تصارعت حدة التصريحات بعد بين قادة حركة النهضة التونسية، وحمادى الجبالى الرجل الثانى بالحركة، والذى تقدم باستقالته.
وأوضح موقع "الصدى" الإسلامى، أنه رغم نفى الجبالى استقالته فى وقت سابق، لكنه فى المقابل أشار إلى وجود "خلافات فى رؤى تسيير الحزب وكذلك الرؤى السياسية للبلاد مع قيادات الحركة"، وفى إشارة إلى رئيس الحركة راشد الغنوشى، الذى يرى كل المتابعين لفترة حكم النهضة أنه كان هو الحاكم الفعلى وليس الجبالى وعلى العريض.
ورداً على تصريح الجبالى، قال وزير العدل فى حكومة الجبالى السابقة، نور الدين البحيرى، فى تصريح لإذاعة "شمس" المحلية، "إن الاختلاف لا يفسد للود قضية، وكل صاحب رأى فى الحركة له مكان وبإمكانه التعبير عن رأيه".
وأضاف "البحيرى" "أن الاختلاف يمكن تجاوزه والحسم فيه بوسائل وآليات ديمقراطية"، وألمح إلى أن "ما يحصل فى الحركة هذه الأيام والذى جاء على لسان الجبالى يدل على أهمية القيم داخل الحركة".
وتعليقاً على هذه الاستقالة، قال الباحث فى شئون الجماعات الدينية، المنصف قوجة، لـ"العربية نت" إن استقالة الجبالى من "الوزن الثقيل"، واستبعد أن تكون بسبب خلافات تنظيمية أو فى التسيير أو حول سياسات الحركة، لافتا إلى أن "هذه الخلافات على أهميتها تبقى ثانوية ولا تفسر استقالة زعيم فى حجم الجبالى، الذى يعد من مؤسسى الحركة وأبرز رجالاتها".
وبالنسبة لقوجة، فإن استقالة الجبالى لها علاقة إستراتيجية بما يحدث فى المنطقة، خاصة القرار السعودى والخليجى بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، بما ستكون له تداعياته على "النهضة"، برغم محاولتها التنصل من وجود أية علاقة تنظيمية تربطها بالتنظيم العالمى للإخوان.
ويذهب قوجة إلى أن "قيادة النهضة بدأت التحضير لبديل من أجل استباق آثار إقصاء الإخوان الذى قد يشملهم لاحقاً"، مبيناً فى ذات السياق أن "استقالة الجبالى ستكون مشفوعة بتأسيس حزب جديد، قد يخلف حزب النهضة الحالى، فى محاولة للتخلص من الإرث الإخوانى".
وجاءت استقالة الجبالى بعد أيام من رفع أعضاء النهضة لشارة رابعة وصور الرئيس المصرى السابق محمد مرسى فى احتفال عيد الاستقلال، وهو ما أرجع أسباب الاستقالة إلى عدم رضاه عن أسلوب تسيير شئون الحركة ومطالبته بتجديد وتشبيب الصف القيادى لمواجهة المرحلة الصعبة التى تعيشها البلاد والحركة" وهو ما نسبه موقع الصدى الإسلامى إلى الجبالى.
ويذكر أن حمادى الجبالى كان قد ابتعد منذ خروجه من رئاسة الحكومة عن المشاركة فى النشاط السياسى والعام للحركة، وهو ما اعتبر من قبل المتابعين بمثابة إعلان عن تصدع فى العلاقات بين رئيس الحكومة الأسبق وحركة النهضة، الذى يعد من أبرز قياداتها ومؤسسيها.
ويعود الفتور فى العلاقة بين النهضة والجبالى إلى قرار هذا الأخير فى 6 فبراير 2012 – حينما كان يشغل منصب رئيس الحكومة - ومباشرة بعد اغتيال المناضل اليسارى شكرى بلعيد، عن حل حكومته والدعوة لحكومة كفاءات مستقلة، وهو ما رفضته قيادة النهضة، واعتبره رئيسها راشد الغنوشى بمثابة "انقلاب أبيض" على حكم الإسلاميين ويعد حمادى الجبالى، الذى شغل مهمة الرجل الثانى فى النهضة، من أبرز القيادات فى الحركة الإسلامية فى تونس، وقد رشحته النهضة لتولى رئاسة الحكومة بعد الثورة، وقد سجن 16 سنة فى زمن حكم الرئيس التونسى الأسبق زين العابدين بن على.
تكسير عظام..
وتعيش تونس مرحلة يمكن تسميتها بـ « تكسير العظام»، بين تشبث المعارضة التونسية بقيادة الاتحاد العام التونسى للشغل بمطالبها الثورية، وعلى رأسها إقالة حكومة على العريض وحل المجلس التأسيسى، ومراوغة النظام التونسى لكسب مزيد من الوقت، إلا أن اشتعال الشارع التونسى من جانب آخر، تأييدا لمطالب المعارضة التونسية يمثل وسيلة ضغط على النظام لم يجد لها حلا بعد.
فبعد ارتفاع سقف أخطاء النظام التونسى خرج عن طوق احتمال المجتمع التونسى تحديدا بعد سقوط دماء أبناء المعارضة التونسية، لتعلن عن سياسة القوى الحاكمة ضد أى قوى أخرى قد تعكر صفوها، وقتها أعلن الشارع التونسى بدء العد التنازلى لانتهاء الحكم الإسلامى، ورفع شعار "ارحل"، وفى محاولات بائسة لإنقاذ السفينة فى بداية الأزمة التونسية طالب الغنوشى رئيس حركة النهضة المنصف المرزوقى رئيس جمهورية تونس بالتخلى عن كرسى الحكم.
وفى تصريحات متناقضة، قال القيادى فى حركة النهضة، السيد الفرجانى، إن الدولة تحاول الوصول لحل سياسى يجنب البلاد الفراغ السياسى، ويحافظ على مؤسسات الدولة، ومع ذلك أكد أنه من غير المنطقى أن يطلب من النهضة التنازل عن الشروط فى حين ترفض المعارضة الجلوس للحوار إلا بعد حل الحكومة، وهى خطوة لا تساعد على إيجاد مناخ مناسب للتفاوض _ على حد تعبيره -.
وفى الوقت الذى تجلس جبهتا الدولة الحاكمة والمعارضة فى تونس للمفاوضات، والتى أعقبها إعلان الغنوشى، بعد لقائه بالأمين العام للاتحاد العام التونسى للشغل، قبول حركته مبادرة الاتحاد منطلقاً لحل الأزمة فى البلاد، والقاضية بحل الحكومة الحالية وانطلاق الحوار الوطنى بين أحزاب السلطة والمعارضة مع الإبقاء على المجلس الوطنى التأسيسى، أعلن رئيس الحكومة المؤقتة على العريض، عن تطبيق القانون ضد كل التحركات والاحتجاجات التى قد توتر من الأمن العام، والتى تعطل سير حركة المرور ومصالح المواطنين.
أخطاء النظام..
على خطوات رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، قام الرئيس التونسى محمد منصف المرزوقى اليوم الخميس، بإجراء حركة تنقلات واسعة فى خط صفوف قيادات الجيش التونسى، شملت قيادة جيش الطيران والأمن العسكرى، حيث جاء فى بيان لرئاسة الجمهورية الخميس الماضى، أن الرئيس المرزوقى، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة قرر تسمية أمير اللواء بشير البدوى رئيسا لأركان جيش الطيران خلفا لأمير اللواء محمد نجيب الجلاصى الذى عين مديرا عاما للعلاقات الخارجية والتعاون الدولى بوزارة الدفاع الوطنى.
كما تقرر تسمية أمير اللواء النورى بن طاوس مديرا عاما للأمن العسكرى خلفا لأمير اللواء بالبحرية كمال العكروت، الذى عين ملحقا عسكريا بالخارج، وتسمية أمير اللواء محمد النفطى متفقدا عاما للقوات المسلحة.
وعلى الرغم من اختلاف طبيعة الجيش التونسى عن الجيش المصرى، فى القوة العددية، وإمكانية مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة، إلا أن خطوات المنصف المرزوقى فى تأمين "ظهر" الجماعة، كانت خطوة متوقعة خاصة فى ظل التحرك الشعبى فى الشارع التونسى، وظهور حركة تمرد التونسية، واشتعال التظاهرات فى الشارع التونسى من جديد عقب سلسلة اغتيالات رموز المعارضة التونسية.
على الجانب الآخر، ينشغل الجيش التونسى بعملياته الحدودية، باستئناف القصف الجوى والبرى للمنطقة الجبلية بجبل الشعانبى فى ولاية القصرين على الحدود التونسية الجزائرية غرب البلاد، وقال مصدر عسكرى، فى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، إن قوات الجيش الوطنى التونسى بدأت عمليات قصف جوى وبرى لبعض المواقع الجبلية بالشعانبى مستعملة المدفعية الثقيلة والطائرات الحربية المقاتلة فى عملية عسكرية واسعة للقضاء على العناصر الإرهابية المتحصنة بالجبل.
استقالة الرجل الثانى فى "النهضة التونسية" يفتح ملف إخفاقات تنظيم "الغنوشى".. باحث إسلامى: الجبالى يسعى لتأسيس حزب جديد للتخلص من الإرث الإخوانى..والرأى العام التونسى:رفضه أسلوب إدارة الحركة وراء قراره
السبت، 29 مارس 2014 01:24 م