استيقظت من نومها كعادتها وهى تبكى من هول ما رأت فى منامها.. سنوات وهو يطاردها فى أحلامها.. ولما سألت قالوا لها إنها روح معذبة تسكن جسدك وتؤرقك حتى تمتثلين لطاعتها وإلا ستحيين معذبة النفس متعبة الجسد إلى أن تلتقى بها فى العالم الآخر.. كانت تناشده قائلة :
أيها المجهول الذى يسرى بروحى فى جوف الليل..فأرى فى منامى ما يعذبنى.. من أنت أيها السارى بروحى بين السماء والأرض.. تعرج بى بين أروقة المدن والشوارع ترينى ما ليس لى به علم.. ما أنت إلا اتصال بعالم لم أعرفه ولم أدرك خباياه.. فبمجرد انتهاء الحلم تسيطر على نفسى مشاعر الحزن.. من أنت أيها المنادى تنادى علىَ لترينى ما لم يره البشر.. وتنبئنى بالغيب.. كلما غفا جفنى أجدنى أتجول بين أروقة الموت أشتم رائحة القبور أعبث بأجساد الموتى.. أسمع الموتى وتسمعنى... ترسل إلى إشارات لا يفهمها سواى.. تحدثنى وأحدثها.. تحكى لى أسرار العالم الآخر.. تكشف لى خبايا وأسرار كل من حولى فأنفذ فى أعماق البشر.. فأصبحت أعيش فى ترقب بين الآتى بما يحمله لى من أنباء محزنة وبين خوفى من المجهول الذى يطاردنى.. لقد بشرتنى بوفاة أعز الناس على نفسى.. وهدمت حياتى وفرقت بينى وبين كل من أحب.. إنك المجهول الذى يطاردنى فى صحوى ومنامى.. تقلبنى ذات اليمين وذات الشمال..وأنا مستسلمة لك.. لقد أضحت روحى معذبة.. وعيونى دامعة.. أترقب المجهول.. وأبحث عنك فلا أجد إلا سرابا لشبح يطاردنى.. يهدنى ويدمرنى.. من أنت ؟...يا من بعثت اليأس فى أوصالى.. فكرهت منامى وحلمى.. وكرهت اليوم الذى تملكتنى فيه.. إنك الروح التى تسكننى لتؤرقنى وتجعلنى دائما تحت سيطرتك.. انك الروح المعذبة بعشقى فآثرت محاربة روحى والآن أوشكت أن أعلن انتصارك على واستسلامى لأوامرك بالعيش فى عالم الأموات فلا مفر من لقائك فى هذا العالم الذى سبقتنى إليه تنتظرنى هناك وطاردتنى من خلاله لأصل إلى قمة يأسى واستسلامى للحقيقة الوحيدة فى هذا الكون ألا وهى الموت، سأقتل الحيرة والشك وأرحل، وأخرج الروح المعذبة من الجسد المتعب، فما أنت إلا شبح يطاردنى ولا غير الموت يكشف لى حقيقتك أيها المعذب.. وقتها فقط الروح ستهدأ وتستريح.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة