غادة عيسى تكتب: المصعد

رائحه عطرة هاجمت حواسها بلا هوادة ..
عطر "برى" كحصان عربى اُطلِق من عقالِه..
بلا وعى منها تنفست الرائحه بجشع..
مد يده لزرار المصعد ليُغلقه..
دبوس انيق لمع على كُم بدلته الرمادية ..
صوت عميق ذو نبرة كسولة سألها :
"أى طابق تقصُديِن ؟ "
رفعت ببطء إليه ناظريها..
تخبّط قلبها بين جوانحها كعصفور..
حدقّت فى ملامحه هائمه..
بحثت فى عقلها عن رقم قرر ان يهجُر مُخيلتها الأن !!
استوعبت تغيُر نظره التساؤل فى عينيه
إلى ابتسامه "عارفه" على زاويه فمه !!
غارقه فى خجلها...
غمغمت رقما لطابق أو حسبت انها فعلت !!
ضغط الرقم و انضغطت معه حنايا قلبها الذى فُتِن به..
وجدت نفسها دُميه مُعّلقه على خيوط المصير !!
انزلت وجهها و استطلعت ساعه يدها..
أرادت ان تبدو مُنشغِله.. فاستغاثت بعقارب الزمن !!
لتكتمل مأساتها.. سألها عن الساعه ؟؟
رفعت رأسها و حدقت فى العينين المغناطيسيتين
و تمتمت بلا وعى : " لا أدرى" !!
رفع حاجبيه غير مُصِدّقِ حتى كادا ان يُقابلا منابِت شعره..
ضحكته المقهقهه..استدّعت قطرات العرق على جبينها ..
-"ماذا ؟!": سألها بصوت مُغلفّ بالدهشه..
متضايقه, اشاحت بوجهها عنه..
بصوت حمّلته كل كدرها استطردت :
" قلت لا أدرى ما الوقت بالضبط "
أحست بيد تلمس كفها بحنان..
و صوت هامس يُتمتِم بجانب اذنها :
" أعتقد انَه وقت لِقاءنا بالضبط !!"