تساءلت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس عما إذا كانت الأزمة الأوكرانية ستعيد أمريكا إلى سابق نفوذها.
وقالت رايس، معلقة على الوضع المتأزم فى أوكرانيا تصريحا نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على موقعها الإلكترونى اليوم السبت: "حينما كنت مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى قصره الرئاسى عام 2004 قال لى: أود أن أعرفك بفيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكرانى المعزول حاليا، المرشح الرئاسى لأوكرانيا آنذاك، كان يريدنى أن أستنبط أمرا ألا وهو أنه رجلى وأوكرانيا ملكنا ولا تنسى ذلك ".
وأضافت رايس أن الأزمة الأوكرانية تمر بحالة من التخمر بين دول الغرب وروسيا فمنذ الثورة البرتقالية فى أوكرانيا حاولت الولايات المتحدة وأوروبا إقناع روسيا بأن الأراضى الأوكرانية لا ينبغى أن تكون رهينة الصراع بين القوى العظمى، بل دولة مستقلة يمكن أن ترسم مسارها الخاص، ولكن بوتين لا يراها من هذا المنظور فبالنسبة له تحرك كييف نحو الغرب هو فى حد ذاته إهانة لروسيا لأنها لعبة صفرية الناتج تقيس ولاء الأراضى السابقة للإمبراطورية الروسية، ولذا فإن بوتين اتخذ بعض الأسباب الواهية ذريعة للغزو وعملية ضم شبه جزيرة "القرم" المحتملة وكانت ذريعته مجرد الخوف على السكان الناطقين بالروسية فى شبه جزيرة "القرم".
وقالت رايس: لابد أن يكون هناك رد فعل حتى تتراجع روسيا وتعلم أن أى تقدم آخر لن يسمح به، وأن السلامة الإقليمية لأوكرانيا تعد أمرا مقدسا. ولذا فإن العزلة الدبلوماسية، وتجميد الأرصدة والممتلكات وحظر سفر بعض الشخصيات الروسية تعد أمرا مناسبا.
وأضافت قائلة: إن الإعلان عن إجراء مناورات للدفاع الجوى مع دول البلطيق وتحرك مدمرة أمريكية نحو البحر الأسود، وكذلك تقديم المساعدات الاقتصادية لزعماء أوكرانيا المتعثرين الهدف منه دعم حلفائنا الذين يجب عليهم وضع الانقسامات الداخلية جانبا والبدء فى حكم بلادهم.
وأردفت قائلة: أما المهمة طويلة المدى فهى الرد على بيان بوتين حول مستقبل أوروبا بعد الحرب الباردة، حيث قال بأن أوكرانيا لن تكون حرة فى اتخاذ قرارات خاصة بها وهى الرسالة التى مرادها أن يتردد صداها فى أوروبا الشرقية ودول البلطيق- وأن روسيا لديها مصالح خاصة ستسعى وراءها بكل ثمن.
وأفادت رايس بأن بوتين يلعب على المدى الطويل ويستغل كل فرصة أمامه ولذا علينا ممارسة الصبر الاستراتيجى إذا اردنا إيقافة فإن موسكو ليست بمنأى عن الضغط فهى ليست الاتحاد السوفيتى الآن.
وترى رايس أن العقوبات الاقتصادية ستشكل تأثيرا لأن الروس فى حاجة إلى الاستثمارت الأجنبية، ويحب أعضاء الحكومة من رجال الأعمال، السفر إلى باريس ولندن وهناك مكاسب غير مشروعة كثيرة فى حسابات مصرفية فى الخارج، ولن يسمح من يدير روسيا ولا ميزانية الكرملين على خفض أسعار النفط والتى تستخدم عوائدها فى تقديم الإعانات للدوائر الانتخابية التى تدعم بوتين.
وعلقت قائلة: قريبا سوف تكسر إعانات أمريكا من النفط والغاز لأوكرانيا شوكة روسيا فى ظهرالأوكرانيين، حيث ستنشئ الحكومة الأمريكية خط أنابيب غاز "كيستون أكس أل" لدعم الصادرات الأوكرانية من الغاز الطبيعى، وسوف تنوع أوروبا إمدادات الطاقة وتطوير خطوط الأنابيب التى لا تمر عبر روسيا، الأمر الذى أدى إلى نفور كثير من المثقفين الروس من الإدارة الروسية لأنهم يرون بأن بلادهم لا ينبغى عليها أن تكون مجرد مصدر للصناعات الاستخراجية العملاقة.
ونوهت رايس إلى أن الشباب الروسى اليوم يريد أن يعيش الحريات السياسية والاقتصادية والقدرة على الابتكار والإبداع فى الاقتصاد القائم على المعرفة، وعلينا أن نصل إلى الشباب الروسى، خاصة الطلاب والمهنيين الشباب، وكثير منهم يدرسون فى جامعات الولايات المتحدة ويعملون فى الشركات الغربية وتحتاج القوى الديمقراطية فى روسيا إلى الدعم الأمريكى لتحقيق طموحاتهم وهم مستقبل روسيا وليس بوتين.
وفى نفس السياق، قالت ينبغى على الولايات المتحدة أن تسترجع عافيتها ومكانتها على الصعيد الدولى والتى تآكلت بسبب كثرة مد أيدى الصداقة لأعدائنا وأحيانا على حساب أصدقائنا، فإن استمرار التقاعس عن العمل فى سوريا، والأمر الذى عزز من شوكة موسكو فى الشرق الأوسط والدلائل التى تقول بأننا فى حاجة ماسة لاتفاق نووى مع إيران كان دليلا واضحا على استخدام بوتين هذه النقاط فى صالحه وهو الأمر الجلى فى تصرفاته فى الآونة الأخيرة.
وأشارت رايس إلى أن تراجع ميزانيات الدفاع الأمريكية جذريا يدل على أنه لم يعد لدينا إرادة أو نية للحفاظ على النظام العالمى، وكذلك الحديث عن الانسحاب من أفغانستان وما إذا كان الوضع الأمنى يستدعى وجودنا أم لا يجب علينا ألا نفشل كما فعلنا فى العراق.
فالفكرة وراء تراجع الولايات المتحدة وانخفاض صوتها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان هو أن يشغل هذا الفراغ حلفاء ديمقراطيون، دول صديقة مبنية على قواعد المجتمع الدولى.
وعلى النقيض ملء الفراغ من قبل متطرفى القاعدة الذين ظهروا من جديد فى العراق وسوريا ومن قبل الطغاة مثل الرئيس الروسى بشار الأسد الذى ذبح شعبه بمساعدة روسيا وإيران وبالخطب الرنانة وأفعال الجانب الصينى التى دفعت حليفتنا اليابان لاستخدام الردود القومية وأمثال فلاديمير بوتين الذى مازال يعتقد بأن القوة الصارمة مازالت هى الأمر النافذ.
وقالت: لم تحدث هذه التطورات العالمية ردا على استعراض السياسة الخارجية للولايات المتحدة بعضلاتها، ولم تحاول الدول أن تدرك طريقة عمل "توازن" القوة الأمريكية إلا أن هذه التطورات حدثت بسبب ما تم فهمه من أننا فى حالة من الإنهاك.
واختتمت رايس تصريحاتها بالقول: يجب أن تمثل الأحداث فى أوكرانيا دعوة استيقاظ لهؤلاء الذين يرون أن الولايات المتحدة تتحاشى مسئوليات القيادة، وإذا لم يتم الالتفات إلى الأمر سوف يتجرأ الحكام المستبدون والمتطرفون فى جميع أنحاء العالم، وسوف نقوم بدفع الثمن وسوف يتم التعدى على مصالحنا وقيمنا عقابا لذلك.
كونداليزا رايس تأمل نجاح أزمة أوكرانيا فى إعادة واشنطن إلى سابق نفوذها
الأحد، 09 مارس 2014 03:14 ص
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة