طالب الدكتور عباس شومان وكيل شيخ الأزهر الشريف، أهالى "الدابودية والهلالية" بمدينة أسوان، أن يثبتوا للعالم كله أنهم أهل عفو وصفح، وأن يحكموا صوت العقل، ويقدروا مصلحة الوطن، ومصلحة دينهم.
وقال شومان، خلال خطبة الجمعة، بمسجد دار الضيافة بمنطقة الشعبية بالسيل الريفى، والتى وقعت فيها الأحداث الدامية شرق مدينة أسوان، "اعلموا جميعاً أنه لن يفلت مجرم من العقاب، وإن أفلت فى الدنيا، فلن يفلت بجريمته فى الآخرة من رب العالمين"، مضيفاً بأن الذى ينتصر ينتصر على نفسه، والذى ينهزم بنفسه وعلى نفسه، فانتصروا لأنفسكم بمعاليكم وتمسككم بأخلاقكم السامية فى كتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، واحتكموا إلى العقلاء، فكل من سمع ما حدث فى بلدكم يقول ليس هذا من أخلاقكم ولا من طبائعكم، سواء من يعرفكم أو من لا يعرفكم، فأثبتوا للناس أنكم أهل له".
وأوضح شومان موجهاً حديثة للجميع، "أنكم أهل أسوان، تستحقون كل هذا الاهتمام، مشيراً إلى تحرك الدولة بكبارها، ومسئوليها للسفر إلى أسوان واللقاء بكم".
وقال شومان، "أشهد الله أننى استمعت إلى رئيس الجمهورية يتحدث لشيخ الأزهر بخصوصكم أكثر من مرة، وهذا تقدير لكم، وما من مسئول فى الدولة إلا وسعى إليكم، ويسهر الليل ليخرجكم مما أنتم فيه، بشبابكم ورجالكم ونسائكم ومستقبلكم، فعودوا إلى ما كنتم فيه، واطلبوا الأجر والثواب من الله عز وجل، واضربوا المثل والقدوة الحسنة، لسائر المصريين والمسلمين".
واستكمل حديثه، قائلاً "أشهد بصدق ما قاله الناس عن كرم وطيبة شعب أسوان، والناس جميعاً يترقبون إثبات هذا على أرض الواقع، لتثبتون أنكم أكبر من الفتن، وأكبر مما يضلل الناس، وتثبتون أيضاً أنكم أكبر من فتنة تأكل اليابس والأخضر، وهكذا أراد شياطين الإنس، لكن هيهات فصوت العقل سينجلى وكرم الأخلاق سيسمو، أنكم أهل عفو وصفح".
فيما دارت خطبة الجمعة حول موضوع حقن الدماء والتسامح بين المتخاصمين، قائلا "إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم حتى لو حدث بينهم قتال وشقاق حيث أن الخروج من هذا الشقاق مطلوب".
وتابع أن القصاص فى القتل حق شرعى، ولكن من عفى وأصلح فأجره على الله، وان القصاص مشروع ولكن بضوابط معينة بان توكل مهمته لأولى الأمر والسلطات المسئولة وليس بأيدى البشر، إلا وتحولت مصر إلى غابة يأكل فيها القوى الضعيف.
واستطرد قائلاً "إن من ترك قصاصه لله وكظم غيظه تولى رب العزة الدفاع عنه، ومن يتولى الله الدفاع عنه لن ينهزم، مضيفاً أن العفو والمسامحة والصفح من شيم الكرام والحقد والغل من شيم اللئام وأن الفتنة أشد من القتل".
وأكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أنه لا يخفى على أحد أن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية "حفظ النفس البشرية"، ومن هنا كانت المحافظة على حياة الإنسان وصحته وعدم الإضرار بها جزئيًّا أو كليًّا، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العليا التى جاءت الشرائع لتحقيقها، وهى حفظ النفس والعرض والعقل والمال والدين؛ فلم تكتفِ بجعلها حقًّا للإنسان، بل أوجبت عليه وعلى غيره اتخاذ الوسائل التى تحافظ على حياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر.
وشدد على أن السبب الرئيسى فيما حدث بأسوان هو انتشار بعض الأفكار البعيدة عن تعاليم الإسلام، وهو ما أوجب على الأزهر وعلمائه أن يتحملوا المسئولية لتوضيح الحقائق للجميع، والتأكيد على أن حفظ النفس الإنسانية هو من مقاصد الشريعة الإسلامية.
وشدد على أن هذا الدين العظيم بين مدى خطورة الدم وقتل النفس على المجتمعات كما ورد فى القرآن الكريم "أنه من قتل نفس بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا"، وليعلم الجميع خطورة الوقوع فى هذه الفتن، وهو الأمر الذي يتطلب الوقوف على دعوى القرآن للحفاظ على صورة الإسلام، التى تشكل جوانبه لدى الغرب فيراه الغربيون أنه دين دموى وأهله حمقى.
كما شدد وكيل الأزهر على ضرورة الاحتكام إلى القضاء، لأنه السبيل الشرعى الوحيد لرفع المظالم والفصل فيها حتى ينجلى الحق، وقد ضرب النبى أروع الأمثلة فى العفو والصفح وكظم الغيظ، ولعلنا نرى كيف كان حاله لحظة فتح مكة والذى لقى منها ما لقى من ألوان التعذيب والإيذاء؛ لكن جاءت سماحة الإسلام بما لا يتوقعه الأعداء حيث العفو العام "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ولما كان رسول الله القدوة الحسنة نتعلم منه العفو والسماحة فى حقن دماء المسلمين التى تسال بين الحين والآخر فى محافظات مصر، بهدف ضياع وسقوط مصر، الأمر الذي يتطلب أن لا نعطى لتلك الفتن ولا لأعداء الإسلام المجال الخصب لنشر الفتن وسفك الدماء فى المجتمع.
واختتم حديثة خلال خطبته داعيا الجميع إلى تحكيم صوت العقل وتقديم مصلحة الوطن ومصلحة الدين.
وقال الشيخ محمد زكى رزق، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية فى خطبة الجمعة من المسجد الجامع بأسوان، إن للإسلام مجال واسع فى وأد الفتنة ونشر التسامح وتقديم التصالح فى كل الأمور، كما فى قول الله "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا"، وهنا إشارة إلزام للمؤمنين أن يكون حال رد الفعل من وقعت بينهما فتنة أو نزاعات قبلية، "سمعا وطاعة" لمن يصلح بينهما كى لا يكون هناك خلاف منتشر بين المسلمين، لأن عاقبة هذا الاختلاف وخيمة على المجتمع، كما حذر منها القرآن الكريم فقال تعالى: "وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَات وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم".
وأكد الدكتور حسين عبد المطلب، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر بقنا وأسوان السابق من مسجد خالد بن الوليد بخور عواضة منطقة تجمع بني هلال وبعض الدابودية، إن الدين الإسلامي دعا إلى التسامح والتصالح ووحدة الصف ونبذ الخلاف، فقد ضرب لنا المثل فى التسامح والتصالح بين البشر وجمع الأمة على كلمة سواء، ولا يحل لامرئ مسلم أن يسفك دم أخيه، وقد أرسل القرآن رسائل واضحة تحض على التسامح والتصالح، كما فى قول الله تعالى "فاصفح عنهم وقل سلام".
وأوضح أن من الدعائم التي أرساها الإسلام مبدأ التصافح والتسامح والإسراع فى إزالة ما يعكر صفو المجتمع حتى ولو بين اثنين، فقال "خيركم من يبدأ بالسلام"، وفى الوقت نفسه دعا إلى الترابط ووحدة الصف مصداقا لقول الله "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آيته لعلكم تهتدون"، وفى الوقت نفسه نهى عن الجفاء والخصام، حيث قال صلى الله عليه وسلم "كل المؤمن على المؤمن حرام دمه وماله وعرضه"، "ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"، وأيضًا "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى".
وكيل الأزهر يخطب الجمعة فى أهالى "الدابودية والهلالية" بأسوان.. شومان: اثبتوا للعالم أنكم أهل عفو ولن يفلت مجرم من العقاب.. و"أشهد الله أن الرئيس يسأل عنكم شيخ الأزهر لأنكم تستحقون الاهتمام"
الجمعة، 18 أبريل 2014 02:24 م
جانب من الخطبة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة