يحيى الرخاوى

ابن رشد

الإثنين، 14 أبريل 2014 10:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم 14 إبريل هو يوم مولد ابن رشد سنة 1121 ميلادية، وعلاقتى معه أقل كثيرًا من تقديس الكثيرين له من معارفى الجادين، وخاصة ممن يسمون التنويريين، ربما لأن علاقتى بأرسطو فيها نفس التحفظ والحذر، هذا على فرض أن ابن رشد قد تَمَثَّلَهُ فأصبح يُمَثِّله، بالإضافة إلى إبداعاته الخاصة، نعم علاقتى بأرسطو فيها كلام كثير.
الفضل فى كتابة هذه الكلمة اليوم يرجع إلى عمنا "جوجل" الذى نبهنى –وغيرى- إلى يوم مولده حين صدّر به موقعه لكل من يفتحه اليوم، وهذا تقليد يشكر عليه، وإن كنت قد غِرْتُ منه، فكان الأولى بنا نحن أن نتذكره فنذكره، فلا نستورد حتى الذكريات ممن تبنوا روادنا نيابه عنا، تقديرًا لدورهم، أو اختزالا لهم إلى ما حسبوهم أنهم أقرب إليه، (إليهم)، ومع ذلك فلهم الشكر، وليس لنا العذر.
تعرفت على الإمام أبى حامد الغزالى من كتابه الأشهر: "إحياء علوم الدين" الذى عثرت عليه فى مكتبة والدى مصادفة، وأنا بعد فى الرابعة عشرة من عمرى، وقد انبهرت به فترة ليست قصيرة، ولم أناقش والدى فى بعض ما توقفت عنده، ثم تعرفت عليه من بعد آخر بعد اشتغالى بالطب النفسى وأنا أتابع رحلته الإبداعية فى "المنقذ من الضلال"، ثم إنى حين بلغنى هجومه على الفلسفة والفلاسفة فى "تهافت الفلاسفة" توقفت طويلا ولم أتراجع عن حبى له، وإن كنت حين عدت إلى "إحياء علوم الدين" فوجئت بجرعة التفاصيل السلوكية التى تصورت أنها كادت تخنق أى إبداع محتمل يخرج عن حرفيتها، وفهمت لماذا هاجم الفلسفة.

أما ابن رشد فقد تعرفت عليه متأخرًا نسبيًا من مناقشة حول كتابه "تهافت التهافت" الذى لم أقرأ منه إلا أقل القليل، ومع ذلك طمأننى على علاقتى بالفلسفة فعلا واقعًا خلاقًا مبدعًا أكثر منه فكرًا براقًا ملغزًا، حيث إننى اعتبر "فعل الفلسفة" – فيما يتعلق بماهية الإنسان– هو أقرب إلى ما أسميته مؤخرًا "نقد النص البشرى" وهو الاسم الذى أطلقته على إعادة تشكيل المريض والطبيب معا فى جدلية العلاج الأعمق، ابن رشد الذى أحييه اليوم هو "طبيب" أولا وذلك منذ قدمه ابن طفيل (صاحب كتاب "حى بن يقظان" ) لأبى يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيبًا له ثم قاضيًا فى قرطبة ليتولى منصب القضاء فى إشبيليه، فرحتُ بابن رشد طبيبًا ثم قاضيًا ثم فيلسوفًا، وتذكرت رأى أبى الأطباء " أبو قراط " فى الطبيب الفيلسوف ، فاجتمع "نقد النص البشرى" عندى مع روعة علاقتى بقيمة العدل على كل مستوياته إلى وجه العدل العلىّ العليم، وكنت أتمنى ألا ننبهر بكل ما انبهر به الغرب على حساب إغفال ما هو أكثر تمييزاً لنا فى أعمال ابن رشد أيضًا، وكذلك على حساب من هو أعمق وأكثر إبداعاً مثل ابن عربى، والنفرى، الذين اعتبرهم ممثلين لفلاسفة المسلمين الأولى بالاستلهام، وأنا شخصيا أواصل استلهام مواقف مولانا النفرى وهو ما ينشر فى موقعى كل سبت منذ سنوات، وأتساءل: "أين كل هؤلاء ممن يحتكرون دينى العظيم هذه الأيام وهم يستعملونه "سبوبة" لما لم ينزل من أجله؟!! من كل هذا؟"
عاهدت نفسى أن أعود إلى "التهافتين" أصحح بعض جهلى، والحمد لله حصلت على نسخة (PDF) مجانية من عمنا "جوجل" من كل من الكتابين جزاه الله عنا خيرا، وإذا كان فى العمر بقية وفى الوقت فضله رجعت إليهما وإليكم.
أما ابن رشد "المصير" ليوسف شاهين فقد قدم لى نسخة مضروبة، برغم ما فيها من لعب فنى راق، وحسن نية، نسخة كادت تبعدنى عن الأصل بشكل ما، فقد بلغ التحديث والاستعمال الخاص مبلغاً ظلم التاريخ والإبداع الأصل.
أنظر حولى فأرى هذا الدين المشرق وهو يُختزل ويُسطح وكأن من يفعلون به ذلك يطبقون قول ابن رشد (غالبًا) "إذا أردت أن تتحكم فى جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف دينى"، وانظر فى تحركات الشباب ومن يفتون لهم ويُصدِرُون إليهم الأوامر، وكلهم مغيبون، فأتذكر بيت الشعر "شباب يحسبون الدين جهلاً * وشيب يحسبون الجهل الدين" لتحضرنى الآية الكريمة: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ..."
هذه ذكرى رجل عظيم مسلم مؤمن مبدع كريم وسط عظماء مثله أهملناهم فصرنا إلى ما صرنا إليه، فهل يا ترى نتبين مدى حاجتنا إلى استلهام ثقافتنا، لنجدد إيماننا ونسهم فى خطوة حضارية أرقى تخرج من بلد عرف بأنه "فجر الضمير الإنسانى" خطوة تليق بمشوار هذا الكائن الرائع المسمى "الإنسان" ليظل فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ".
إما أن نلحق أنفسنا، وهم معنا إذا شاءوا إلى وجه الله، وإما نترحم على أنفسنا ونعتذر لرواد استلهموا ديننا بحق حتى لو ذكرنا بهم سيدنا "جوجل"، شكرًا يا عمنا "الخواجة".
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

التيار الثالث

!!!!!!!

ثبت ان من غير عمنا الخواجة مش هنقدر نطير بعيد

عدد الردود 0

بواسطة:

دكتور سمير محمد البهواشى

مفهوم العبادة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة