سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 إبريل151.. "سليم الأول" يستعد لنقل صفوة الحرفيين والقضاة والتجار المصريين لتركيا

الخميس، 17 أبريل 2014 08:30 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 إبريل151.. "سليم الأول" يستعد لنقل صفوة الحرفيين والقضاة والتجار المصريين لتركيا سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سرت الشائعات المخيفة أرجاء القاهرة، بأن السلطان "سليم الأول" قرر أن يأخذ عدداً من المصريين معه إلى "إستانبول" عاصمة الدولة العثمانية، فانقسم الناس حول تصديقها، وهناك من أكد أن "سليم الأول" لن يقدم عليها، فهو حقق حلمه بالسيطرة على مصر، وهناك من صدقها لقناعتهم بأن "سليم الأول" يستطيع أن يفعل أى شىء.

كانت الشائعة غريبة، وجاءت بعد عمليات القتل والنهب والتدمير الذى اتبعه السلطان "سليم الأول" حين دخل القاهرة بجيشه، فأثارت ذعرا بين الأهالى
سرت الشائعة فى مثل هذا اليوم (17 إبريل 1517)، ويتحدث عنها الكاتب الصحفى والمؤرخ حلمى النمنم فى كتابه "جذور الإرهاب _ أيام السلطان سليم الأول فى مصر" قائلا، "كانت الشائعة غريبة ولغرابتها لم يصدقها كثيرون"، وفى يوم الجمعة الذى جاء بعد أول يوم سرت فيه ثبت أن الأمر حقيقى، واجتمع عدد من رجال "سليم الأول" ووزرائه فى المدرسة الغورية لتحديد المسافرين إلى إستانبول، واستدعوا المطلوبين، وكانوا من الصفوة الثقافية فى مصر المتمثلة فى "القضاة والشهود"، بالإضافة إلى الحرفيين المهرة من الحرف المختلفة مثل "المبلطين والمرخمين والحدادين، وهؤلاء كانوا بمثابة المعلمين والمهندسين فى وقت لم يكن فيه تعليم للهندسة، وكما يقول "النمنم": "هؤلاء هم الذين أجادوا الفنون وأتقنوها وعلموها للأجيال التالية، وهم الذين أنشأوا البيوت المملوكية والمساجد والمدارس وأبدعوا المشربيات والأبواب والسقوف والسجاجيد وصنعوا الصوانى المكفتة وغيرها".

اختاروا أيضاً رجال الرأسمالية المصرية من كبار التجار الذين يقودون حركة نقل البضائع والتجارة بين مصر ودول العالم، ويبعثون بالرحلات لاستكشاف الأسواق والبضائع الجديدة، وطلبوا جماعة من أعيان اليهود، وكان اليهود جزءاً من نسيج المجتمع المصرى، ويعملون فى حوالى 250 حرفة يدوية، فضلاً عن ممارستهم لحوالى مائة وسبعين نمطاً من النشاط فى مجالات الاقتصاد والإدارة والتعليم والتجارة والمال، وكان اليهود موجودين فى الجهاز الإدارى للدول بنسبة أعلى من نسبتهم السكانية، وربما لهذا السبب كما يقول "النمنم" فى كتابه: "لم يطلب العثمانيون أى يهودى ولكن طلبوا مجموعة من أعيانهم".

كان الأمر كله بمثابة تفريغ حقيقى لمصر من كوادرها الكبيرة فى المجالات المختلفة، فى مقابل تكوين قاعدة من الفنيين والعلماء تقود النهضة فى استانبول، مما ترك أثره العميق فى تراجع مصر وتأخرها.

فى "المدرسة الغورية" التى تم استدعاء المطلوبين إليها، جرى تحديد المسافرين الى إستانبول، ولم يتركوهم للعودة إلى بيوتهم وأعمالهم ثانية، بل ألزموا كل واحد منهم أن يأتى بضامن يضمنه، وكلما أحضر أحد الضامن له، يتم إطلاق سراحه، وكان هذا الأسلوب هو القيد الذى وضعوه من أجل أن لا يفر أحد، فإن تخلف شخص عن السفر أو امتنع يأتون على الفور بالضامن لمحاسبته، بما يعنى أنه لم يكن هناك أمام أحد مجال للاختيار أو الاعتراض على السفر، فالموضوع كله مفروض وواجب النفاذ، ودارت العجلة وسافر أول فوج بعد ثلاثة أسابيع.












مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة