رغم مواقف الراحل مصطفى الحسينى المعارضة لسياسة أبو مازن، والذى اعتبره من المسئولين عن إتمام اتفاقية أوسلو، ورغم المقالات التى كتبها الحسينى ينتقد فيها الرئيس الفلسطينى الحالى لم يستطع أبو مازن أن يغفل دور الراحل مصطفى الحسينى فى خدمة القضية الفلسطينية، والتى بدأت بالكتابة الصحفية فى ريعان الشباب بـ"روز اليوسف" عن الثورة الفلسطينية والمقاومة ومرورا بالانضمام إلى حركة فتح والوقوف جنبا إلى جنب بجوار الفلسطينيين المهجرين اللاجئين فى دول مثل لبنان والأردن وانتهاء بمؤلفاته التى وثقت الأحداث والمواقف، ومنها "حيرة عربى، حيرة يهودى"، و"مصر على حافة المجهول. "
قال الكاتب الصحفى سليمان شفيق عن مصطفى الحسينى "الحسينى شأنه شأن جيل ما بين الحربين (العالميتين الأولى والثانية)، يجمع ما بين الطلعة البهية ، وزهد المتصوفة، وثقافة الفلاسفة، وهو أحد مؤسسى جريدة الجمهورية لسان حال ثورة يوليو، وأحد ضحايا تلك الثورة التى ناضل من أجلها، فقد اعتقل فى حملة ناصر على الشيوعيين المصريين 1959- 1964، وهو ابن مهندس للرى جاب مصر طولاً وعرضاً، فورث مصطفى وإخوته عن أبيهم عشق النيل والأرض والإنسان، والحركة والتنقل، وركوب الخطر، فـ"بهى" الأخ الأكبر لمصطفى كان يحمل حكمة النيل، و"عظيمة" أخته المناضلة التى لا يوجد معتقل سياسى، لم تقدم له خدماتها المجانية طوال أكثر من نصف قرن مضى، كانت فيه راهبة وحقوقية.
وأضاف "شفيق" يبدو أن عبد الناصر لم يحتمل ما كتب عن مصطفى الحسينى، وقدمت له تقارير أمنية عن رفضه الدخول إلى التنظيم الطليعى، فأوعز إليه، أو ربما كلفه بالذهاب للمشاركة فى تأسيس حركة فتح والمنظمة) ولكن مصطفى الحسينى نفى ذلك، وأكد أن تطوعه بالمشاركة فى تأسيس الثورة الفلسطينية كان نابعاً من قرار مستقل له، إضافة لعدم رغبته الدخول فى معركة مع الحكم الناصرى فى وقت كان أغلب اليساريين والشيوعيين يلتفون حول ذلك الحكم.
وأضاف "شفيق" أن الحسينى كان مختلفاً مع السادات فيما ذهب إليه فى اتفاقيات مثل فض الاشتباك الأول والثانى، وكما حدث مع عبد الناصر حدث مع السادات وترك الصقر عشه الصحفى محلقاً نحو بيروت مرة أخرى، حيث شارك فى تأسيس صحيفة السفير اللبنانية، وكانت الصحافة بالنسبة لمصطفى استراحة محارب، وفى عام 1974 صدر له كتابه (الأرض الخراب) أول كتاب مصرى ينتقد سياسة الانفتاح الاقتصادى، ويؤرخ لصعود الطبقات العليا الطفيلية إلى سدة الحكم بعد تأميمات عبد الناصر لها، ثم كتاب (إذا مات الموت)، وكتاب (يوميات موسكو).
ويضيف شفيق، أنه توقف بشكل خاص أمام نبوءات مصطفى الحسينى، والتى تركزت فى ثلاث نبوءات الأولى الخراب الاقتصادى الذى سوف يحل من سياسة الانفتاح والذى سوف يعيد تشكيل مصر اجتماعياً وسياسياً، النبوءة الثانية كتاب (حيرة عربى وحيرة يهودى) وهو سلسلة مقالات مترجمة للمفكر اليهودى إسحق دويتشر، حاور فيها الحسينى نفسه ودويتشر، وتنبأ بكل معطيات الصراع العربى الفلسطينى قبل سنوات طوال من حدوثه.
النبؤة الثالثة، كتابه الذى صدر قبل ثورة 25 يناير بأيام معدودة بعنوان (مصر على حافة المجهول) تنبأ فيه بالثورة، وبالصراع الدستورى الذى يدور الآن.
وأضاف "شفيق"، لمع الحسينى فى نهاية الخمسينيات وأوائل الستينيات كمتخصص فى الشئون العربية والشأن الفلسطينى خاصة حين ارتبط عضوا بمنظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها إلى أن تفرغ للكتابة وعمل صحفيا متجولا بين عواصم عدة من بينها موسكو وواشنطن وبيروت، حيث استقر هناك لسنوات قبل أن يعود للقاهرة العام قبل الماضى.
من ناحية أخرى نعاه موقع وكالة الأنباء الفلسطينية حين وفاته قائلا: مصطفى الحسينى كان حين برز العمل الفدائى بعد حرب يونيو 1967، نجما تألق فكره على صفحات "روز اليوسف" حين كانت هذه المجلة واسطة العقد بين المجلات العربية الرائدة، واجتذبت حركة الشعب الفلسطينى مصطفى منذ تجدّدها بعد نكبة 1948، ومنذ صار العمل الفدائى هو المجسّد الأول لهذه الحركة، انتقل مصطفى إلى الساحة الفلسطينية تاركا موقعه المريح فى القاهرة. وحمل مصطفى أملاً بأن يُسهم بفكره وجهده وخبرته فى الارتقاء بالخطاب السياسى الفلسطينى، وتطوع للعمل فى إعلام ما صار الثورة الفلسطينية، وجاهد فى مقدمة من جاهدوا لتحرير خطاب الثورة وفكرها من الفجائعية والتمجيدية ومن الاتكاء على الشعار والوعظ. وقدّم مصطفى إسهامات لا تُنسى فى تطويع هذا الخطاب لِلُغَةِ عصرنا. وحين تُستحضر أسماءُ الذين شقّوا للغةِ العصر وفكره طريقاً داخل الساحة الفلسطينية وغيرها فى دنيا العرب، فلا بدّ من أن يرد اسم مصطفى الحسينى بين أسماء الفرسان الرواد.
وعبر الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، عن سعادته البالغة بمنح الرئيس الفلسطينى محمود أبو مازن وسام الثقافة والعلوم والفنون للكاتب الراحل مصطفى الحسينى.
وقال عبد الحميد، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الراحل مصطفى الحسينى، له إسهامات فكرية كثيرة، ولعب دورًا مهمًا فى الدفاع عن القضايا العربية ومنها قضية فلسطين الذى أخلص لها، وتكريم أبو مازن بمثابة رد الجميل له.
وأضاف عبد الحميد، أن "الحسينى" مناضل ثورى بالفكر والفعل، وكنت أتمنى أن يأتى التكريم من مصر، وأرجو أن بلدنا تحظو حظو فلسطين وتكرمه.
وقال القاص الكبير سعيد الكفراوى، إن مصطفى الحسينى قيمة ثقافية وفكرية كبيرة، إذ قضى حياته مستخدمًا موهبته وثقافته فى الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وأضاف الكفراوى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" تعليقًا على منح الرئيس الفلسطينى أبو مازن وسام الثقافة والعلوم والفنون لمصطفى الحسينى، هو تقدير لهذا المصرى صاحب الموقف الحقيقى تجاه فلسطين.
وأوضح الكفراوى، أن هذا الوسام هو تقدير لكل مصرى أنفق جزءا من حياته فى الوقوف داعمًا لقضية الشعب الفلطسينى، مشيرًا إلى أن الحسينى أنفق الجزء الأكبر من عمره فى بيروت عاملاً فى جريدة السفير، ليعبر من خلالها عن موقفه تجاه تلك القضية.
موضوعات متعلقة:
"أبو مازن" يمنح وسام الثقافة والعلوم للكاتب الراحل مصطفى الحسينى
سعيد الكفراوى: مصطفى الحسينى أنفق حياته من أجل القضية الفلسطينية
مصطفى الحسينى.. ورث عن والده حب النيل والأرض.. وأفنى عمره فى الدفاع عن القضية الفلسطينية.. ومثقفون: تكريم "أبو مازن" له رد لجميل مناضل ثورى بالفكر والفعل.. وكنا ننتظر هذه الخطوة من مصر
الخميس، 17 أبريل 2014 03:38 م
مصطفى الحسينى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ادهم
الفلسطيني مصطفى الحسيني هو والد المذيع يوسف الحسيني