حسن زايد يكتب: كفاكم ابتزازا للدولة المصرية

الثلاثاء، 15 أبريل 2014 02:09 م
حسن زايد يكتب: كفاكم ابتزازا للدولة المصرية  صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى فترات المد الثورى يصعب تخطئة الثوار. لأن المد الثورى يجرف فى تياره العنيف كل الأصوات. تضيع الأصوات العاقلة وسط هدير التيار، بل إن جزءًا من الثورة بلا عقل، أو هى خارج حسابات العقل.

فرغم أهمية مراجعة وتقييم كافة الأعمال لاستبيان مدى صحتها وسلامتها ودقتها، ثم تصويب انحرافاتها، فإنه يستثنى من ذلك الفعل الثورى لحظة إعماله، لأنه أشبه بالزلزال العنيف، يصعب تقييمه وحصر نتائجه قبل هدوءه واستقراره. لذا فإنه يتعين أن يأتى وقت على الثورة تهدأ فيه وتستقر، فليست هناك ثورة دائمة، كما أنه ليس هناك زلزال دائم.

وبنفس القدر ليس هناك ثائر دائم، فالثورة ليست وظيفة لا يحال المرء فيها إلى التقاعد إلا بعد سن الستين، لأن الثورة هى حالة انفعالية طارئة واستثنائية في حياة الإنسان، لابد لها من نهاية سريعة وإلا أصيب الثائر بالأمراض.

إذن فلابد للثائر أن يهدأ ويستقر، ولابد للثورة أن تهدأ وتستقر. حينئذ تقوم الدولة بإزالة الركام الناتج عن الزلزال الثورى تمهيدًا للبناء، فالبناء فوق الركام مهدد بالزوال. وحين يبدأ البناء لا يكون منطقيًا ولا طبيعيًا أن يجرى التهديد بالثورة، لأن ذلك قد يفضى إلى أحد أمرين، أولهما أن يجرى تحجيم الثوار حتى يكتمل البناء.

ثانيهما أن ترتعش الأيدى، والأيادى المرتعشة غير قادرة على البناء. وحين يجرى تحجيم الثوار لأسباب تتعلق بمستقبل البناء ، يتحول الثوار إلى قوى رجعية تسعى إلى ابتزاز الدولة، حيث تُتَّهم الدولة باضطهاد الثوار، وملاحقتهم لمصلحة النظام القديم، وأنه يجرى وأد الثورة، وتأديب الثوار.

ومشكلة مصر أنها عاشت ثورتين فى زمن قصير لا يتجاوز الثلاث سنوات، فالثورة الأولى فى يناير 2011م قامت بهدم نظام جثم على صدر مصر لثلاثين سنة، جرَّف فيها كل شىء.

وكان يتعين أن يهدأ الثوار وتهدأ الثورة ويستقر المجتمع، إلا أن النظام الذى جاء بعد الثورة الأولى ـ

وهو نظام الإخوان ـ لم يسع لإزالة الركام، بل سار فى اتجاه الهدم لإقامة نظامه ودولته، فطال هدمه أعمدة الدولة وأركانها.

وشرع في البناء فوق الركام فى ذات الوقت. فجاءت الثورة الثانية فى 30 يونيه 2013م لتزيل نظام الإخوان. فانحسرت الأضواء قليلا عن نشطاء يناير، واحتل نشطاء يونيه الشاشات الفضية، وذلك فى أبسط صور التحليل حسنة النية.

وقد حرص ثوار يونيه على تأكيد أن ثورتهم هى الموجة الثانية من ثورة يناير، وأنها ليست بديلاً عنها، أو ثورة عليها. إلا أن بعض نشطاء يناير ممن كانوا إخواناً، أو تعاونوا مع الإخوان، أو جرى اختراقهم منهم، أو وضعوا أنفسهم موضع التناقض مع ثورة يونيه بحسن نية أو سوء نية فاتحدت مقاصدهم مع مقاصد الإخوان في تقويض ثورة يونيه، كل أولئك ما كان لهم أن يبتزوا الدولة بثوريتهم أو يستذلوها بها. وقد حدث ذلك منهم، رغم يقينهم بفشل النظام الإخوانى وفساد مقاصده.

وقد ظهر ذلك جليًا فى قضية النشطاء: أحمد ماهر، وأحمد دومة، ومحمد عادل الذين قضت محكمة جنح عابدين بحبسهم ثلاث سنوات. وذلك بتهم تتعلق بـ : ـ ارتكابهم لجرائم الاشتراك في تنظيم مظاهرة دون إخطار السلطات المختصة بذلك مسبقا على نحو ما يوجبه قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية، والمعروف باسم قانون التظاهر الجديد . ـ والاشتراك في تظاهرة . ـ واستعمال القوة والعنف والتعدي بالضرب على موظفين عموميين (قوات الأمن المكلفة لتأمين مقر محكمة عابدين حيث مقر نيابة قصر النيل التي باشرت التحقيق معه) وإحداث إصابات بهم . ـ والتجمهر. ـ وتعطيل المواصلات . ـ والبلطجة . ـ وإتلاف منقولات مملوكة لمقهى مجاور للمحكمة. وتضمنت قائمة أدلة الثبوت قيام النيابة العامة بتفريغ مقاطع الفيديو المصورة المتعلقة بالواقعة ، حيث تبين ظهور المتهمين الثلاثة بها وهو يقومون بالتعدي على قوات الأمن. كما قامت النيابة بسؤال عدد من الشهود بمحيط محكمة عابدين والذين شاهدوا الأحداث، كما تم سؤال 7 مجندين بينهم المصابين الثلاثة جراء تلك الاعتداءات.. حيث أكدوا قيام دومه وماهر وعادل بالتعدي عليهم.. كما تم سؤال ضابط تحريات المباحث و2 من الضباط المنوط بهم تأمين محكمة عابدين. وتم خلال التحقيقات مواجهة أحمد ماهر وأحمد دومه بمقاطع الفيديو المصورة التي يظهران بها وهما يرتكبان وقائع التعدي . وقد استأنف المتهمون الحكم ، إلا أن الإستئناف قد أيد الحكم . وأنا لا أستطيع أن أفهم أي ثورة تتحدي القوانين التي تصدرها ، وتسلك طريقاً غير طريق القانون في إسقاط القانون . وما علاقة التظاهر من أجل إسقاط قانون باستخدام العنف في مواجهة قوات تأمين المحكمة أثناء تأديتها لعملها وبسببه . وإن كان أحمد ماهر وما حوله من علامات استفهام قد ذهب لتسليم نفسه للنيابة ، فما معني تلك المظاهرة التي قد ذهب فيها سوي أنه نوع من استعراض القوة في مواجهة سلطات الدولة ؟ . دعنا من قانون التظاهر الذي يقال عنه أنه رديء ، وأنه سيء السمعة ، وأنه وضع لمطاردة الثوار ، وأنه ما طبق علي أتباع مبارك ، ولا أتباع الإخوان . ويبقي السؤال : أليست باقي الجرائم بجرائم تستوجب العقاب بموجب حكم قضائي ؟ أم أن الثوار بمنأي عن المحاسبة القانونية شأنهم في ذلك شأن بقية أبناء الشعب ؟ . وهل أولئك هم الثوار دون بقية خلق الله في مصر المحروسة ؟ . وهل كانت الثورة لإقامة دولة القانون أم لهدم القانون الذي لا يعجبنا ودوسه بالنعال ؟ . إن هؤلاء الذين يصرخون في جنبات المحروسه للإفراج عن الثوار ينشطون ضد القانون الذي خرقوه وهم يعلمون ، متحدِّين في ذلك سلطات الدولة قاصدين إلي النيل من هيبتها وكرامتها ، مانحين للكلاب الضالة فرصة النباح ، وللذئاب الجائعة فرصة العواء . فطبيعي أن تستغل جماعة الإخوان الفرصة ، وكذا وزارة الخارجية الأمريكية ، ومنظمة العفو الدولية للنيل من ثورة يونيه التي جدعت أنف المخطط الغربى فى المنطقة. الغريب فى الأمر هو خروج أحد نشطاء الثورة ليبشرنا بموجة ثورية ثالثة، لأن الموجة الثانية التي أطاحت بالإخوان قد جاءت بنظام مبارك من جديد إلي الحكم، وإن اختلفت الوجوه والأسماء. هكذا .. خبط عشواء، وكأن الشعب المصرى قطيع من الغنم يسير وراء كل ناعق.

والشعب يقول لهؤلاء النشطاء كفاكم وكفى الشعب المصرى ثورتين، وكفاكم ابتزازاً للدولة المصرية . ارحمونا يرحمكم الله.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة