كشف الدكتور محمد عبد الودود، مدرس العمارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة الفيوم عن وجود حجرات للموسيقى داخل المكتبات فى العصور الإسلامية المختلفة يلجأ إليها المطالعون للترفيه وتجديد النشاط، مؤكدا أن المكتبات تعد جزءا لا يتجزأ من تاريخ الحضارة الإسلامية وكان لها دورها المتميز فى نشر المعرفة والثقافة لدرجة أنه قيل بأن الحضارة الإسلامية حضارة "كتب ومكتبات" .
وأشار عبد الودود – فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم – إلى أن المكتبات انتشرت فى المشرق والمغرب الإسلامى، وتنافس السلاطين والأمراء والأثرياء فى إنشاء المكتبات سواء كانت ملحقة بمنشآتهم أو بناء مستقل لخدمة الجمهور، وذلك طبقا لما جاء فى ورقته البحثية " مكتبة حافظ أغا بمدينة رودس القديمة 1208هـ- 1793م – دراسة معمارية وثائقية " المقدمة لمؤتمر الاتجاهات الحديثة فى علوم الآثار الذى عقد بكلية الآثار جامعة الفيوم الأسبوع الماضى.
وقال، إن صناع القرار على مر العصور الإسلامية قدروا قيمة المكتبات ودورها فى الوعى والرقى الفكرى وحرصوا على تزويد المكتبات بمجموعات قيمة من الكتب والمخطوطات وتوفير المخصصات المالية لذلك وتنظيم مقتنياتها تنظيما علمياً، لافتا إلى أن العالم الإسلامى عرف جميع أنواع المكتبات مثل المكتبات الخاصة بالأفراد والمكتبات السلطانية والمكتبات الخاصة بالدولة والمكتبات الملحقة بالمساجد والمدارس.
وأضاف أن العادة قد جرت منذ وقت مبكر على إيداع نسخ من القرآن الكريم وغيرها من الكتب الدينية داخل المساجد كوقف لفائدة المطالعين والمصلين ونتج عن ذلك ظهور ما يسمى بمكتبة المسجد حين اتخذ المسلمون المسجد كمكان للدراسة وكان بيت الرسول صلى الله عليه وسلم أول مكتبة بالمعنى البسيط لهذه الكلمة.
ومن جانبه، أوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان ومقرر إعلام المؤتمر، أن ظهور المكتبات بدأ منذ العصر الأموى حين أنشأ الخليفة معاوية بن أبى سفيان مكتبة بيت الحكمة بقصر الخضراء بدمشق وتطورت بعد ذلك فى عهد خلفائه، مشيرا إلى أن العصر العباسى يعتبر عصر قيام المكتبات الإسلامية وازدهارها وقد أنشأ هارون الرشيد بيت الحكمة وطورها من بعده الخليفة المأمون ونالت شهرة عظيمة.
وتابع أنه فى العصر الفاطمى أسس الحاكم بأمر الله دار الحكمة وأنشأ العثمانيون المكتبات والتى أسست لحضارة شامخة حيث اقتدى السلاطين العثمانيون بمن سبقهم وحرصوا على جمع المخطوطات وأنشأوا المكتبات وعينوا لها مشرفين وأمناء ومترجمين ومذهبين وكثرت المكتبات فى قصور ودارس السلاطين والأمراء وأثرياء القوم وبيوت العلماء.
وذكر أن المعمار المسلم أدرك أهمية مبنى المكتبة فشيدها بطرز مميزة وزودها بحجرات متعددة ومتسعة وممرات عريضة منها حجرات للمطالعة وقاعات لنسخ المخطوطات والترجمة ومزودة بفتحات مناسبة للتهوية والإضاءة والأثاث الفاخر، وعلى نمط ذلك شيد حافظ أحمد أغا مكتبة عظيمة برودس القديمة فى منتصف القرن 18م لها بوابة ضخمة يعلوها حشوات رخامية سجل عليها النص التأسيسى وقاعتها الداخلية المخصصة لخزانات وأرفف الكتب زودت بنوافذ مستطيلة تعلوها قمريات، وقد وضع أثاث هذه القاعة حول جدرانها ما عدا الجدار الفاصل بينها وبين قاعة الاطلاع بحيث وزعت الخزانات والدواليب الخشبية بطريقة يمكن رؤية محتواها وهى مغلقة لتسهيل العثور على الكتب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة