خلو العالم من رجل نبيل وشريف يعد خسارة للبشرية كلها، شوقى فهيم واحد من هؤلاء، رحل قبل أيام ولم يعرف أصدقاؤه إلا بعد دفنه، عاش وحيدا ومات وحيدا.
الإذاعى الكبير الذى بذل عمره فى إذاعة البرناج الثانى «الثقافى» يتجول أسبوعيا فى أروقة الأدب فى برنامجه العريق جولة الأدب، القاص والمترجم الذى عرفنا لأول مرة بأدب ماركيز فى اللغة العربية من خلال أجمل غريق فى العالم، وقبل ذلك أحد أعمدة المثقفين فى وسط البد، الحنون الذى جلس إلى جوار نجيب سرور وأمل دنقل ويحيى الطاهر عبدالله ومصطفى عبدالعزير وإبراهيم منصور وفاروق عبدالقادر، هو راعى الرقة والحكم الذى يلجأ إليه المختصمون، كان يشع بهجة أينما حل، تهرب الكآبة عندما تراه.
عاش حياته كلها بمفرده، واعتزل الناس فى السنوات الأخيرة بسبب الشلل الرعاش، ولكنه كان على الفيس بوك يشاغب ويعلق ويدلى بآرائه بعذوبة وصدق، لم أشاهده غاضبا أو متوترا إلا فى سنة الإخوان، كان يصرخ ويعبر عن خوفه بصوت عال.
شوقى فهيم أو عمى شوقى تجاوز السبعين وهو يحمل الابتسامة نفسها، يفرح إذا تعرف إلى كاتب شاب قادم من الأقاليم، وإذا أعجبه عمله يأخذه إلى الإذاعة ويقدمه باعتباره كاتبا كبيرا، كان مدافعا عنيدا عن حرية الإبداع وعن القضية الفلسطينية.
معظم كتاب الستينيات كانوا يقدرون ذائقته ويأنسون لرأيه، شوقى فهيم معنى كبير قام بأدوار جليلة لإعلاء قيم التفكير العلمى والتسامح وحق الاختلاف، كان نموذجا للمثقف النظيف الذى لم يضع إصبعه تحت ضرس أحد، رحمة الله عليه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة