أصدرت جبهة الإبداع المصرية، بيانا تعرب فيه عن استيائها الشديد من موقف الأزهر ومطالبتهم بمنع عرض الفيلم، رغم أن الفيلم يعرض فى العالم كله، خاصة أن فكرة تحريم ظهور الأنبياء والصحابة مازالت مجرد اجتهادات.
وجاء البيان كالتالى "تلقت جبهة الإبداع ببالغ الاستياء التصريحات الصادرة من الأزهر ومطالبتهم بمنع عرض فيلم "نوح" للمخرج دارين أرانوفسكى فى دور العرض المصرية بينما الفيلم يعرض فى العالم كله ومحاولتهم التعدى على دور جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وهى الجهة الرسمية المخول لها قبول ورفض عرض أفلام.. وتود الجبهة أن تلفت نظر شيوخ الأزهر الأجلاء لعدة نقاط ربما غابت عن ذهنهم بخصوص تلك التصريحات:
أولا: فكرة تحريم تصوير وتجسيد الأنبياء والصحابة فى الأعمال الفنية لازالت حتى الآن لا تتعدى اجتهادا من الشيوخ والفقهاء ولا يوجد نص قرآنى واحد أو حديث شريف مثبت بشكل واضح ينهى عن ذلك بوضوح وإن وجد نعتقد أن على شيوخنا الأجلاء أن يخرجوه لنا كى يتم تأكيد أن الله قد نهى عن ذلك بوضوح.. وإن كان اجتهادا فى التأويل فربما كان على شيوخنا الأجلاء مناقشة هذا الاجتهاد مع المجتمع ومع المفكرين باعتبار أن باب الاجتهاد مفتوح منذ انقطاع الوحى.. ناهيك عن أنك لا تستطيع المنع فعليا لأننا شئنا أم أبينا فالفيلم يتحول الأن لوسيط ينتقل عبر أثير الانترنت لا يستطيع كائنا من كان أن يمنع مواطن من مشاهدته.
ثانيا: نعتقد أن دور الأزهر الشريف بحجمه وبقيمته إن رأى فى هذا العمل معصية أن ينهى الجمهور عن رؤيته أو أن يحذر من ذلك أو أن يقول أن من يشاهد هذا الفيلم هو عاصى للدين الحنيف وفى تلك الحالة لهم منا كل التبجيل طالما أن الأمر دخل فى نطاق "الدعوة" وليس "المحاكمة" تحديدا وأنه كما أوردنا سابقا أن صحيح الدين لا ينهى بوضوح عن ذلك.. وفهمنا لدور الأزهر أو الكنيسة أو المؤسسات الدينية هى الدعوة للدين لا إقامة ما يرونه صحيحا بالقوة.
ثالثا: لا نعتقد أنه فى القرن الواحد والعشرين سيرى مواطن فى الشارع راسل كرو فيسجد له معتقدا أنه سيدنا نوح شخصيا بعد أن أدى دوره فى الفيلم وإلا كان مكان هذا المواطن هو مصحة نفسية وهو التعامل الصحيح معه لا منع الفيلم عن ملايين الأصحاء ذهنيا المدركين لماهية السينما.
رابعا: وهو الأهم: فى تلك الحالة خصوصا.. نحن نتحدث عن سيرة نبى توراتى.. معترف به فى الديانة الإسلامية ولكنه كذلك يخص كلا من الطائفتين المسيحية واليهودية كذلك وكلاهما لا يحرمان ظهور الأنبياء فى الصور والأعمال الفنية فهل سيطالب الأزهر بعد ذلك مثلا بمنع بيع الأيقونات الدينية التى تصور المسيح؟ أو منع عرض مسرحيات الكنائس ؟ اليس واجبا على الأزهر أن يحترم الاختلاف فى الرؤيا ما بين الأديان المختلفة بما نص عليه الدستور من الاعتراف بتلك الديانات الثلاثة وقبول عرض الفيلم مع النهى عن رؤيته احتراما لتعددية المجتمع وأن هذا العمل الذى يرفضونه دينيا ليس مرفوضا لدى المليارات من حاملى الديانات الأخرى المعترف بها ؟ اليس النهى هنا أفضل من المنع وحل أكثر احتراما لثقافة الآخر؟
لن نتحدث بالتأكيد عن التصريح الذى صدر عن أحد شيوخ هيئة كبار العلماء بوجوب حرق السينمات التى ستعرض هذا الفيلم فهذا الفكر يحتاج لرد من هيئة كبار العلماء لا مننا ونعتقد أن اعتذارا ما واجبا من هذا الشيخ احتراما لما يمثل.. إن عودة فكر القرون الوسطى على يد أمثال هذا الشيخ وزميله السابق فى هيئة كبار العلماء القرضاوى هو ما يجعل الإنسان المعاصر يبتعد عن دينه بسبب التنفير الذى يمارسونه ولكنه بالتأكيد لن يبتعد عن دينه لأنه شاهد راسل كرو يؤدى دور سيدنا نوح.
وتعلن الجبهة أنها على استعداد لعمل مناظرة فكرية فى أى وقت مع أى من الشيوخ الأجلاء أصحاب فكر المنع للمجابهة بالرأى والرأى الآخر فى هذا الموضوع".