كارثة بكل المعانى، عندما يصل التعليم فى مصر إلى أدنى مستوياته، ونجد أن القيم التى تربينا عليها قد تغيرت، وأن الأخلاق الحميدة قد ولت إلى غير رجعة، وأن احترام الطالب لمعلمه أصبح (موضة قديمة) نراها فى الأفلام فقط، ولكنها غير موجودة فى الواقع الأليم الذى نعيشه، ونجد أن المدرس فقد احترامه لنفسه عندما قبل أن يأخذ من الطالب أموالا كى يعلمه، وهى مشكلة الدروس الخصوصية التى جعلت الأستاذ يمد يده إلى الطالب طالبا منه أموالا، فهذه الأموال كسرت الحاجز بين الأستاذ والتلميذ، جعلت الأستاذ هو من يعمل عند التلميذ، وجعلت التلميذ هو صاحب العمل الذى يصرف على المعلم، فنجد انهيار القدوة فى أعين التلميذ، فالتلميذ يقول لنفسه أنا الذى أعطى الأستاذ أموالا. الأستاذ لا يستطيع أن يقول لى شيئا، وكانت هى البداية لانهيار القدوة وبالتالى الأخلاق والتعليم.
ما حدث فى إحدى مدارس الإسكندرية جريمة قتل مقترنة بسوء سلوك تلميذ، شعر أنه والمدرس سواء، لا فرق بينهم حتى لو كان فى السن، التلميذ الضال وجد نفسه ندا لند مع أستاذه، مستشعرا بقوته فى مقابلة أستاذه، ولكن كانت صدمة عندما شاهدته فوجدته طفلا صغيرا يسب الدين ويتوعد الأساتذة، لم يتربى على طاعة الله أو طاعة والديه الذين يتحملا المسئولية كاملة عن سوء سلوك ابنهم، فقد شغلتهم الدنيا عن تربية ابنهم، حتى أصبح شيطانا صغيرا وقاتلا لأستاذه، عندما يتطاول بالسب والقذف على مدرسه وأساتذته دون مبالاة، وإحساسا منه أنه لن يعاقب من قبل أساتذته أو أبويه، فقد تمادى وقام بسب مدرسه وسب الدين، وتعدى كل ذلك بأن قام بضرب أستاذه بيديه فى صدره أمام كل المدرسين، وكال له اللكمات بالأيدى وبالأرجل، أمام كل الموجودين الذين وقف أكثرهم مشاهدا دون أن يتحرك لهم جفنا، فى موقف يسألوا ويلاموا جميعا عليه.
أسرة فقدت عائلها وزوجة ترملت وأطفال تيتموا، من المسئول عن هذه الكارثة، هل المسئول هو الوزير أم التعليم أم الطالب الذى تسبب فى وفاة أستاذه أم الظروف المحيطة بنا التى جعلت الكثير من الشباب فراعين لا سيطرة عليهم ولا قدوة لهم إلا بالطبع (اللمبى وعبده موتة والألمانى وأغانى البانجو والمهرجانات والسلاح الأبيض وباسم يوسف والكلام البذىء، والسب والقذف لكل شىء) انهيار القدوة فى رأى هو السبب الرئيسى لما نعانيه، فعندما لا يكون الأب هو القدوة، عندما لا يكون المدرس هو القدوة، عندما تفتقد القدوة الصالحة، هنا يكون القدوة التلفزيون والأغانى الهابطة وجيل عبده موتة واللمبى هو الجيل السائد الآن فقد أصبحوا قدوة للأطفال والشباب، هذا هو السبب لما يعانيه أولادنا.
مات الأستاذ سامى حزنا وكمدا مات مقهورا على نفسه التى أهينت أمام كل هؤلاء الأطفال والمدرسين الذى وجد فى نظرهم شماتة منهم، فكان آخر ما قاله لهم (أيرضيكم ما حدث لى من طفل وأنتم تشاهدون ولم تتحركوا)، وانهارت دموعه ومع سقوط دموعه سقط قتيلا على الأرض.
أستاذ مات على يد تلميذه جريمة وعندما يشاهد زملاءه ما يحدث ولا يتحركون جريمة أكبر.
تلميذ بلا قدوة صالحة يكون الشيطان قدوته إلى الهلاك.
محمد فاروق أبو فرحة يكتب: عندما يموت المدرس مقهورا
الإثنين، 31 مارس 2014 12:10 ص