مسابقات لأفضل مغنى واكتشاف مواهب جديدة فى الغناء ومسابقات للرقص وبرامج تحتوى على مضمون ترفيهى غريب كتعذيب المتسابق، أو توجيه رسالة إلى ضيف البرنامج كشكل من أشكال الاتهام الذى ينتقد الضيف بشكل مستتر، والذى ينتهى بأنه مقلب فى الضيف تحت شعار "كنا بنهزر معاك"، وغيرها مما شاهدناه ونشاهده يوميا تجد شعبية لها لما تقوم به من ترويج وإعلانات ودعاية لها، وكلها تصب فى مضمون واحد وهو المضمون الترفيهى تحت مبدأ ما الذى يجب أن يكون ترفيهيا، وليس ما يجب أن يقدم للجمهور، وينهض بعقولهم، وتتسابق القنوات تحت هذا الشعار فى تقديم كل ما هو جديد من هذا النوع من البرامج، والتى تغزو حياتنا بشكل يومى.
هذه البرامج ما هى إلا صورة مكررة، أو ما يطلق عليه النسخة العربية من البرامج الترفيهية التى تقدم فى الغرب، والذى له ثقافة تختلف عن ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا فى وقت نحن بحاجة إلى أن نبنى العقول، وإلى من ينير عقولنا، ويطرح الموضوعات والمشكلات بحيادية وموضوعية دون أن يفرض علينا اتجاها معينا.
لم نقف إلى هذا الحد فقط من المستوى الثقافى فى التشبه بالخارج فيما يقدم، بل امتد إلى الأعمال الدرامية، كما فى المسلسلات التى نشاهدها، والتى قد تكون بعيدة عن واقعنا لما بها من أحداث تدور فى جو من المستوى الاجتماعى الذى يتسم بالرفاهية، سواء فى الشخصيات أو الديكورات أو أماكن التصوير أو الملابس، ناهيك عن الألفاظ التى نسمعها، والتى هى بعيدة كل البعد عن المواطن المصرى البسيط وحياته الحقيقية ومعاناته ومشكلاته اليومية.
لم يسلم قطاع السينما من هذا التغيرات فى الثقافة والفكر، بل أصبح هناك نوع جديد من الثقافة، وهى ثقافة شباك التذاكر بعدما كان يتم اختيار قصة الفيلم وأبطاله وأماكن التصوير بعناية، حيث أصبحت الأعمال الفنية كالأفلام بلا مضمون، مجرد مغنى يؤدى أغنية جديدة، وراقصة تقوم بحركات مثيرة وممثل ذا أداء دون المستوى، وقصة بلا معنى أو هدف أو مضمون ليس إلا تصوير لشكل من أشكال الانحراف والبلطجة، فى محاولة لإقناع المشاهد بأن هذه المهزلة هى الواقع المصرى، وكل هذا نشاهده ويشاهده أولادنا، ولا عزاء للرقابة.
إلى جانب البرامج الحوارية، والتى لا تختلف من مقدم إلى آخر سوى اختلاف الديكور، إننا نحتاج إلى مضمون ثقافى يحمل أفكارنا وثقافتنا وهويتنا، ولا نحتاج إلى التشبه بالثقافة الدخيلة على مجتمعنا، فمصر كانت منبرًا للثقافة والأدب فى عهود سبقت نهض بها أدباء ومفكرون وكتاب كنجيب محفوظ وطه حسين وأحمد شوقى وغيرهم فى شتى المجالات الثقافية.
وفى النهاية لا نملك سوى الدعاء بالرحمة لهم، ولن ننسى الدعاء لنا بالرحمة لما نمر به ونراه كل يوم.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة