محمد جاد الله

لعنة السياحة

السبت، 29 مارس 2014 10:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مرت صناعة السياحة خلال ٢٠ عاماً بحزمة أزمات، طحنت العاملين فيها، فهم أول من تحمل تبعات استهداف نظام الحكم المصرى من خلايا ومجموعات إرهابية محلية ودولية، ويتكرر بعد كل أزمة نفس السيناريو الشعبى والرسمى.

- تنشط وزارة السياحة وعلى رأسها الوزير بغرض فتح أسواق جديدة من آسيا بديلاً للسوق الأوروبى،
- تنفق عشرات الملايين من الدولارات سنوياً على التسويق السياحى،
- تنشر وسائل الإعلام الأرقام (على عهدة مسئولى وزارة السياحة) عن آلاف السائحين الذين وصلوا إلى المطارات المصرية (كى نكيد الإرهابيين والحاسدين، وتخرج لهم الدولة لسانها، ونؤكد للعالم زيفاً أن السياحة بخير)،
- تنظم مهرجانات واحتفاليات فنية لينقل الفنانون والفنانات رسالة سلام من مصر للعالم.
- يقف ممثلو قطاع الإرشاد السياحى المهمل من الدولة أمام الأماكن الأثرية مطلقين رسالة للعالم بمختلف اللغات أن مصر هى بلد الأمن والأمان.
- يحرق أغلب أصحاب المنشآت السياحية الأسعار، كى يستطيعون الحفاظ على منشآتهم قائمة، فيستطيع السائح الأوروبى أن يقضى أسبوعين فى فندق خمسة نجوم على البحر الآحمر بمبلغ أقل من ٥٠٠ يورو، شاملة الطيران والإقامة والأكل والشرب، وهذا أوفر لهؤلاء من تكاليف البقاء والمعيشة فى منازلهم ودولهم.
- يتم تسريح عمالة سياحية مدربة لخفض إنفاق الشركات والمنشآت السياحية، ليُدفع بهم إلى المجهول دون مستحقات مادية.
- تستعر الصراعات والانقسامات فى كيانات السياحة الإدارية والغرف والنقابات المسئولة عن العنصر البشرى الأهم فى المنظومة (كما يتشدق الجميع)، ويغرق الكل فى معارك تكسير عظام وصعود على أنقاض هزيمة المنافس.

كل أزمة كانت تثبت أن جميع العاملين بالقطاعات السياحية يحفظون أدوارهم التى تعودوا على آدائها خلال عشرين عاماً من الأزمات، سواء كانت الأدوار حماسية أو درامية أو كوميدية. حتى يمر الأمر بستر الله.

أما فى الأزمة التى نعيشها حالياً، فلن يعيد الحركة السياحة "حفظ وتكرار" الخطوات السابق ذكرها ذلك لأنها فى تلك المرة قد تحولت من "أزمة مزمنة" إلى "لعنة" اكتسبها هذا القطاع بتكرار سيناريو إهمال الحفاظ على حقوق العناصر البشرية العاملة به. إضافة إلى استمرار الضغط عليهم من أصحاب الشركات والمنشآت السياحية دون دعم يذكر من الدولة. كما أن عمق الأزمات السياسية والأمنية فى الداخل يلقى بظلال كثيفة على إمكانية دعم الدول المصدرة للسياحة الأوروبية لزيارة مصر خلال هذا العام.

المفهوم الكلاسيكى أن السياحة هى الفرخة التى تبيض ذهباً للإقتصاد القومى، قد بات من أطلال الماضى، ولا دخول لمستقبل سياحى تنافسى إلا باقتناع القائمين على قطاعاتها المختلفة بأن الآن وليس غداً هو الوقت الأمثل لإعادة ترتيب الأوراق، فنحن سنقضى بأى حال هذا الصيف فى حالة "لا سياحة" إجبارية.

تستطيع القوات المسلحة أن تستعد لدعم قطاعات شرطة الآثار والسياحة بمجندين مدربين من خريجى كليات اللغات، كى يقضوا فترة تجنيدهم فى المناطق السياحية الأثرية، ليكونوا واجهة مشرفة لمصر.

وتستطيع وزارة الداخلية العمل الفورى على رفع كفاءة العاملين فى قطاعات شرطة الآثار والسياحة بالتدريب المكثف على التعامل مع التطور التكنولوچى لأساليب الإرهابية خلال ربع قرن.

وتستطيع نقابة المرشدين السياحيين أن تتبنى التخطيط لأكبر برنامج تدريب وتوعية للمرشدين والمرشدات حديثى التخرج فى تاريخها، فهؤلاء سيمثلون مستقبلاً عماد القوة الحضارية الناعمة لمصر فى هذا المجال.

كما أن كل مؤسسة سياحية تستطيع العمل على رفع مستوى كفاءة العاملين بها بالتدريب فى تلك الفترة الخاملة.

التحجج بنقص الموارد، الذى يعيق خطط تطوير المنتج الإنسانى فى قطاعات السياحة لم يعد مقبولاً، فإهدار المال العام على أى غرض فى بلادنا، عدا تطوير الإنسان هو "سُنَّة مؤسسية مؤكدة وعريقة"، والعجز إنما يكمن فى سوء الإرادة فى التغيير.. وافتقار قطاعات الدولة لفكر المنظومات وفرق العمل.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد سالم

أخيراً حد عبرنا بكلمة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة