تمر السنين وتزداد الذكريات، وكأن الزمن يأكلك ولا يتركك حتى تكون رُفاة فى مسواك، يبدو أن الحديث عن الذكريات، واستدعائها لم ولن يتوقف لأنه كما قال كاتبنا الكبير يوسف معاطى عندما يكون الحاضر مؤلما، والمستقبل مظلم نلجأ إلى الماضى لعلنا نجد فيه مخرجاً، وبعيداً عن تعليقات الكثيرين عن التفاؤل والتشاؤم وما هو خلاف ذلك، فنحن فعلاً فى تلك الفترة الزمنية التى يعيشها جميع العرب أصبحنا نبحث عن الماضى لنتذكره، ونترحم على كل ما كان وما أراه الآن أننا أصبحنا نبنى قصوراً فى خيالنا نسكنها ونعيش بداخلها بعيداً عن الواقع المرير والأليم، أعلم أن الكل ليس بنبياً وأن أغلب ما نحن نمر به من صنع أنفسنا وماهو إلا حصاد لما زرعناه بأيدينا من استيرادنا لكل ما هو سيئ من الغرب، لكنها كانت ظروفاً قد يكون اُجبر عليها البعض واستسلم لها البعض الآخر.
ورغم كل ذلك يبقى السر الذى لم يستطع أحد الوصول إليه حتى الآن ما الذى يحدث فى أوطاننا، وما الذى يحدث فى بيوتنا وما الذى نراه فى كل شارع وبيت عربى الآن؟
ما الذى تغير عن الماضى، وما هى الفروق بين الماضى والحاضر التى تجعلنا نرى ما يحدث من تقطيع فى أوصال جميع أنحاء الأوطان العربية، وبين كل أبناء كل بلد بل وبين كل أفراد الأسرة الواحدة، ما هو العامل الجديد الذى جعل الشخص يخون وطنه والأبناء يعقون آباءهم والأزواج يخونون أزواجهم وجعلنا نقتل بعضنا البعض ليس فقط ابناء الوطن الواحد بل أفراد الأسرة الواحدة.
ما الذى جعلنا نُغير الحق بالباطل والباطل بالحق، ما الذى جعل بركة كل شىء تقل عن الماضى وجعل الإحساس ينعدم بفرحة أى شىء.
لم يعد إحساسنا بشهر رمضان الكريم كنفس الإحساس الذى كنا نعيشه فى الماضى حتى أصبح يقول الجميع إن بركة الوقت فى رمضان لم تعد كما كانت فكنا نشعر بالشهر الكريم فى الماضى، وبمدته، أما الآن مجرد أن يمر يومان نجد أنفسنا فى أواخر الشهر الكريم حتى الأعياد لم تعد لها الطعم ولا الفرحة التى كنا نشعر بها.
لم يعد كل شىء كالماضى ولا أظن أن السر فى الفقر كما يقول البعض، فالفقر موجود منذ قديم الزمن، ولكنه لم يغير شيئاً جميلاً ولست مع من يقول إن التعليم السبب لأن التعليم منذ سقوط الخلافة الإسلامية، وهو فى قمة السوء ولكنه لم يغير شيئاً فينا، ولا أحد يقول أن السر فى فساد الحكام وظلمهم فنحن مررنا بعهود كان بها الظلم والفساد بل والقهر لآخر ما كان يتحمله بشر، ولكنه أيضاً لم يغير بنا شيئاً، لا أعلم السر وراء كل ما نحن فيه قد يكون ما ذكرته صحيح، وقد أكون مخطئا وقد يكون هناك أسباب عديدة، ولكننى لا أعلمها وأظن أيضاً أن الجميع لا يعلمها علم المعرفة الجيدة، ويبدو أن معرفة هذا السر كان لدى سيدة الغناء العربى أم كلثوم حينما قالت "عايزنا نرجع زى زمان قول للزمان ارجع يا زمان".
الكاتب الكبير يوسف معاطى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة