أنا شاب مصرى كافح حتى التحق بكلية من كليات القمة، ثم التحق بسلك أعضاء هيئة التدريس، ثم سافر لدراسة الدكتوراه فى واحدة من أكبر الجامعات الأمريكية، وتدرب فى تخصص من أدق التخصصات الطبية، وقرر أن لوطنه عليه حق فيما حصّل وما تعلم، فعاد إليه مشاركًا غيره من ملايين المصريين الحلم بغد أفضل تعلو فيه قيم الإنسانية ودولة القانون.
كما إننى من ساكنى صعيد مصر.. فى أفلام السينما القديمة كان الموظف السيىء أو المغضوب عليه، وأى مهنى يراد عقابه ينفى إلى الصعيد ومع مرور الوقت وتتابع العقود بدات تلك الرواسب تؤتى حصادها بفعل فاعل للأسف أو فاعلين على مر التاريخ وكله ممتزج بعقود من عدم الاهتمام بتنمية الصعيد نرجو ألا تستمر.
بعد الثورة وتراخى يد الدولة وهيبتها بدأت تظهر على الساحة طبقات جديدة كاشفة عن وجهها القبيح بقوة وشكل متحد منها طبقة البلطجية، وتمددت فى الفراغ الأمنى الناتج عن غياب الأمن وغياب الدولة وتحالفها مع بعض الفاسدين فى بعض مراكز القوة، وكونت قوة حقيقية استطاعت أن تتجاوز فى بعض نقاط ضعف الدولة الجغرافية قوة الدولة نفسها وتهددها، تلك النقاط التى انفصلت ليس فقط عن قبضة وقوانين الدولة بل عن مسار التاريخ ومقتضيات القرن الواحد والعشرين لنعود قرونا إلى الوراء، حيث يتواجد البلطجى أو الفتوة الذى يمارس أعمال البلطجة ويطالب بالإتاوة ليكف شره عن الناس وإن دويلات الإجرام المتنامية على أطراف هيبة الدولة المنكمشة بدأت تنقلنا إلى الماضى، حيث عصر اللاقانون واللادولة.
حين يقف بلطجى على رأس مجموعة من أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة يفرض عليهم إتاوات، ليكف عنهم شروره ويتعرض لمن يرفض منهم بالأذى فيتلف ممتلكاتهم سرقة أو حرقًا أو تحطيمًا، وحين يقتحم على بعضهم مقر عمله بالسيوف، وحين يتحدى حتى القانون ويمنع تنفيذ أحكامه وحين يصل به الأمر إلى تهديد من يتحدى سلطانه بعقاب مفتوح المدى، قد يصل إلى القتل أو الخطف ناهيك عن الحرق والتكسير ففى أى دولة نعيش وفى أى عصر !
إلى أين تمضى بنا قاطرة الوطن وعلى أى مسار تسير إذا كان محمد على منذ أكثر من قرنين من الزمن يحتفى بأبناء مصر العائدين من بعثاتهم بعلوم العالم لخدمة الوطن، فيضعهم حيث ينبغى أن يوضعوا ومنذ عقود لم يكن عبد الناصر أقل احتفاء بهم من محمد على بل كان يرسل إليهم من يستقبلهم من على أبواب الطائرة.. حمتهم الدولة وكرّمتهم ووضعتهم فى مكانهم اللائق فدفعوا قاطرة الوطن إلى الأمام.. أما اليوم فلا نطمع من الدولة فى كل هذا التكريم أو كل هذه الحفاوة ولكن على أقل تقدير نطلب منها أن تشعرنا بوجودها وسلطانها، ألا تسلمنا لدويلات البلطجية تهدد أرواحنا وأرواح أبنائنا وهى عاجزة عن التصرف أو غير راغبة فى التصرف.. من أبسط حقوقى وحقوق أى مواطن أن نأمن على حياتنا وحياة أبنائنا.
يا سيادة رئيس الدولة يا رجل القانون نريد أن نعيش فى حمى القانون وظلاله.. يا معالى رئيس الوزراء يا من تنادى بأن اللحظة لحظة الإخلاص والعمل الجاد لاستدراك ما فات، كيف نعمل وسيوف البلطجية تهدد أرواحنا؟ السادة حماة أمن الوطن فى جيش مصر وشرطتها نقدر الدور الذى لعبتموه ومازلتم لحمايتنا من الإرهاب ولكن.. أليست البلطجة نوعًا من الارهاب؟ إنه يهدد سلامتنا وسلامة أهالينا.
نحن نرفض أن تقتسم معنا أقوات أبنائنا شلة من العاطلين الخارجين على القانون تحت تهديد السلاح، وأعمال التخريب المنظم لممتلكاتنا. هذه صرخة استغاثة ثانية لكم بعد الصرخة الأولى التى ارسلتها لكم عبر برقيات الاستغاثة فأدركوا هيبة الدولة وأدركوا أمن مواطنيكم.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
adel
البقاء للأصلح أم البقاء للبلطجي