شباب فى مقتبل العمر وأطفال فى عمر الزهور ساقهم هدف نبيل لمكان واحد، فماتوا وهم يؤدون فرض كفاية، ووسط صراخ النساء ومحاصرة النيران للأجساد والموت يرفرف فوق الرؤوس سطّر الشهداء أنبل قصص للشهامة، فضحّوا بحياتهم لإنقاذ قريتهم شطورة بسوهاج من كارثة كبرى عقب انفجار مخزن للوقود، فمنعوا امتداد النيران إلى عشرات المنازل المجاورة، وكانت الضريبة هى حياتهم، قدموها على طبق من فضة من أجل إنقاذ الآخرين، مؤمنين بأنه من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
"ميسرة الخولى" طفل لم يكتمل عامه السابع، كان عائد كعادته من درسه يحمل كتبه، شاهد النيران ترتفع وأصوات الصراخ يهتك الصمت الذى خيم على قريته الهادئة، ألقى بما فى يده وجرى خلف الأهل والجيران يحاول مشاركتهم إطفاء النيران كعادة أهل قريته الذين يهرعون نحو الحرائق للمشاركة فى إطفائها لا ينتظرون سيارات المطافئ التى لا تصل فى الأعم الأغلب إلا بعد ساعات، وحمل "ميسرة" إناءً صغيرًا مملوءًا بالمياه بين يديه الضعيفتين فى محاولة منه لمواجهة النيران التى لم ترحم ضعفه فكان أحد ضحاياها.
"فاطمة محمد عسكر" توضأت وصلت العصر وجلست تسبح بحمد ربها تنتظر أذان المغرب لتصليه بذات الوضوء، شاهدت الجيران يهرعون فى الشوارع وبعد سؤالهم عرفت أن حريقا شب فى منزل شقيقها، فأسرعت إلى هناك لتلقى مصرعها وتصلى المغرب بقبرها.
وكان حلمها أن تؤدى فريضة الحج فقد تحملت فراق زوجها منذ 5 سنوات، وفى العام التالى فقدت نجلها وفلذة كبدها، كان حديثها العذب يجعل النساء يهرعن إليها لمجالستها، تمنت أن ترى أصغر أبنائها وهو عريس فمات فى الحريق، وأصيب ابنها فى نفس المكان أثناء مشاركته الأهالى عمليات الإطفاء.
"عماد رشاد طلب" كان يجهز نفسه لزفافه الذى لم يتبق عليه سوى سبعة أيام، جهّز شقته وحضر للقرية لدعوة الأهل والأصدقاء، فهو اليوم الذى انتظره الجميع لمجاملة "عماد" الذى لم يتأخر عن أداء "الواجب" بالقرية سواء فى الأفراح أو الأحزان، لكنه لا يستطيع اليوم حضور المناسبات فلقد رحل عن عالمنا واختار لقاء ربه، وخرجت خطيبته لتودعه برفقة أهله وجيرانه نحو القبر بدلا من أن يزفوه إلى "الكوشة"، لقد رحل "عماد" برفقة شقيقه الذى كان يشارك الجيران عمليات الأطفاء، لتسكن الأحزان منزلهما.
"سيد ومحمد على جاد الكريم" لم يتخط "سيد" العشرين عاما، لكن شهامة والده جعلته يسير على منواله يشارك الجميع الأفراح والأحزان، حتى أصبح "سيد" محبوبا من الجميع، فقادته شهامته أن يجرى نحو الحريق عندما علم أن شقيقه "محمد" الذى يكبره بعامين متواجد بالمكان، لكن "سيد" لم يعد بشقيقه، حيث عاد الاثنان على نعوش الموت، يزفهما أهالى القرية إلى مثواهما الخير.
"أحمد شبيب عسكر وابنه" عم أحمد شبيب، كما يطلق عليه أهالى قرية شطورة، يعمل مساعد شرطة بقسم طهطا، ويعول أكثر من 6 أولاد، رفض أن يبقى فى منزله والنيران تلتهم أحد منازل أبناء القرية، فجرى أكثر من 3 كيلو على قدميه، وعبر شريط السكة الحديد برفقة ابنه "عمر" وهما لا يعلمان بأنهما يسرعان الخطى نحو "الموت" فقد ذهب الاثنان وعادا على نفس النعش.
"محمود محمد عسكر" وابنه و"شاهر"، يبعد منزل الحاج محمود عسكر الذى يعمل فى بيع الأسماك عن مكان الحريق 5 كيلو مترات، لكنه حرص هو وابنه "مجدى" على التواجد وسط الأهل للمشاركة فى عمليات الإطفاء فمات الاثنان. ورحل "مجدى" الذى تزوج منذ عدة سنوات ولم ينجب إلا قبل الحادث بأيام وكأن القدر أصر على أن يتربى ابنه يتيماً، كما رحل مصطفى شاهر عسكر الذى تزوج منذ 8 أشهر فقط بعدما علم بنبأ حمل زوجته، دون أن يرى ابنه.
"أحمد أحمد عبد العلى الفحار".. بالرغم من أنه الابن الوحيد لوالده المعاق إلا أن ذلك لم يمنعه عن نداء الواجب، فذهب برفقة رفاقه للمشاركة فى الإطفاء فاستقبله والده على النعش، وبات الأب دون رفيق أو عائل لا تجف دموعه على فلذة الكبد وقرة العين.
"فارس ماضى".. كان لفارس نصيب من اسمه فكأنه أمهر الفرسان يسرع الخطى لينجد الملهوف، فإذا وقع مكروه فى القرية بحثوا عن فارس، الذى توغل داخل الحريق وحمل البراميل يلقيها فى الترعة حتى لا تتوهج النيران، لكن البرميل الأخير انفجر فى فارس ليلفظ أنفاسه الأخيرة.
دفتر أحوال شهداء "شطورة" بسوهاج.. الطفل ميسرة توفى وهو يشارك فى اطفاء النار بإنائه الصغير.. وفاطمة كانت تستعد لصلاة المغرب.. وعماد رحل قبل زفافه بأسبوع.. وسيد حاول إنقاذ شقيقه فسقطا معا
الأحد، 13 أبريل 2014 11:02 ص
ضحايا حادث شطورة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
hosam
رحمهم الله
اللهم ارحمهم جميعا اللهم اجعل الجنه مثواهم
عدد الردود 0
بواسطة:
ابومدحت صالح
نشاطركم الاحزان فى وفاة الجميع
عدد الردود 0
بواسطة:
ابومدحت صالح
نشاطركم الاحزان فى وفاة الجميع
عدد الردود 0
بواسطة:
الشيخ عبد الغفور امين
نحتسبهم عند الله شهداء
عدد الردود 0
بواسطة:
يوم العطاء
شهداء حريق شطورة
الله يرحمهم جميعا ونحتسبهم عند الله شهداء