بالضبط... ما هى علاقة منظمة دولية غير حكومية تعمل فى مجال حقوق الإنسان والديمقراطية بالمساعدات التى تعطيها دولة ما لدولة أخرى؟ وما هى سلطة هذه المنظمة فى الدعوة بايقاف هذه المساعدات أو قطعها؟
أتحدث هنا عن الخطاب الذى وجهته منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية التى تتخذ من مدينة نيويورك مقرًا لها، إلى السيد جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، تطالبه فيها بإعادة النظر وعدم استئناف المساعدات العسكرية والاقتصادية السنوية إلى مصر، والتى تقدر بمليارى دولار، بزعم عدم إحرازها لأى تقدم على مسار كفالة واحترام الحريات الأساسية أو على طريق الانتقال الديمقراطى.
تخطت المنظمة الدولية الدور المفترض أن تقوم به وهو مراقبة ومتابعة أوضاع حقوق الإنسان فى كل دول العالم بكل "حيادية وشفافية"، ورصد أى انتهاك يحدث لها وتوثيقه، وانحرفت عن مسارها الحقوقى إلى التدخل فى الشئون الداخلية للدول والتعدى على سيادتها، بل والتحريض عليها أيضًا.
التقارير التى تصدرها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية وغيرها من المنظمات الأخرى حول أوضاع حقوق الإنسان فى مصر وتحديدًا منذ قيام ثورة 30 يونيو، تؤكد أن لها أجندتها الخاصة وأهدافها التى تسعى إلى تحقيقها بكافة الطرق والوسائل حتى اذا كانت النتيجة هى عزل مصر أو تقسيمها أو دخولها فى حرب أهلية لاقدر الله.
فهى لا تدين ولا تشجب الا فقط لكل ما يتعرض له الإخوان وانصارهم وأعوانهم من التنظيمات الأخرى ونشطاء السبوبة الذين يتخذون من الثورة وسيلة للربح والكسب والرزق.
فلم نسمع مثلا أن هذه المنظمات قامت بإدانة التفجيرات الإرهابية وعمليات العنف الممنهج لتنظيم الإخوان الإرهابى وأتباعه فى كافة محافظات مصر، والتى يذهب ضحيتها آلاف المصريين الأبرياء الذين لا ذنب لهم، سواء كانوا مدنيين أو ضباط وجنود الشرطة أو الجيش، وكأن ما يحدث من أعمال ارهابية لا علاقة له بحق الإنسان فى الحياة أولا وفى العيش فى أمن وسلام وطمأنينة ثانيا.
فحقوق الإنسان بالنسبة لهذه المنظمات هى حقوق الإخوان وأتبعاهم من التنظيمات الإرهابية حتى إذا كانوا من مسفكى الدماء ومزهقى الأرواح، أما أعمال العنف والإرهاب التى تمارسها تلك التنظيمات ضد الشعب المصرى فتغض الطرف عنها، لأن ضحايا الإرهاب ليسوا بشرًا ولا حقوق إنسان لهم.
اعلم جيدًا، أنه مازالت هناك انتهاكات عديدة وكثيرة لحقوق الإنسان فى مصر( كحال أى دولة شهدت ثورتين وتمر بمرحلة انتقالية)، وأن هناك سوء أداء للقائمين على إنفاذ القانون فى مصر وعلى رأسهم المؤسسة الشرطية، وأن قضايا حقوق الإنسان لا تحظى بأولوية كبرى على أجندة الحكومة المصرية .
ولكن عندما يكون هناك كيل بمكيالين وازدواجية فى المعايير وانتقائية فى التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، فإن الأمر وقتها يختلف ويحتاج إلى وقفة جادة .
فلماذا لم تقم على سبيل المثال، منظمة "هيومن رايتس ووتش بإرسال نفس الرسالة إلى وزير الخارجية الأمريكى، تطالبه فيها بوقف المساعدات الأمريكية إلى إسرائيل، وهى ترتكب يوميًا أبشع المجازر وأعنف الانتهاكات ضد الشعب الفلسطينى الشقيق، مع العلم بأن إسرائيل هى أكثر دولة تحصل على مساعدات عسكرية واقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية تليها مصر.
الإجابة واضحة بالطبع، لا تجرؤ أى منظمة على القيام بهذا الفعل ضد اسرائيل، الحليف الاستراتيجى للولايات المتحدة، والتى تقوم بتمويل هذه المنظمات المشبوهة لتنفيذ سياستها ومخططاتها، مما يؤكد على أن الخطاب الذى أرسلته المنظمة الأمريكية قائم على موقف سياسى من الدرجة الأولى وليس موقف قانونى أو حقوقى.
لقد تكشفت نوايا وتوجهات تلك المنظمات، التى تدعى زورًا مراقبتها لحقوق الإنسان، من مصر بعد قيام ثورة 30 يونيو التى أسقطت العديد من الأوهام على المستوى السياسى والإعلامى والحقوقى، وظهر جليًا مدى خداع ووهم وكذب التقارير التى تنشرها هذه المنظمات عن مصر وعن الأحداث التى تجرى بها، والتى تحتوى على كم هائل من المغالطات والانحيازات، فهى تقارير غير موضوعية وغير حيادية وبعيدة كل البعد عن أرض الواقع، وتعكس مدى الجهل بإرادة شعب ثار ضد حكم مستبد وسلطة ديكتاتورية وجماعة فاشية أرادت أن تُسقط مصر وتحولها إلى أفغانستان أو صومال أخرى، وأن تأخذ كل شىء لصالحها.
عمرو وجدى يكتب: المنظمات الدولية والكيل بمكيالين
الإثنين، 14 أبريل 2014 12:10 م
منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة