محمود صلاح

هل يمكن أن يهرب المرء من قَدره؟

الجمعة، 28 مارس 2014 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وإذا لم تكن لنا فرصة اختيار هؤلاء الذين نأتى إلى الحياة على أيديهم، الذين يعطوننا أسماءنا ونوع الدماء التى تجرى فى عروقنا والصفات التى تلصق بنا ونعيش بها، إذا لم يكن لنا اختيار فى الأرض التى نعيش عليها والناس الذين من حولنا والدين الذى نتبعه والظروف التى تحيطنا، فأى فرصة حقيقية نملكها وأى اختيار يمكن أن ندعى أو يدعى أحد أنه فى أيدينا؟!
نحن لا نملك تحديد موعد قدومنا إلى هذه الحياة ولا يسألنا أحد أى زمن نفضل أن نعيش فيه حياتنا، وكثير من الناس يقولون أنهم جاءوا إلى الدنيا فى الزمان الخطأ وأنهم كانوا يتمنون لو أنهم عاشوا فى زمان آخر، البعض يعيش بأفكاره فى الماضى والبعض يحلم بالحياة فى المستقبل والأكثرية لا توافق على الحاضر وترفضه، وهناك من الناس من تختلط فى حياتهم الحدود فلا يعرفون إلى أى عصر ينتمون وتضيع منهم الخطوات والسنوات، ما بين الماضى والحاضر والمستقبل، فإذا هم لا عاشوا الماضى ولا استمتعوا بالحاضر ولا لحقوا المستقبل!
ثم إن هناك لعنة غامضة فى مكان ما من أرواحنا هذه التعسة نداء مرضى يسرى معظم الوقت فى نفوسنا ويدعونا إلى عدم الرضاء عن أنفسنا وعما حولنا لا شىء يرضينا الرضاء الكامل. لا الماء الصافى يروى ظمأنا ولا الذهب يطفئ شبقنا لا الحب يكفينا ولا الحرية ترضينا. الدنيا من حولنا جميلة كما صنعها خالقها وخالقنا. الطبيعة مصنع جمال متجدد فى كل ساعة وكل يوم، لكننا لا نرى فى النهار المضىء غير الزحام والتدافع، ولا فى المساء الجميل غير الظلام الدامس. فأين دفء الشمس وسحر القمر؟
نقع تتعثر خطواتنا فنلوم الزمن ونفشل بصنع أيدينا ونلقى بالمسؤولية على القدر، نسىء إلى أنفسنا ونتهم الآخرين، نغرق فى ذواتنا وأنانيتنا وتنقطع كل الجسور بيننا وبين الآخرين فلا نشعر إلا بما نريد ولا نهتم إلا بما نحتاج، نظن أن الدنيا بما فيها ليست إلا نحن وطموحاتنا وأحلامنا، ما نريده وما نتمناه وأن غيرنا من البشر والكائنات ليست سوى صور واهية مسطحة غير حقيقية. فلا بشر إلا نحن ولا إحساس إلا إحساسنا، ولا حاجة سوى حاجاتنا، نحن والطوفان من بعدنا!
ولا نتعلم إلا بعد فوات الأوان، ولا نعرف الندم إلا بعد أن لا ينفع ندم، ولا تعرف الدموع طريقها إلى عيوننا إلا بعد أن تفقد الدموع قيمتها ومعناها الحقيقى، ولا نتمنى الهروب من أقدارنا إلا بعد أن نكون صنعنا بأيدينا هذه الأقدار، ألسنا هكذا؟





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة