محمود سرحان يكتب: إنها زوجة مثالية

السبت، 12 أبريل 2014 04:06 ص
محمود سرحان يكتب: إنها زوجة مثالية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظل ينظر إلى الحصى ويراقب خطى النمل الذى يسير بانتظام كصف من الجنود يطيعون قائدهم ولكنهم تحلوا بمبالغة فى الالتزام والطاعة، ومن حين لآخر تهفوا إليه نسمة العصارى فى وسط الحقول المليئة بالخضرة والجمال والعصافير والأشجار الكثيفة وصوت هدير المياه تحت الساقية والسماء الزرقاء التى تغطيها سحابة ناصعة البياض، وهو يستمع إلى الآخرين بابتسامة تظهر على وجهة، ولكن الحديث اليوم على غير العادة، فإنهم يتحدثون عن الحب والغرام، وكيف بدأ كل منهم حياته وكيف تعرف على زوجته وبأى طريقة كانت حياته، فرغت أكواب الشاى جميعها، بينما اتكأ أحدهم على جزع شجرة وظل يروى لهم مغامراته السعيدة وزوجته المخلصة الوفية وكيف كانت تتحمله فى بداية مشواره، وفى كل مره يروى موقف طريف يُضحك الجميع بصوتٍ عالٍ، ولكنه يكتفى بالابتسامة، ويبدوا أنه يتعجل الحديث أن يحدثهم هو، أو أنه ينتظر أن يأذن له أحدهم بالحديث فيمانع فى بداية الأمر من وراء قلبه ثم يوافق سريعاً خشيا من ضياع الفرصة..!!

ثم جاءت اللحظة الحاسمة، وآن له أن يتحدث، فمسح كفيه من التراب العالق بِهما اعتدل فى جلسته، وقال لهم إننى فى الحقيقة لا أحب التحدث فى مثل هذه الأمور الشخصية خاصة وأنه يحيطها الكثير من الأمور الحساسة والأسرار العائلية التى لا يجب أن نبوح بها، ولكنى كلى يقين وثقة بكم، ولولا ثقتى الكافية ما تكلمت عن بيتى وزوجتى، فحركوا رؤوسهم جميعاً دون أى تعليق موافقة على المقدمة الموضوعية ،،فتابع إننى فى الحقيقة من أسعد الناس فى حياتهم الزوجية، فزوجتى تعرفتُ عليها صدفة أثناء سيرى فى الطريق، ثم تابعتها حتى دخلتُ بيتها، ولم أكن أنا الشخص الذى يتابع امرأة فى الطريق.. ولكنى وجدتُ فيها شيئا لم أجده من قبل، وجدتُ فيها الارتياح الشخصى والجمال الصافي، ونقاوة الخطى والثقة بالنفس، ثم تقدمت لخطبتها فساعدنى ربى بأن أتم على الفرحة وكانت من نصيبى، سافرتُ معها إلى بلدان عدة، وقد تحملت معى الكثير من العناء والمشقة، حتى أننا نمنا على الأرض يوماً.. وكنا نأكل العيش بالماء والسكر، فقد مرت علينا سنوات عجاف، ولم تشتك قط، إنها تحبنى فوق الوصف.

لم أرها يوما تفشى لى سراً، وما سمعت لها صوت عالٍ فى البيت، إن جاء ضيف فعلت له المستحيل من أجل إكرامه وضيافته، دائماً ما تقول هذا فى وجهك أنت. وأنت الكريم وبيتك يحيطه الكرم، ثم نسى نفسه فقال، امرأتى كالشمس ليست ككل النساء..إن ضحكت ترى شعاع الأمل فى عينيها..وإن بكت ترى الحنين يقطر من شفتيها..!!

إنها امرأة مثالية، لا ذنب عندها ولا خطيئة، لم أعِد عليها كلمة مرتين، وكثيراً ما تفهمنى من غير الكلام، إذا أغضبتنى اعتذرت، وإذا أغضبتها اعتذرت أيضاً، تخشى عليا من الهواء، تدعوا لى فى كل سجود، أنجبتُ منها أولادي، لم تشكوا منهم قط ،،علمَتهم القرآن، وتسهر معهم الليالى وأنا نائم لأستيقظ مبكراً لعملى، جَلسَت مع أمى وأبى أعوام قبل وفاتهم، لم يشكوا منها أبدا، إنها بستان من الزهور، بحر من الدفء والأمان، ثم سمع لحن فى إذنيه ونسى بحديثه أنه يجلس مع رجال ويستمعون له، ونسى بأنه يتحدث عن زوجته التى يعرفونها جميعاً وأنه بالغ فى الوصف بدقة ونسى حرمة بيته، قال زوجتى أجمل النساء وأرقى النساء، وأكثرهن ذكاءً، ما أعطيتها حقها، وما ظلمتها فى حديث إلا ورأيتها تبتسم فى وجهي، ما مرضتُ يوماً إلا ورأيتها طبيبة، ما خشيت يوماً إلا ورأيتها أمينه ومعينة، زوجتى هى لؤلؤة ناصعة البريق، هى النور والأحلام، هى الصبر والرجاء، هى الطاعة والإيمان، هى الهدى والاطمئنان، هى السعادة والهناء، ما تخاصمنا لدقائق إلا وجاءت لترضينى، إنها تعلم ما لها وما عليها، زوجتى يا سادة هى الزوجة المثالية المعينة الوفية..المخلصة الأبية، هى الحب، هى الثقافة، هى العلم، هى الـ......

انتبه على صوت الباب يُغلق بعنف وشدة، إذا بزوجته تمر عليه دون أن تهمس بكلمة، فدخَلت غرفتها، وتذكر أنه لم يحتس كوب الشاى وأنه قد فقد حرارته، فقام من مقعده ودخل غرفة أخرى لم يكن بها إلا مقعد وسرير، فجلس ونظر بحزن إلى النافذة ،،فسمع صوتا شديد الحدة آتٍ من صالة البيت ،،وإذا بزوجته تتهكم على أحد أبنائه بأشد الكلمات،، فتذكر أن هذا اليوم هو المتمم للمائة الرابعة دون أن يجلس مع زوجته فى غرفة واحدة، وأنه أفضى بذلك بسبب كثرة الخلافات والشجار بينهما ليل نهار ،،فكانت آخر الخلافات الكبيرة بينهما أنها اشتكت لجارتها من سوء المعاملة.. وأفشت أسرار البيت.وسمعها فى حين غفلة وهى تدعو عليه ،، وأنه كثيرا ما يفكر فى الزواج من امرأة أخرى ولكن أبناءه يثقلون عليه فيخشى عليهم من الضياع وهلاك البيت فيعدل عن فكرته فى كل مرة،، ثم ابتسم حينما تذكر نفسه وهو يروى المواصفات التى كان يتمناها فى زوجته،، وكأنها الحقيقة.. فنظر إلى صورة لها على الحائط وقال بصوتٍ مرتفع،، كل ما أتمنى أن أجده عندك أراه فى الخيال.. وأنت تفعلين عكسه فى الحقيقة..!!!





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

مروه

ايموشن محزن

عدد الردود 0

بواسطة:

khalifa

صدمة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة