهم الذى اتخذه الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية، بانضمام فلسطين كدولة عضو مراقب فى الأمم المتحدة إلى 15 منظمة واتفاقية دولية، يرفع من المكانة القانونية للأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال، ويثبت صفتهم القانونية كمحاربين شرعيين ناضلوا ضد الاحتلال، وتنطبق عليهم اتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة.
وأضاف "قراقع"، أن هذه الخطوة الفلسطينية تعنى التحرر من قوانين الاحتلال العسكرى، والتأكيد أن الأراضى الفلسطينية مازالت تحت الاحتلال وتنطبق اتفاقيات جنيف الأربع على الأراضى الفلسطينية، خاصة الاتفاقية الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب المؤرخة فى 12 أغسطس من عام 1949 وانطباق اتفاقيات جنيف الأربع والقانون الدولى الإنسانى وعدم تنصل دولة الاحتلال من التزاماتها.
وأوضح "قراقع" بعد انضمام فلسطين إلى اتفاقيات جنيف الأربع، أصبح الآن مطلوباً من الدول السامية الأعضاء بالاتفاقية التحرك لإلزام إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات على الأراضى الفلسطينية والأسرى بالسجون، وتفعيل آليات المحاسبة القانونية على انتهاكات إسرائيل الجسيمة لهذه الاتفاقية.
وأشار "قراقع" إلى أن الانضمام إلى اتفاقيات جنيف تأكيد على مشروعية كفاح الشعب الفلسطينى، ورفض التعاطى مع الأسرى كمجرمين، وإنما كأسرى من أجل الحرية وتقرير المصير، ويحدد القانون الدولى حقوقهم وليس مجموعة القوانين العسكرية الإسرائيلية.
ولفت الوزير الفلسطينى إلى أنه قد أصبح الآن من حق الأسرى، بعد أن أصبحوا أسرى دولة محتلة، أن يحظوا بوضع أسرى الحرب وأسرى محميين بموجب اتفاقيات جنيف، بعد أن أصبحت فلسطين طرفا فى اتفاقيات جنيف على أساس أنها دولة.
وأشار "قراقع" إلى حقوق كثيرة يكتسبها الأسرى من اتفاقيات جنيف، أبرزها عدم مشروعية احتجازهم فى داخل البلد المحتل حسب المادة 76 من الاتفاقية، إضافة إلى تحريم محاكمة الأسرى بطريقة تعسفية وتوفير العناية الطبية للأسرى والظروف الإنسانية والمعيشية الملائمة، وحرمان اعتقال الأطفال القاصرين وتجريم استخدام التعذيب، وغير ذلك من الأحكام التى توفر الحماية للأسرى، وعدم فرض الإجراءات العسكرية الإسرائيلية عليهم.
وقال "قراقع"، إن وجود فلسطين ضمن الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان وضمن منظومة الأمم المتحدة والتصديق على المعاهدات سيمكنها الآن من تفعيل القوانين الدولية كمرجعية، وتقديم الشكاوى على جرائم ارتكبها الضباط والمسئولون الإسرائيليون، حيث أصبحت إسرائيل كدولة قائمة بالاحتلال تحت طائلة المساءلة، وهذا يساهم فى عزل إسرائيل دولياً.
وشرح قراقع أن هناك ما يقارب 500 أسير عسكرى يقبعون فى سجون الاحتلال، تنطبق عليهم شروط اتفاقية جنيف الثالثة، أما باقى الأسرى الآخرين لدى الاحتلال فإنهم محميون بموجب الاتفاقية الرابعة، مشيراً إلى انطباق اتفاقيات جنيف الرابعة على المعتقلين غير العسكريين حيث يمنع اعتقالهم خارج الأراضى المحتلة ويمنع إبعادهم ويمنع استخدام الاعتقال الإدارى التعسفى، وكذلك يفرض شروط المحكمة الدولية، مما يعنى أن الأحكام التى صدرت ضد المعتقلين يمكن إلغاؤها كون المحاكم العسكرية الإسرائيلية لا تنطبق عليها أى معايير دولية، وكذلك تمنع الاتفاقية احتجاز جثامين الشهداء، أما انطباق اتفاقيات جنيف الثالثة والبروتوكول الأول على الأسرى العسكريين واعتبرهم أسرى حرب فإنه يغير كل شىء فى الوضع القائم، ويفرض رقابة دولة حامية على ظروف احتجازهم، وتعتبر المخالفات الجسيمة للاتفاقية جرائم حرب يلاحق مرتكبوها من الإسرائيليين.
وقال تفرض اتفاقية جنيف الثالثة الإفراج عن الحالات التى تعانى من أمراض أو إعاقات إلى بيوتهم، وتمنع معاقبة الأسرى وقمعهم وتوفر لهم حقوقا إنسانية عديدة.
وذكر "قراقع" أن هناك أهمية أخرى نص عليها البرتوكول الأول فى المادة 90 من الاتفاقية تقضى بتشكيل لجنة تقصى حقائق دولية مكونة من 15 عضوا، يتم اختيارهم كل خمس سنوات من قبل الدول الأطراف فى اتفاقيات جنيف.
فيما شنت وسائل الإعلام والصحف والمواقع الإلكترونية الإسرائيلية هجوما حادا على السلطة الفلسطينية، بعد قرار الرئيس الفلسطينى، مشيرة فى الوقت نفسه إلى الـ"صفقة" التى وافق عليها كيرى ونتانياهو بتمديد المفاوضات حتى يناير 2015، مقابل إطلاق سراح الأمريكيين للجاسوس الإسرائيلى "جوناثان بولارد"، وتوافق إسرائيل على إطلاق سراح 26 أسيراً، من بينهم 14 من عرب 48، بالإضافة إلى 400 أسير فلسطينى آخر ليسوا متهمين بقتل إسرائيليين، وفى المقابل، يوافق الفلسطينيون على استمرار المشاركة فى المفاوضات وعدم التوجه للأمم المتحدة.
وقال موقع "مكور" الإخبارى الإسرائيلى، إنه من أجل نجاح هذه الصفقة، يجب أن تتحقّق ثلاثة أمور وهى: أن يوافق الأمريكيون على إطلاق سراح بولارد، وأن يوافق الإسرائيليون على الصفقة، وأن يوافق الفلسطينيون على تمديد المفاوضات.
وأضاف الموقع الإسرائيلى، أنه رغم ذلك، وقع عباس مساء أمس على توجه لـ15 مؤسسة تابعة للأمم المتحدة، مما أدى إلى إلغاء زيارة كيرى للمنطقة، فيما رفض الإسرائيليون والأمريكيون هذه الخطوة، ولكنهم لم يسارعوا حتى اللحظة فى الإعلان عن انفجار المفاوضات، على حد قوله.
فيما أوضحت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى، أن استمرار المفاوضات مهم جداً بالنسبة لإسرائيل أمام الضغط الدولى، خاصة أمام المقاطعة الأوروبية.
وقالت القناة الإسرائيلية، إن هناك ضغطاً أمريكياً كبيراً يمارس على عباس، ويحاول كيرى التأثير على الفلسطينيين، من وراء الكواليس، عبر قنوات سرية لم يتمّ الإعلان عنها، مضيفة أن مسئولين أمريكيين أكدوا اليوم أن كيرى قد استنفد جهوده، وأنه على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يجدوا حلاً، موضحة أنه من المحتمل أن تكون هذه هى النهاية المطلقة لجولة الجهود الحالية للوصول لتسوية ما فى الصراع الأبدى بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وكان قد وقع الرئيس الفلسطينى، مساء أمس الثلاثاء، على وثيقة للانضمام إلى 15 معاهدة ومنظمة دولية، رداً على تأخر إسرائيل فى الإفراج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، ومن المحتمل أن يعزز قراره موقف الفلسطينيين فى الهيئات الدولية ضد إسرائيل والولايات المتحدة اللتين تعارضان، منذ وقت طويل، أى إجراء أحادى الجانب.
وكان كيرى قد قام بزيارة غير معلنة للقدس المحتلة، أمس الأول الاثنين، فى محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة الراهنة، من خلال طرح اتفاق يشمل الإفراج المحتمل عن الجاسوس الإسرائيلى جوناثان بولارد الذى سجن فى الولايات المتحدة فى الثمانينيات ومئات الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، بالإضافة إلى تجميد جزئى للاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة، وكان يأمل فى الانتهاء من الاتفاق بحلول يوم الأربعاء.
ومن ضمن الوثائق التى وقع عليها عباس معاهدة جنيف التى ترسى معايير القانون الدولى للحرب والاحتلال، وبتوقيع هذه المعاهدة يعطى الفلسطينيين أساسا أقوى للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفى نهاية المطاف تقديم شكاوى رسمية ضد إسرائيل على استمرار احتلالها لأراض استولت عليها فى حرب عام 1967.
وتعارض إسرائيل والولايات المتحدة أى تحرك من جانب الفلسطينيين للانضمام إلى منظمات دولية قائلتين، إن السبيل الوحيد الذى يمكنهم عن طريقه تحقيق دولة ذات سيادة هو المفاوضات المباشرة، وكان الكونجرس الأمريكى تحرك من قبل لوقف المعونات المالية إلى الفلسطينيين حينما انضموا إلى مؤسسات دولية.
غضب إسرائيلى من خطوة عباس بالتوقيع على المعاهدات الدولية.. "فتح" والفلسطينيون يشيدون بالقرار التاريخى.. وتل أبيب تصعد لهجتها ضد رام الله.. و"قراقع":يجب معاملة الأسرى وفقا لاتفاقيات "جنيف" كـ"أسرى حرب"
الأربعاء، 02 أبريل 2014 01:58 م
الرئيس الفلسطينى محمود عباس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة