لفتنة أسوان التى وقعت مؤخرًا، وتسببت فى مقتل 26 وإصابة العشرات باب خلفى، يتمثل فى التهميش الذى عانى منه طرفا المعركة، فأفراد قبيلة «بنى هلال» أو كما يطلق عليهم «الهلايل» يعيشون فى فقر مدقع، وغياب كامل للخدمات، ويشعرون بالتجاهل التام من الدولة والمسؤولين، أما أهالى النوبة، ومنهم أهل قرية «دابود»، فقد عانوا التهميش من الدولة قبل أن يبدأ تهجيرهم من منازلهم، مع عدم توفير منازل بديلة بنفس المواصفات، إضافة إلى نقص الخدمات الأساسية بالمناطق التى يعيشون بها بمنطقة «نصر النوبة».
.jpg)
«اليوم السابع» زارت المناطق التى يعيش بها «الهلايل» و«الدابودية» لرصد أوضاعهم المعيشية، وفى منطقة تبعد قليلًا عن السيل الريفى، موقع الأحداث الأخيرة، تبدو ملامح الفقر واضحة على وجوه أبناء بنى هلال الذين يسكنون أمام الجبل مباشرة، حيث العشوائية فى المنازل، والانهيار التام للخدمات. وتتكون أغلب المنازل فى المنطقة من طابق واحد به غرفتان أو ثلاث، واحدة منها مخصصة لتربية الحيوانات، كما تغيب الخدمات الأساسية، مثل المياه النظيفة، والصرف الصحى.
فى منزل شحاتة النوبى يقطن 7 أفراد يعيشون فى غرفتين بمنزل ذى دورة مياه بدائية.. شحاتة النوبى التى تعمل عاملة نظافة فى مستشفى حكومى ولا يكفيها راتبها، حصلت على إجازة مؤخرًا بعد الأحداث لتجلس مع أبنائها، خوفًا من تعرضهم لضرر فى المنطقة التى يعيش بها «الهلايل»، ولا يعرف عنها المسؤولون أو الدولة شيئًا.
.jpg)
فى منزل مجاور لمنزل شحاتة النوبى تقطن صباح عباس فى منزل تغيب عنه حاجاته الأساسية، فالمطبخ لا يوجد به سوى بوتاجاز صغير، وأدوات بدائية بسيطة، أما منى فقالت: نحن نعيش فى فقر مدقع، ولا يشعر بنا أحد من المسؤولين، ولو كنا نبيع المخدرات كما يقولون لما كان هذا حالنا.
وتضيف: مشاكلنا هنا تنحصر فى غياب الخدمات وتجاهل الدولة، وما حدث بيننا وبين النوبيين ناتج عن نظرة دونية ينظرون بها لنا، كما أنهم تعاملوا بوحشية شديدة معنا فقتلوا 19 فردًا من أبنائنا، ووضعوهم على عربة «كارو» بصورة مهينة، وهم الآن يحاولون تشويه صورتنا، وإظهارنا على أننا تجار مخدرات وسلاح وهذا غير حقيقى، فهل يعيش تجار المخدرات فى هذا الفقر؟!
.jpg)
غياب الخدمات فى المنطقة لا يقتصر على الفقر فقط، لكنه يمتد إلى الخدمات الصحية، فالمستشفى الوحيد يبعد مسافة كبيرة عن المنطقة، كما أن المدرسة الوحيدة بالمنطقة محاطة بأكوام من القمامة.
من «بنى هلال» إلى قرية «دابود» بـ«نصر النوبة» حيث النوبيون المهجرون الممتنعون عن الانتقال للسيل الريفى تسيطر عليهم حالة من الذعر بعد ما حدث لبقيتهم فى السيل الريفى.. فى مدخل القرية الهادئ قابلنا نجم سعد الدين، الرجل الستينى الموجود فى القرية منذ التهجير بعد بناء السد العالى فى الستينيات، والذى قال: النوبيون تعرضوا لسنوات طويلة من التهميش بدءا من التهجير، مضيفًا أن الاختلاف بين الشباب الآن وغيرهم من الكبار أنهم يكبتون فى نفوسهم غضب تجاهل المسؤولين لهم لسنوات طويلة، فلا توجد لديهم صفة الطيبة الموجودة عند الكبار، لذا حدثت المشكلة الأخيرة.
وتعانى منطقة «نصر النوبة»، حيث تقع قرى التهجير، من عدم وجود صرف صحى، مما يتسبب فى ارتفاع منسوب المياه، إضافة إلى أن المدرسة الابتدائى منشأة بالجهود الذاتية، أما الخدمة الصحية فلا يتوافر طبيب معالج، كما لا توجد مواصلات عامة أو أسواق قريبة.
.jpg)
وأضاف «نجم»: نعقد فى القرية كل يوم جلسات تهدئة حتى لا يتكرر سيناريو الصراع بين الطرفين مرة أخرى، وفى قرية «دابود» هرب عدد من الأسر حُرقت منازلهم بالسيل الريفى، خوفًا من تعرضهم لأذى، كما أن الأطفال لا يستطيعون الذهاب للمدرسة بعد حرق كتبهم وزيهم المدرسى. نورا أحمد، شابة عشرينية من «دابود»، لم تعش قبل التهجير، لكنها سمعت عنه من جدتها ووالدتها، وتقول: لم نحصل على حقوقنا حتى الآن، ويتم الاعتداء علينا من الآخرين كما رأيتم مؤخرًا.ش
وأضافت: نطالب المسؤولين بالتدخل لحل مشاكلنا، فليس لدينا صرف صحى أو مدارس أو وحدة صحية مؤهلة، نريد أن نعود لمنازلنا حول البحيرة.
«بنى هلال»
قبيلة عربية موزع أفرادها بعدد من المناطق فى مصر وتونس.
وتسكن فى عدد من محافظات الصعيد، ومنها أسوان.
«دابود»
أولى القرى النوبية المهجرة من منطقة السد العالى وقت بنائه إلى النوبة الجديدة.
يعيش أبناء «دابود» فى عدد من المناطق بأسوان، فالأغلبية يعيشون فى نصر النوبة، وجزء صغير موزعون فى أسوان بمناطق السيل الريفى، والشعبية، وعزبة الشوشاب.
التعليم
يوجد فى القرية مدرستان فقط، واحدة منهما قاموا ببنائها بجهود الأهالى الذاتية وتخلو كل مساكن «دابود» من الصرف الصحى، ويعانى السكان هناك من الغياب التام للخدمات، وعدم وجود وسائل الترفيه ومراكز للشباب بالمنطقة.
الصحة
لا توجد إلا وحدة صحية وحيدة فى المنطقة لخدمة أهالى «دابود» وتخلو من الأطباء وتتطلب المتابعة الصحية ذهاب السكان إلى مناطق بعيدة، مما يتسبب فى حدوث حالات وفيات بسبب الإهمال الطبى
التعليم
لا يوجد إلا مدرسة وحيدة موجودة لخدمة أبناء بنى هلال، والتى تحيط بها القمامة إضافة إلى مركز شباب وحيد متهالك وتعانى المنطقة من الفقر الشديد وغياب الخدمات
الصحة
الوحدة الصحية تبعد مسافة كبيرة عن مساكن الهلايل إضافة إلى أن وجودهم بالجبال يمنع عربات الإسعاف من الدخول بسهولة إليها.
المتحدث باسم «الدابودية»: «الهلايل قتلوا بعض بالخطأ»..محمد المهدى: النوبيون حريصون على الصلح.. ونطالب باحترام هويتنا
المتحدث باسم «الهلايل»: نطالب بمحاسبة الجناة..ما حدث فعله شباب غاضب ورد الكبار مؤجل.. ولسنا تجار مخدرات