نانى تركى تكتب: اختلف أبناؤنا عنا وعن اللى جابونا

الثلاثاء، 15 أبريل 2014 10:06 م
نانى تركى تكتب: اختلف أبناؤنا عنا وعن اللى جابونا صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتذكر جيدًا عندما كان يحكى لى والديا عن علاقاتهم بأبائهم، علاقات صارمة بطبيعة الحال وطاعة واجبة، التمرد موجود ولكن بحدود، وكيف كانت النظرة بالعين أمر واجب النفاذ لحقتها النظرة دى.

زمان كان مجتمع مختلف تمامًا عن الآن، بيئة سهلة للسيطرة على الأبناء ووضعهم تحت السيطرة والرقابة المستمرة، التكنولوجيا الوحيدة الموجودة راديو، لا تليفزيون ولا دش ولا نت .. وما أدراك ما النت، مجتمع أسرى مترابط بشكل كبير وعلاقات بالجيران متينة وعلاقات أصدقاء قوية، حياة اجتماعية حقيقية، برغم تسلط الأهل إلا أن الجو العام كان يسمح بتلك السيطرة فالمغريات بمفهومنا الآن محدودة.

أما أيامى أنا كمواليد السبعينات جيل لطيف الحقيقة أخذ من القديم ولحق الحداثة، ظهر التليفزيون وبعدها طفرة الدش والقنوات المفتوحة ثم ظهر أبو الأبطال الموبايل، تفتحت العيون ووسائل الاتصال، ومازال الأهل متمسكين بما تربوا عليه ويريدون زرعه فينا، رغم التغيرات التى تتلاحق علينا كمجتمعات منغلقة فى الأساس، وظهر التمرد واضحًا فى جيل السبعينات اللطيف وبدأت تنفتح على العالم وعلى الغرب بالأخص على أفلامه وأغانيه ورغبة حثيثة فى تقليده فى كل شىء أو بمعنى أصح تقليده فى عيوبه وترك مزياه كغباء الشرق المعتاد ولو كانوا قلدوا الغرب تقليدًا أعمى لكانوا أخذوا المزايا والعيوب الاثنين معًا!

لكن ظلنا متمسكين باحترام أهلنا وكلمتهم التى لا ترد فلا شىء يمحى فجأة بل يتلاشى رويداً رويدا بتعاقب الأجيال.

كان أول ظهور للخصوصية بظهور الموبايل وكيف تتلقى المكالمات الخاصة بك وحدك على جهاز خاص بك وحدك .. زيدى يا زيدى، وظهر بعده النت ومن قبله الدش وبات العالم كله مدينة صغيرة شيئاً فشيئاً.

بدأ الآباء يفقدون سيطرتهم على أبنائهم من القنوات المفتوحة والنت الموصول بجميع بقاع الدنيا وخبرة الأهالى بالأساس محدودة بتلك التكنولوجيا، لكنهم شعروا بخطر ما جراء الساعات الطوال التى يقضيها الأبناء على النت والدش والموبايل، عقول أبنائهم تفتحت كثيراً وزاد اصطدامهم بآبائهم وكبرت الفجوة بينهم .

أجيال الثمانينات والتسعينات كان لها نصيب الأسد فى الحداثة لا يعلمون عن السابق كثيراً كجيل السبعينات الذى لحق بشىء منه.

التمرد بات واضحاً والآباء لا يستوعبون جيداً ماهية الطريقة المثلى للتعامل مع الأبناء فلا الزمن هو نفس الزمن ولا معطياته هى نفس معطيات السابق، العالم كله منفتح على بعضه دون حواجز أو قيود فماذا نحن فاعلون؟ هل أسلوب زمان ينفع الآن ؟ لا طبعا وإلا خسرت أبناؤك والخسارة تبقى كبيرة .

لم أدرك اختلاف الأيام والأجيال إلا عندما أنجبت ابنتى ذات الثمان أعوام الآن، ماهذا يا روح الروح الجينات اختلفت والعقليات تغيرت والأدهى من ذلك أنهم داخلون جاهزون على مجتمع مفتوح دون أى مقدمات أو عوائق أو حواجز السكة سالكة، عالم مفتوح ومجتمع أصبح يقتصر على شبكات التواصل الاجتماعى التى أحجمت التواصل الاجتماعى، أين التجمعات الاجتماعية الآن؟! على شبكات التواصل الاجتماعى حضرتك. أيوان شبكات التواصل حتى أخبارهم بتنا لا نعرفها الا عن طريق تلك الشبكات، بعد أن كنا نجتمع ونصل الأرحام بقينا نصلها بالمكالمات الهاتفية التى ظلت تقل وتتباعد فتراتها ووجدنا انفسنا جميعاً على شبكات التواصل وما هى بتواصل فصرنا نتبادل الأخبار والسلامات بين الأهل والأقارب والأصحاب من أيام المدرسة والجامعة ومن كنا نطلق عليهم الأنتيم فلا نتقابل أو نتحادث فقط نتواصل على الشبكات وبنعمل لايك كمان .. كتر خير الدنيا، هل نحن ذاهبون لأبعد من هذا لا أعرف!

وجدت أن حصارى لابنتى مستقبلا لن يفيد بل سأفقدها أكثر وسأزيد من الفجوة بينى وبينها ده غير ضغطى اللى هيعلى وصحتى اللى هتروح هباء.
ماذا نحن فاعلون يا روح الروح وأنا التى أخاف عليها كنفسها وأكثر فى مجتمع مفتوح الأخلاق فيه فى انحدار والذئاب تحيط من كل اتجاه والتعامل مع بشر يرتدون الأقنعة أكثر مما يسقطونها. وأنا التى تموت لو مسها الهوا بمكروه.

وجدت ضالتى فى أن أصادقها وكل ما تمر السنين أتناسى أنى أمها وأصاحبها أو لست بصديقة جيدة لأصحابى قلتكن ابنتى أيضاً متغاضية عن أخطاء كثيرة احملها فى قلبى كرهاً لا طوعاً لتظل تحكيلى ولا تخبئ عنى شيئا وأظل فى واديها لا فى وادً آخر، تغلط وأسامح وتتعلم وتقوم تكمل دون غضاضة منى أو تأنيب الأمهات، ليس الأمر سهلاً ولست بالأم الرائعة إلى هذا الحد ولكن لو تحملت الهفوات الآن قد أكسبها بقية العمر ويكفينى أن أتركها قوية صلبة تعرف كيف تتخذ قرارتها فى مجتمع قاسى .. بحيث لو تركتها فى يومٍ من الأيام لا تحتاس من بعدى .

مستعدة لأخطائها اللى هتشلنى وتنقطنى ولكن تلك الأخطاء هى من ستصنعها يوماً .

لنصاحب أبناءنا الآن كى لا نخسرهم للأبد، الخطأ مسموح ونحن من نحدد حدود المسموح، على قد ما اتدلعت هذه الأجيال على قد ما ستترك فى مجتمع وزمن صعب مطلوب منه الاعتماد على نفسه والمواجهة بشراسة ونحن كآباء من نهيئهم لمعترك الحياة، فلا المال ولا الدلع سينفعهم لو تركناهم فجأة ورحلنا .

التربية مش سهلة ولا الحياة بسيطة وما خلقنا إلا لنعيش فى كبد ولو كان هذا الكبد من أجل أبنائنا فأهلاً به مثابون عليه ولا يضيع الله أجر من أحسن عملا.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة