افتتح سعد عبد الرحمن، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وطارق زايد نائب محافظ القليوبية، المؤتمر العلمى الثانى لثقافة القرية تحت عنوان "نحو إستراتيجية لتنمية القرية المصرية" برئاسة د.حسنين كشك، كما يرأس أمانته محمد فهمى درويش، الذى تنظمته الإدارة العامة لثقافة القرية التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة الشاعر مسعود شومان فى الفترة من 8: 10 مارس الجارى بقصر ثقافة قصر الشرفا بمحافظة القليوبية، بحضور لفيف من الإعلاميين والمثقفين وقيادات الهيئة وأبناء القرية.
بدأت فعاليات المؤتمر بإلقاء "كشك" كلمة أشار فيها إلى أن الأبحاث المقدمة فى هذا المؤتمر قد تجاوزت الأبحاث الأكاديمية، كما تجاوزت نظرة العالم وحس الأديب، وأضاف أن الأجمل من ذلك أن يكون الجمهور المتلقى لنتائج الأبحاث ومشارك فى فعاليات المؤتمر هو جمهور القرية، وهذا فى حد ذاته يعتبر إنجازا وفعل مقاومة لاغتراب العلم عن الواقع الاجتماعى، وأضاف أن إشكالية تدهور أوضاع القرى المصرية يكمن فى سوء توزيع الثروة فى البلاد، الديكتاتورية السياسية.
وأوضح عبد الرحمن، أنه الآن أصبحت إدارة الدراسات والبحوث اسم على مسمى منذ أن أتبعت إستراتيجية علمية فى بحث المشكلات الحقيقة التى يعيشها المواطن فى الواقع، وأشار إلى أن المجتمع كان يفتقد هذا الدور الفعال لعهود طويلة بالرغم من أن هذا الدور كان حاضراً منذ نشأة الهيئة عام 1908 إبان عصر التنوير الثقافى على يد محمد فريد، والتى أطلق فيما بعد على هذا النشاط الثقافى اسم الجامعة الشعبية عام 1949، ثم أصبح اسمها الجامعة الشعبية فى الخمسينيات والتى كانت تابعة آنذاك للإرشاد القومى، ثم أطلق عليها اسم الثقافة الجماهيرية عام 1966، وأخيرا الهيئة العامة لقصور الثقافة فى الثمانينيات، وأضاف أن دور الدراسات والبحوث الحقيقى هو كشف الغطاء عن المسكوت عنه وتلبية احتياجات المواطن البسيط.
وأكد زايد أن قرية الشرفا هى مثال للقرية النموذجية التى تفتخر بها المحافظة، حيث إنها لا تزال تحافظ على موروثها الشعبى وتستغله فى إقامة مشروعات صغيرة، كالصناعات اليدوية، كما أنها تحافظ على نشاطها القديم وهو الزراعة، ناهيك عن الحرف الأخرى مثل الجريد والسجاد والخوص، والفخار وغيرها، الأمر الذى يجعل منها منطقة سياحية لافتة للأنظار.
وأعلن شومان أن القرية المصرية ليست مجرد تقسيم جغرافى، ولكنها حيوات وعلاقات ومهارات تترك فى الروح بصمة تاريخية، وأضاف أنها منبع العادات والتقاليد، كما أنها هى التى شكلت العقل الجمعى لأجيال متعاقبة، لاتزال حية حتى الآن بما تحويه من تعاليمها الجادة والأصيلة. وأشار درويش إلى أن القرية هى العمود الفقرى للمجتمع، حيث إنها تعتبر جامعة للحكمة والوجهة الجميل للوطن، وأكد أن الهيئة تدرك هذه المكانة المقدسة للقرية لذلك تحاول إدارة القرية أن ترفع المستوى الثقافى والفنى والإجتماعى والتعليمى من خلال أنشطتها المقدمة لكى تستكمل مسيرة الثقافة التى بدأت منذ سنوات طويلة فى استهداف المهمشين والذين لا ينعمون بالخدمات الثقافية خارج العاصمة.
كما تم تكريم الدكتور حسنين كشك، والراحل محمد مندور الديب، والمهندس محمد عبد الظاهر محافظ القليوبية بإهدائهم درع الهيئة، وكذك القيام بجولة تفقدية لمعرض إصدارات الهيئة ومنتجات الورش الحرفية (السجاد، الكليم، الخزف، الفخار، الحصير، الخيامية، الجوبلان، الطباعة، الجدرايات، الزجاج المعشق ورسوم الأطفال).
أعقب ذلك عقد الجلسة الأولى بعنوان (التعليم آلية رئيسية لتنمية واقع القرية المصرية) والتى أدارها د. محمد حافظ دياب، لمناقشة بحث بعنوان “الريف المصرى وسياسات التعليم" للباحث د. كمال مغيث، والذى أشار فيه إلى أن مصر قد عرفت نهضة حضارية كبرى فى عصر محمد على (1805: 1848) وقد كان للتعليم دوره المحورى فيها من خلال إرسال البعثات وإنشاء المدارس الإبتدائية، ثم جاءت ثورة 23يوليو لتصنع نقله نوعية للمجتمع المصرى عبر مختلف سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، غير أن حقبة مبارك انصرفت تماماً عن الاهتمام بالتعليم الحكومى باعتباره تعليماً شعبياً، إضافة إلى غياب أى شكل من أشكال التخطيط والتنمية الحقيقية، الأمر الذى أدى إلى هذا التدهور التعليمى الذى نشهده الآن، كما قدم د.محمد مهدى، بحثا بعنوان "علاقة التعليم بعادات القرية وتقاليدها" للباحث د. سعيد إسماعيل القاضى، أكد فيها أن انتشار التعليم قد يعمل على تغيير بنية مفاهيم المجتمع القروى للأفضل، فقد يسهم فى تطوير فكر العصبية العائلية ويفعل فكرة استثمار وقت الفراغ، إضافة إلى مواجهته للجهل والخرافات، كما يعمل التعليم على دعم التعاون وتقوية العلاقات الاجتماعية بالقرية، وكذلك التمسك بالعقيدة والغيرة على الأعراض، كما يلعب دورا مهماً فى ارتفاع سن الزواج، ومحاربة عادة الزواج البكر، وكذلك التوعية بخطورة كثرة الإنجاب.
كما عقدت ورشة جمع ميدانى بعنوان "عادات وتقاليد الزواج فى القرية المصرية" وأدارها عثمان عزمى، بمشاركة سلامة المشتولى، عزيزة فوزى، طارق عمران، وحيد أمين، قد تضمنت الورشة عادات الزواج، وإقامة الأفراح، الخطوبة، ليلة الحنة، اتفاقات الزواج، كما تم عقد مقارنات فى كيفية تطبيق هذه العادات فى الماضى والحاضى وأكدوا أن الأمر قد أصبح باهظ التكلفة فى ظل اللحظة الراهنة، التى أثقلت على كتفى المقدمين على الزواج، خاصة مع التدفق التكنولوجى، حيث لم تعد القرية قرية بمفهومها القديم، حيث إنها تطورت بفعل حداثة الزمن، مما أفقد القرية بساطتها خاصة فيما يخص عادات الزواج وتقاليده. واختتم اليوم بعرض فنى لفرقتى الآلآت الشعبية والغناء الريفى بقصر ثقافة الشرفا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة