قال الكاتب المصرى جمال الغيطانى، إن ثورة يونيو كانت "ثورة شعبية بمعنى الكلمة، دعمها الجيش"، معتبرا أنها "كانت موجهة ضد حكم الإخوان المسلمين، الذين أساءوا التصرف، ولكنها اصطدمت بالمشروع الكونى، الذى تقوده أول قوة عظمى فى العالم، بهدف تقسيم العالم العربى".
جاء ذلك خلال لقاء جمعه بالكاتب المصرى الشاب محمد الفخرانى، والمخرجة التونسية هند مؤدب (نجلة الكاتب عبد الوهاب مؤدب)، فى إطار فعاليات المهرجان الدولى للكتاب والفيلم، (مسافرون مذهلون)، المنظم بمدينتى الرباط وسلا، شمال المغرب، تحت شعار "عالم يتحرك".
وأضاف الغطانى أن "العالم العربى يعيش اليوم مفارقات عجيبة، بين ما تريده الشعوب، التى ترغب فى العيش الكريم، والكرامة، والحرية، وهى الشعارات التى رفعت فى أغلب البلدان العربية، وما تريده الحكومات العربية لتحقيق أهدافها ومصالحها، وفى المقابل هناك مخططات عالمية لتقسيم العالم العربى"، دون أن يكشف عن مضمون هذه المخططات والجهات الواقفة وراءها.
كما رأى أن "ما شهده ويشهده العالم العربى، يكشف عن "مخطط جهنمى" لتقسيم العالم العربى على أساس عرقى ودينى، خاصة أن تلك القوى تدعم من يستغل الدين فى السياسة"، مشيرا إلى أن "مصر مهددة بشكل كبير". ولم يخف الكاتب المصرى أنه كان "متشائما جدا لما حصل الإخوان المسلمون على الحكم فى مصر".
ومضى قائلا: "السنة التى حكم فيها الإخوان المسلمون فى مصر كانت من أسوأ السنوات التى عرفها التاريخ المصرى الحديث"، قبل أن يضيف: " فى حين أن مرحلة الرئيس حسنى مبارك كانت مرحلة المد الأصولى بامتياز، استهدفت فيها حرية التعبير بشكل كبير، وعرفت مصر معارك مشهورة فى هذا المجال".إلى ذلك، شدد الغيطانى على أن "رقابة الشارع أخطر من رقابة الحكومة، لأنها غير محددة".
وقال إنه "لا توجد مشكلة تعبير اليوم فى مصر، فالشباب يكتبون، ويعود الفضل فى كل ذلك إلى ثورتى يناير ويونيو، اللتين قام بهما الشعب المصري"، وفق تعبيره، دون أن يغفل إسهام الانترنت فى هذا المجال.
ونبه إلى أن "ما وقع فى الثورتين لم يظهر بعد فى الكتابات الأدبية، التى انتعشت بمصر بشكل كبير"، متوقعا أن يحضر هذا الأمر "تدريجيا فى الكتابات مستقبلا".
من جهته، قال الكاتب المصرى الشاب محمد الفخرانى (أحد أبرز الأصوات الأدبية الجديدة بمصر) للأناضول، إن ما حدث فى 30 يونيو "ثورة أكيدة"، وأنه يتوقع الأفضل لمصر، ما دام "الرجل العادى المصرى أصبح يتحرك ويفرض كلمته فى الشارع"، على حد تعبيره.
ورأى أن "الساحة الأدبية بمصر بدأت تعرف تحولات مهمة، حيث ظهرت أسماء شابة تبحث عن عوالم جديدة للكتابة، وعن لغتها الخاصة"، مشيرا إلى أن "كسر طابوهات (الدين والسياسة والجنس) لم يعد له معنى اليوم فى الكتابة الأدبية الجديدة، كما أن فكرة المنع أصبحت سخيفة للغاية".
وأشار الفخرانى (الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية عن مجموعته القصصية "قبل أن يعرف البحر اسمه" عام 2013)، إلى أنه يستمتع بكتابة الرواية والقصة، ويحاول أن يجرب الكتابة عن عوالم مختلفة، بتقنيات مختلفة أيضا.
وأضاف قائلا: "فى تقديرى العالم كله متاح للكتابة، فأنا لم أكتب فقط عن عوالم المهمشين، بل أصدرت مجاميع قصصية مختلفة عن موضوع روايتى "فاصل للدهشة"، حاولت من خلالها الانقلاب على الواقعية، وإعادة تشكيل العالم، وهو ما أقوم به أيضا فى روايتى الجديدة".
أما المخرجة التونسية الشابة هند مؤدب، فتحدثت عن شريطها الوثائقى "إليكترو شعبى"، والذى يقدم جانبا من الاهتمام الكبير الذى يوليه الشباب المصرى للموسيقى، ولما يسمى لديهم بـ "المهرجان".
وقارنت المخرجة، التى تقيم فى فرنسا، بين الأسلوب الموسيقى المصرى والتونسى، وخلصت إلى أن المصريين مرحين ولا تفارق الابتسامة وجوههم، ويتعاملون مع الموسيقى بأسلوب فكاهى ساخر، فى حين أن التونسيين أكثر التزاما، وجديين إلى أبعد الحدود.
ويشار إلى أن هذه الشريط الوثائقى تم عرضه مباشرة بعد انتهاء لقاء الغيطانى والفخرانى، علما بأنه صُور فى الأحياء الشعبية الفقيرة بمصر، وهو من إنتاج فرنسى مصرى.
ويسدل الستار اليوم الأحد، على فعاليات هذا المهرجان، الذى تنظمه مؤسسة مهرجان "مسافرون مذهلون" الفرنسية، بمدينتى الرباط وسلا (شمال المغرب)، بتنسيق مع مجلس الجالية المغربية بالخارج (هيئة استشارية رسمية) والمعهد الثقافى الفرنسى (مؤسسة فرنسية رسمية) فى إطار موسمه الثقافى "فرنسا – المغرب 2014".
يذكر أن مهرجان "مسافرون مذهلون" تأسس سنة 1990 من طرف الكاتب الفرنسى ميشال لوبرى، بمشاركة كتاب آخرين، اقتبسوا اسم المهرجان من قصيدة للشاعر الفرنسى شارل بودلير.
ويهدف هذا المهرجان، حسب افتتاحية مؤسسه ميشال لوبرى، إلى مساءلة مختلف الوجوه الثقافية والفنية والفكرية فى العالم، حول التحولات التى تعرفها مجتمعاتنا وقيمنا، ولعل هذا هو السبب الذى جعل هذا المهرجان يتنقل بين البلدان (أمريكا، ألمانيا، فلسطين، الكونغو الديمقراطية)، ليكون المهرجان الفرانكفونى الوحيد الذى يخلق هذه الروابط العالمية.
ويضم هذا المهرجان المتنقل، الذى يحمل شعار "عالم يتحرك"، والذى حط رحاله السنة الماضية ببرازافيل بالكونغو الديمقراطية، عروضا سينمائية ومسرحية وموسيقية، ولقاءات أدبية وفكرية، وورشات للحكاية، والشعر.
ويأتى اختيار المغرب فى دورة 2014 من طرف مهرجان "مسافرون مذهلون"، حسب ميشال لوبرى دائما، لكون المغرب بلدا "يعرف تحولات كبيرة، وغليانا ثقافيا"، إضافة إلى كونه ملتقى مختلف الثقافات العالمية، وهذا ما يمنحه الأصالة والقوة.
ويعرف هذا المهرجان عرض مجموعة من الأفلام السينمائية والوثائقية عن الثورات العربية، ولقاءات مع مخرجيها، كما سيخصص لقاءات احتفائية بمجموعة من الكتاب المغاربة والأجانب، وتوقيعات لمؤلفين ومكتبة متنقلة، إضافة إلى يومين مخصصين للقاءات المدرسية والجامعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة