وفى تقرير له على صحيفة "إيبوك تايمز" طرح الكاتب سؤالا: "هل ينبغى أن يشهد كيرى أن مصر تقوم بخطوات نحو التحول الديمقراطى، وتُستأنف المساعدات لها".
يقول ستيفن كوك، الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، إن أى تحليل موضوعى للموقف فى مصر يظهر بشكل واضح أنها لم تقم بخطوات لكى تصبح ديمقراطية، بل إن المسئولين فيها فى محاولاتهم لاستعادة السيطرة على البيئة السياسية المضطربة، استعادوا مستويات متزايدة من القمع والعنف.
وستجادل القيادة المصرية وأنصارها بأن مصر فى ظل الظروف الاستثنائية من العنف والإرهاب تمضى فى خارطة الطريق، وتستشهد بالدستور الذى تم إقراره والانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة.. ويتابع كوك قائلا إنه صحيح أن المصريين سيلتزمون بخارطة الطريق، إلا أن هذا يحدث فى ظل تطور استبداد متجدد، وسيكون من الصعب على كيرى أن يقول باقتناع أن مصر تستوفى شروط الكونجرس لاستئناف المساعدات.
لكن، يستدرك كوك، فى حين أن تعليق المساعدات يمكن أن يكون أمرا مطلوبا قانونيا من الإدارة الأمريكية، إلا أنه لا يعنى أنه يمثل سياسة حكيمة، فالنفوذ الأمريكى الذى كان مستمدا من تقديم المساعدات يتضاءل إلى حد كبير مع سعى المصريين إلى بدائل ومصادر أكثر كرما للمساعدات، على المدى القصير على الأقل.. كما أن قطع المساعدات لن يجعل مصر أكثر ديمقراطية، أو أكثر استقرارا.
أما يشيل دون، الخبيرة بمركز كارنيجى تقول إن كيرى لا يستطيع أن يشهد بتقدم مصر نحو الديمقراطية فى الوقت الحالى، على افتراض التعامل مع الشروط التشريعية على نحو جدى.. لكن كيرى يمكن أن يشهد بأن مصر تواصل التعاون الإستراتيجى مع الولايات المتحدة وإسرائيل بما يسمح بمزيد من المساعدات فى مجالات مكافحة الإرهاب والمجالات العسكرية الاقتصادية بالتدفق.
لكن الأمر الذى لا يمكن المضى فيه بدون شهادة التقدم الديمقراطى هو تقديم أسلحة جديدة ودعم نقدى للعام المالى 2014.. فلو استأنفت الولايات المتحدة هذا النوع من المساعدات، سيكون ذلك موافقة على السياسات الحالية.. وترى "دون" أن على أمريكا الانتظار حتى يتضح ما إذا كانت القاهر ستتراجع عن الإجراءات الاستبدادية التى تم اتخاذها منذ عزل مرسى.
وتشكك "دون" فى القول بأن استئناف المساعدات سيعيد للولايات المتحدة جزءا من نفوذها.. وأشارت إلى أن الرئيس أوباما صرح لـ"سى إن إن" فى أغسطس الماضى بأن المساعدات نفسها لا تعكس ما تقوم به الحكومة المؤقتة، لكنه يعتقد أن أغلب الأمريكيين سيقولون إنهم يجب أن يكونوا حذرين بشأن ما ينظر إليه كمساعدة وأعمال تتعارض مع قيمهم ومثلهم.
فيما قال ستيفين مكميرنى، المدير التنفيذى لمشرع ديمقراطية الشرق الأوسط، إن الإدارة الأمريكية أمام قرارين لاتخاذهما، الأول هل ستستأنف المساعدات من العام المالى السابق والتى تم تعليقها، والثانى ما إذا كانت ستشهد أمام الكونجرس بأن مصر تتخذ خطوات لدعم الديمقراطية من أجل تسليم 975 مليون دولار فى مساعدات العام المالى 2014. وتوضح البيانات السابقة، سواء من الإدارة أو الكونجرس بأن أيا من هذه الخطوات سيكون غير ملائم فى هذا الوقت.
ويعتقد الخبير الأمريكى أن استئناف المساعدات وسط الخطوات غير الديمقراطية وتزايد القمع فى مصر سيؤكد التصور فى جميع أنحاء العالم العربى سواء من الحكومات أو الأطراف المستقلة، بأن خطاب أمريكا عن الديمقراطية غير صادق وليس مدعوما بسياسة أو تحرك معين. وهو ما سيقوض النفوذ الأمريكى. ولذلك ينبغى أن تستمر الولايات المتحدة فى تعليق المساعدات حتى يتم الوفاء بالشروط المحددة سابقا بشكل صادق.
من جانبها، قالت ليلى هلال، من مؤسسة أمريكا الجديدة، إن مصر هى ثانى أكبر متلقى للمساعدات الأمريكية بعد إسرائيل.. ويرتبط مثلث المساعدات مباشرة باتفاقية كامب ديفيد. وبدون إعادة التفكير فى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ودور التعاقدات مع الجيش فى تحديد أولوية السياسة الخارجية الأمريكية، فيكاد يكون مستحيلا أن تستطيع الولايات المتحدة تغيير مسار المساعدات لمصر سواء فى الاتجاه الصحيح أو الخاطئ.
ومع ذلك، وبغض النظر عن عودة السلطوية فى مصر، فإن فكرة أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دورا فعالا من خلال الاستفادة من المساعدات الأجنبية هى فكرة معيبة.. فالإدارات المتعاقبة أظهرت أن الولايات المتحدة لن تخاطر بالشراكات الأمنية فى الشرق الأوسط مقابل قيم ديمقراطية، ولن يهم إذا فعلت.
كما أنه لا توجد أدلة كثيرة على مدى فعالية تعليق المساعدات على قرارات الأنظمة الاستبدادية.. ويزداد ذلك وضوحا فى ظل المساعدات والدعم الخليجى لمصر. ولذلك، دعت هلال الإدارة الأمريكية إلى ضرورة التركيز على بناء الأطر الإقليمية التى تنهى الانقسامات وتساعد على حدوث التقدم والاستقرار بدلا من التهديد بقطع المعونة الذى لن يحدث فارقا كبيرا.
وأخيرا، تقول لينا الخطيب، مدير مركز كارنيجى للشرق الأوسط، إن السياسة الخارجية الأمريكية تواجه تراجعا كبيرا فى مصداقيتها، لو لم تتعلم شيئا من الثورات العربية، وبغض النظر عما إذا كانت هذه الثورات حققت الديمقراطية أم لا، فإنها سلطت الضوء على شكاوى المواطنين العرب، وعلى أمريكا أن تظهر وعيا بهذه المطالب التى لأصحابها كل الحق فيها، وتطبق سياسات المساعدات والتى تدعم المساءلة كأحد الشروط الأساسية للبلدان الحريصة على تلقى المعونة الأمريكية.
خمسة خبراء أمريكيين يدلون بآرائهم بشأن مستقبل المساعدات لمصر.. خلاف حول دور المعونة فى نفوذ واشنطن.. والبعض يرى أن تعليقها لن يجدى فى ظل دعم الخليج
الأحد، 13 أبريل 2014 12:33 م
وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة