صالح المسعودى يكتب: فتاوى القهاوى

الإثنين، 14 أبريل 2014 03:58 م
صالح المسعودى يكتب: فتاوى القهاوى ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يستهجن البعض ويعيب على مجرد طرح العنوان فمن وجهة نظره المحترمة، أن (القهاوى) أو المقاهى ليست بالمكان المناسب للفتوى من أى نوع.

وقد يعتبرها البعض ظاهرة صحية ودليل واضح على ارتفاع وعى المواطن المصرى وأنه ترك حياة السلبية (وأقصد بذلك المواطن البسيط) إلى المشاركة الفعالة فى الحياة العامة، من خلال إبداء رأيه والتفكير بصوت مسموع.

وما بين الرأيين نحاول جاهدين استبيان أسباب تحول الكثير وليس البعض إلى الإفتاء فى كل شىء، فهناك الفقيه الدستورى والفقيه الدينى والفقيه الأمنى والاقتصادى، وفى غالب الأحيان يجمع شخص واحد فقط كل تلك الكوكبة من الفقهاء فى شخصه فتجده متحدثًا فى كل ما سبق، ويتقمص دور الجميع
فما تكاد تجلس على أحد المقاهى خاصة والأماكن العامة ووسائل المواصلات عامة، إلا وتجد الجهابذة فى كل فرع من فروع الفقه فمنهم من يستطيع أن يحل معظم مشاكل البلد فى (وصلة) من محطة إلى أخرى.

ففى الماضى القريب، كنا نجد مثلا من تكرم وأطال لحيته لمدة شهرين وقرأ كتابًا أو أكثر من كتب الفقه، وإذا به يقارع علماء الأمة من (الراسخون فى العلم) وبسبب فهم القشور والتسرع فى الإفتاء دون الإبحار فى علوم الدين، ظهرت الأفكار المنحرفة والتكفيرية وهى الغريبة عن النهج الوسطى للإسلام الحنيف.

أما فقهاء الدستور فحدث ولا حرج، فقد كانت مصر فى الفترة السابقة مرتع خصب لكل من تابع تحليلا إخباريا أو شاهد مجرد رأى دستورى فإذا به يتقمص دور الدكتور (إبراهيم درويش) الفقيه الدستورى المعروف، فتجده يجادل فى دستورية القوانين، بل ويحاول مناظرتها بالدساتير فى دول أخرى متقدمة.

وإذا صادفك الحظ السعيد، وأردت أن تتحدث عن التنمية فى مصر وأهميتها فى الفترة القادمة تقمص أحدهم الدكتور (فاروق الباز) العالم المحترم ليشرح لك ممر التنمية وما له وما عليه.

بالتأكيد عزيزى القارئ المحترم أنا لست ضد حق كل شخص فى التعبير عن رأيه بكل حرية، فهذا حق أصيل للجميع، بعد أن ضرب هذا الشعب المثل للعالم أجمع أنه صانع الحرية من خلال ثورتين مجيدتين أبهرتا العالم.

ولكنى أريد أن ألفت انتباهك عزيزى القارئ أن مجرد الإفتاء فى كل شيء لا يكفى لبناء وطن نهض بعد مخاض كاد يودى بحياته.

ولن يغضبنى أبدًا أن يفتى البعض ولكن بشروط، أهمها أن يكون على علم بالأمر الذى يفتى فيه وليس صائد للمعلومات من هنا وهناك، فى الوقت الذى قد تكون معلوماته مغلوطة فيترتب عليها ضرر قد لا يستطيع هذا الشخص أو غيره دفعه.

كما يجب على من يحاول الإفتاء بسهولة حل المشكلات أن يبادر هو بالتطبيق على نفسه، ويبدأ هو بذلك ليكون (إمام) للحل الذى يبتغيه وليس مجرد (حامل أسفار).

إذن علينا جميعًا أن نحاول أن نعمل فيما نجيد، كما يجب علينا أيضًا أن نتحدث فيما نعلم فقط، لأن الجلوس على المقاهى (القهاوى) ووسائل المواصلات وبث الفتاوى الجاهلة والمحرفة أو حتى الصحيحة، ولكن بدون تنفيذ على الطبيعة كل ذلك لن يفيد فى بناء مصر فى شىء وسيبقى فقط ( فتاوى القهاوى ).





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة