تزايدت وتيرة الأنباء التى تؤكد قرب تنحى العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز عن عرش المملكة، لصالح ولى العهد سلمان بن عبد العزيز، وذلك فى خطوة قد تأتى فى إطار الانتقال الطبيعى للسلطة بالمملكة العربية السعودية.
وتأتى هذه الخطوة عقب يومين من تعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبا لولى العهد، حيث قال الكاتب السعودى المعروف عبد الله بن بجاد العتيبى، فى مقال نشرته جريدة "الشرق الأوسط" أول أمس الجمعة، أن البيان الذى أعلنه الديوان الملكى السعودى الخميس الماضى، بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبًا لولى العهد، الأمير سلمان بن عبد العزيز، كان بمثابة رسائل للداخل والخارج.
وعلى المستوى الدولى، تبعث المملكة برسالة لدول العالم تؤكد فيها استقرار البلاد، وتثبت قدرتها على الاستمرار فى ذات النهج المعتدل، وأن دولة بحجم المملكة العربية السعودية وحجم اقتصادها وسعة علاقاتها وتحالفاتها ستبقى آمنة مستقرة وفى أيدٍ أمينة.
وإقليمياً، فى ظل الصراعات المحتدمة فى المنطقة وفى ظل استمرار الفوضى فى بعض الدول العربية، ترسل السعودية رسالتين مهمتين تقول الأولى للأصدقاء: "نحن نزداد متانة لتحالفنا ونشد من أزره بمزيد من الثبات والاستقرار، وتقول الثانية للخصوم، أن أهدافكم المعادية ستؤول إلى خسارة، وأن طموحاتكم ستنتهى إلى ما لا يسركم".
أما داخليا فهى تعبر عن رغبة صادقة فى إطلاع الشعب السعودى بكل شفافية على ترتيبات انتقال الحكم، وعلى مستقبل القيادة فى البلاد، وأن الطمأنينة والأمن سيزيدان ويتطوران أكثر فأكثر فى المرحلة المقبلة، وأن ما يثيره البعض لأغراض غير بريئة لا أساس لها من الصحة، وأن قوة مؤسسة الحكم وطمأنة مستقبلها، والتى هى صمام الأمان للوطن والمواطن، ستظل دائما محمية بحرص القيادة على المصلحة العامة ومحل عناية ورعاية من الملك وولى عهده.
بدوره، قال الكاتب الصحفى جاسر الجاسر، فى مداخلة مع قناة "العربية"، إن الخطوة تعتبر تفعيلاً حقيقياً لهيئة البيعة، وممارسة لدورها بشكل كامل.
أما الكاتب الصحفى تركى السديرى، رئيس تحرير صحيفة "الرياض"، فأشار إلى أن معرفته بالأمير مقرن تعود لوقت بعيد، مؤكداً أنه رجل موضوعى جداً.
وبعد تعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبا لولى العهد، قالت مصادر لقناة "النهار"، إن الأمير مقرن سيتولى ولاية العهد، ومحمد بن سلمان وزيرًا للدفاع، وأحيل للتقاعد كل من اللواء عبد الله صالح العمرى قائد المنطقة الجنوبية، واللواء على عيسى عسيرى قائد المنطقة الشرقية، واللواء عبد الرحمن عسيرى، رئيس هيئة إمداد تموين القوات البرية، واللواء محمد صالح الحزاب، قائد المنطقة الغربية، واللواء شادى المطيرى، قائد سلاح التموين، كما تمت إحالة 17 لواء وعميدا بالحرس الملكى للتقاعد.
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "القدس العربى" نقلا عن مصادر سعودية وصفتها بـ"المطلعة"، أن القرار الذى اتخذه العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيين الأمير مقرن وليا لولى العهد، يأتى ضمن ترتيبات سيعلن عنها فى الفترة القادمة لترتيب مسألة العرش فى السعودية.
وأضافت الصحيفة اليوم الأحد، أن العاهل السعودى بالفعل اتخذ القرار، لكنه لم يحدد بعد موعد إعلان تنازله عن العرش لأخيه سلمان بن عبد العزيز، وتباعا سيكون الأمير مقرن وليا للعهد ثم يصعد للعرش.
وقالت المصادر أن العاهل السعودى طلب من هيئة البيعة الموافقة على تعيين الأمير مقرن وليا للعهد بعد تولى الأمير سلمان العرش، على أن يحل الأمير متعب مكان الأمير مقرن نائبا ثانيا لرئيس الوزراء.
اللافت للنظر أن هذه الخطوة تأتى بعد أقل من 48 ساعة من زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، للملكة والتى كانت أول زيارة يقوم بها أوباما للرياض منذ عام 2009.
وكانت قد أكدت مصادر لوكالة "رويترز" للأنباء أن عددا من أمراء الأسرة الحاكمة كانوا حاضرين خلال لقاء أوباما، وأن أنبوب أكسجين فيما يبدو كان موصولا بأنف الملك عبد الله فى بداية اجتماعه بأوباما فى روضة خريم إلى الشمال الشرقى من العاصمة الرياض. وجرى الحديث بين الزعيمين من خلال مترجمين.
وإلى جانب الملك شارك فى المحادثات مع أوباما ولى العهد السعودى الأمير سلمان بن عبد العزيز والأمير مقرن الذى عين الخميس الماضى وليا لولى العهد، إضافة إلى وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل.
وجلس الوفد الأمريكى إلى جانب أوباما وضم وزير الخارجية جون كيرى ومستشارة الأمن القومى سوزان رايس، ولم يدل أى من الزعيمين بتصريحات علنية.
وأضافت المصادر أن الزعيمين أجريا مناقشة شاملة حول سوريا، حيث قتل 140 ألف شخص خلال الصراع الدائر منذ ثلاث سنوات، وأن البلدين يعملان معا "على نحو جيد جدا" لتحقيق الانتقال السياسى ودعم جماعات المعارضة المعتدلة.
ولم يصدر تعليق من المسئولين السعوديين بشأن الاجتماع، لكن وسائل إعلام حكومية قالت إن المحادثات تركزت على جهود السلام فى الشرق الأوسط والأزمة السورية.
وفى العام الماضى حذر مسئولون سعوديون كبار من "تحول كبير" عن واشنطن بعد خلافات شديدة بشأن استجابتها لانتفاضات "الربيع العربى" وسياستها إزاء إيران وسوريا، حيث تريد الرياض دعما أمريكيا أكبر لجماعات المعارضة.
ورغم أن إمدادات النفط السعودية للولايات المتحدة أقل مما كانت عليه من قبل لا يزال تأمين الحصول على موارد الطاقة من السعودية - أكبر دولة مصدرة للنفط فى العالم- يمثل أهمية بالنسبة لواشنطن إضافة إلى تعاون البلدين فى مواجهة تنظيم القاعدة.
بعد أنباء تنحى العاهل السعودى عن العرش.. مصادر بالمملكة: تعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولى العهد يبعث برسائل طمأنة للداخل والخارج للتأكيد على استقرار البلاد
الأحد، 30 مارس 2014 12:36 م