يحتار البعض فى تلك المعادلة الغريبة التى تجعل مصر بلدًا تطل على البحر المتوسط والبحر الأحمر وقناة السويس، وبها ثلث آثار العالم، وشمس مذهلة تستطيع توليد طاقة شمسية مهولة، وبترول، وسياحة، وأيدى عاملة، وتربة خصبة، ومناجم، وحضارة عريقة، والعديد من الموارد التى تجعلها فى مصاف الدول المتقدمة ومع ذلك أغلب شعبها يقبع تحت خط الفقر، لعل تفسير هذه المعادلة الغريبة والمتناقضة يرجع لتناقض سلوكيات المصريين أنفسهم.
فنحن شعب متناقض فى سلوكياته وأفعاله وأقواله بدرجة عالية جدًا، وآسف أن أقول إننا شعب مُدّعى.
إذا وقف أحدنا فى طابور ووجد شخص يخترق هذا الطابور، حيث إن لديه "واسطة" فدخل قبل الجميع، فإننا نهلل ونعترض ونطالب بتطبيق القانون واحترام الدور، فى حين أن هذه "الواسطة" لو أتيحت لأحدنا فلن يتردد ثانية واحدة فى استغلالها مخترقًا الدور والطابور، وإذا اعترض أى شخص عليه فإنه ينظر إليه بنوع من الدهشة متهمًا إياه بالحقد.
نحن ندّعى التدين مع أن الشوارع ممتلئة بالمعاكسات والتحرش والسباب والشتائم والسرقات.
كلنا انتقدنا هيفاء وهبى على فيلمها الأخير، حيث إن به مشاهد مشينة، لكن لو جاءت أى فرصة لمشاهدة الفيلم فلن نتردد فى مشاهدته، معللين ذلك بأنه من باب العلم بالشىء، وحتى يمكننا أن نحكم على الفيلم جيدًا بدلاً من الحكم عليه غيابيًا!
نحن شعب انقسم سياسيًا نصفين، كل نصف ينتقد ما يفعله النصف الآخر، مع أنه يقوم بنفس تصرفاته!
نحن شعب يدّعى أن ليس لديه وقت للقراءة والاطلاع أو ممارسة الرياضة، بالرغم من أننا نجلس أمام التلفاز والفيسبوك ليل ونهار!
إذا دخل أحدنا إلى أى مغسلة سيارات (مثلا) سيجد كما هائلا من المياة المهدرة على الأرض بلا داعى، ثم نشكو من الفقر المائى.
نرمى القمامة فى الشارع، ونتعجب من منظره السيئ حين نمشى فيه.
عدد إعلانات الوظائف الخالية كثير جدًا، تمامًا مثل عدد الشباب العاطل!
توجد آلاف الشقق والعمارات والأبراج الخاوية، وأكثر من نصف الشعب يبحث عن سكن!
كل هذه التناقضات (وما لم يُذكر أكثر)، ولا نعلم كيف نعيش تحت خط الفقر مع أن إمكانياتنا ومواردنا متعددة.
أسأل الله عز وجل أن ينير بصيرتنا، ويهدينا ويصلح حالنا.
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة