أقيمت فى باريس مساء اليوم السبت ندوة وعرض لفيلم وثائقى حول تاريخ ومسار وأفكار جماعة بعنوان "الإخوان المسلمين، تحقيق حول آخر أيدولوجية شمولية" للمؤلف والمخرج الفرنسى مايكل برزان.
ويتطرق الفيلم إلى تاريخ الجماعة الإرهابية منذ نشأتها وأيدولوجيتها وارتباطها بجماعات أخرى منها المتطرفة، وذلك من خلال لقاءات قام بها المؤلف مع عدد من قيادات الجماعة من بينهم خيرت الشاطر إبان الثورة وحتى الانتخابات البرلمانية التى فاز بها الإخوان بالأغلبية.
وسلط الفيلم الضوء على أن الديمقراطية بالنسبة للإخوان المسلمين هى وسيلة للوصول للسلطة فقط، بينما هم فى الحقيقة مناهضين للديمقراطية.
وخلال المناقشات، التى شارك فيها الدكتور كمال الهلباوى العضو السابق بالجماعة الإرهابية، والدكتور عمار على حسن الباحث فى علم الاجتماع السياسى والخبير فى شئون الحركات الإسلامية، أكد شحاتة رزق (مصرى) رئيس جمعية "العلمانية للجميع" التى نظمت اللقاء، أن مخرج الفيلم مايكل برزان سيكون خلال الأيام المقبلة ضيفا على مصر، حيث سيستقبله الرئيس عدلى منصور تقديرا للعمل الوثائقى الذى قام به من أجل مصر.
وأضاف أن الندوة تهدف إلى تسليط الضوء على ما تقترفه الجماعة من أعمال إرهابية فى مصر حاليا.
وتعليقا على الفيلم الوثائقى الفرنسى، اعترض الدكتور عمار على حسن على ظهور خريطة مصر فى الفيلم بدون "حلايب وشلاتين"، منتقدا فى الوقت نفسه إهمال المخرج والمؤلف لدور الغرب فى تغذية الإرهاب من أجل خدمة المصالح الغربية.
وأضاف حسن أن تنظيم "القاعدة" صنعته الولايات المتحدة الأمريكية بالأساس من خلال حركة الجهاد ضد الروس فى أفغانستان، أما حركة "حماس" فقد قدمتها إسرائيل بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى فى عام 1987 لضرب المقاومة اليسارية الفلسطينية، معتبرا أن الفيلم غير متوازن من الناحية العلمية.
وأوضح أن الفيلم أهمل أيضا أهم شىء فى تاريخ الجماعة وهو تعاونهم المتتابع مع الحكومات، وما تخلل ذلك من صفقات وتفاهمات، وهو ما منح الإخوان القوة على الاستمرار.
وأكد على ضرورة التفريق بين "الدين" و"التدين"، حيث إن الأخير قد يحول "الدين" إلى أهدف أخرى، مشيرا إلى أن المشكلة لا تتمثل فى علاقة الدين بالسياسة، ولكن علاقة الدين بالسلطة تمثل لب المشكلة".
كما ألقى عمار على حسن الضوء على الأمور الايجابية التى تطرق لها الفيلم الفرنسى ولاسيما طرحه للإخوان على أنهم تنظيم دولى "لا يؤمن الوطنية".
ومن جانبه، قال الدكتور كمال الهلباوى إن الفيلم حصر الإخوان فى القرن الحادى والعشرين فقط سواء فى مصر وتونس وإيران وفرنسا، مشيرا إلى أن المخرج الفرنسى معذور فى تناوله لأنه لا أحد يستطيع أن يفهم "الإخوان" حتى أعضاء الإخوان أنفسهم "حيث لا يفهم الجماعة سوى من يصل إلى قمة القيادة فى مكتب الإرشاد أو التنظيم الدولى".
واعتبر الناشط المصرى ثروت بخيت، أن الفيلم الفرنسى تضمن اعتراف من خيرت الشاطر بأنه لا يوجد أى فرق كبير بين الإسلام السياسى والإخوان، بل وجميع الحركات الإرهابية التى خرجت من عباءة الإخوان.. مضيفا أن المرشد السابق للجماعة أكد – فى اللقاءات التى أجراها مخرج الفيلم معه- أنه لا أحد يستطيع أن يقف أمام الإخوان "ولكن الشعب المصرى وقف أمامهم وأسقطهم"، كما أظهر الفيلم أيضا أن الجماعة تعمل ضد الوطنية، وأكد بخيت أن الشعب المصرى أسقط المشروع الإرهابى.
وأعربت مريم ميلاد رئيسة حزب "الحق" عن تقديرها للمخرج الفرنسى الذى قالت عنه إنه "اخترق مقر الثعابين بالمقطم" فى إشارة إلى مكتب الإرشاد، كما أشار الفيلم إلى أنه ينبغى على جميع الشعوب فى العالم "مواجهة السرطان الإخوانى وبتره".
وردا على أسئلة الحضور بشأن راشد الغنوشى الذى يدعى فى الأيام الأخيرة إنه لا ينتمى لتنظيم الإخوان الإرهابى.. قال الدكتور كمال الهلباوى إن راشد الغنوشى كان معارضا لنظام الحبيب بورقيبة والرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على ولجأ إلى بريطانيا، ولكنه كان يشارك فى بعض الاجتماعات للتنظيم فى لندن، وشدد الهلباوى على أن ما حدث فى مصر (ثورة 30 يوينو) يعد ضربة قوية للتنظيم.
وحول أسباب انشقاقه عن الجماعة الإرهابية.. أكد كمال الهلباوى أنه ترك الإخوان على مرحلتين الأولى فى أواخر التسعينيات من قيادة الجماعة من أجل التفرغ للثقافة والعلم، قبل أن يتقدم باستقالته فى نهاية مارس 2012، بسبب مشاركة الجماعة فى وقت متأخر فى ثورة يناير 2011، وأيضا بعد أن اكتشف أن جماعة الإخوان عقدت إبان الثورة لقاءات سرية مع نائب رئيس الجمهورية السابق اللواء عمر سليمان دون أن يخبروا الثوار فى ميدان التحرير.
وأوضح أنه تقدم باستقالته من الجماعة الإرهابية بعد أن وجد أن هناك انحرافا عن طريق الدعوة والتربية من أجل الوصول إلى السلطة والتحكم فى السياسة، وبعد ذلك أنهم لم يحترموا التزاماتهم التى أعلنوا عنها قبل يوم من تنحى مبارك بشأن عدم مشاركتهم فى الانتخابات الرئاسية.
وأعتبر الهلباوى أن "الإخوان لهم نواح إيجابية كثيرة، ولكنهم أخطأوا بشكل كبير بتحالفهم مع الجماعات الإرهابية".
ومن جانبه.. قال مايكل بارزان مخرج ومؤلف الفيلم الفرنسى، إن أحداث فيلمه انتهت قبل وصول الإخوان إلى الحكم فى مصر، ولكن الكتاب الذى رصد فيه تطور جماعة والذى صدر مؤخرا تطرق إلى ذلك وحتى سقوط النظام الإخوانى فى مصر.
وأكد أن مصر وتونس ودول أخرى استعادت اليوم مسارها إلى الحرية.. معتبرا أن سقوط الإخوان فى مصر والنهضة فى تونس يدل على ذلك.