علاء عبد الهادى

مصالحة.. نعم ولكن

الجمعة، 28 مارس 2014 10:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من يجرؤ من السياسيين أو المهتمين بالشأن العام على أن يطرح، مجرد طرح، إمكانيات دخول المجتمع المصرى فى حالة مصالحة، فهو بالتأكيد يضع يده ورأسه مكشوفة عارية فى عش الدبابير وعليه أن يتحمل اللسع الذى فى بعض الأحيان يكون مميتا لأنه بالتأكيد إما خلية إخوانية نائمة وظهر على حقيقته، أو أنه أداة فى يد الغرب يستخدمونها لإيقاف تقدم المجتمع المصرى نحو الأمام. ظهر ذلك جليا فيما سمى بمبادرة د. حسن نافعة لمصالحة الإخوان مع الحكومة فى فبراير الماضى، ورغم أن د. نافعة يتمسك دائما بكونه أستاذا للعلوم السياسية، إلا أنه نال ما نال من الطرفين، ولم يسلم من هجوم حزب الشتامين أنصار «خالف تعرف» فهم ضد كل شىء وأى شىء، المهم أن يبقوا فى المشهد، وانتهت المبادرة بالموت الإكلينيكى، وتكررت مبادرات مماثلة من م. طارق الملط من حزب الوسط ضمن ما يسمى بتحالف دعم الشرعية، ثم مبادرة البديل الحضارى. والسؤال المهم: هل المجتمع يستطيع أن يمضى قدما إلى الأمام، وهو فى مرحلة إعادة بناء للدولة المصرية، وفصيلا منه يرى نفسه، بالحق أو بالباطل، أنه مجنى عليه، وأنه إما أن يسترد ما يراه حقا له أو ينتقم بعض من أعضاء هذا الفصيل من المجتمع الظالم، أو أن ينزوى ويبعد عن المشهد، ويترك البلد التى لم تعد بلدهم؟

المؤكد أن مصر فى حاجة إلى كل يد تبنى، وكنت أعتقد أن هذه رسالة وزارة العدالة الانتقالية التى يتولاها المستشار أمين المهدى، وكنت أعتقد أنه مشغول ومهموم بدراسة التجارب الناجحة التى خاضتها دول سبقتنا فى حالة المصالحة الشعبية، وكنت أعتقد أيضا أنه سيدعى وفدا من رجال وزارته للذهاب إلى جنوب أفريقيا لدراسة تجربتها الرائعة فى المصالحة الشعبية بعد فترة مريرة ومشينة من التفرقة العنصرية بين البيض والسود، كانت مصحوبة بمذابح، وتصفية عرقية، وقتل وذبح، وانتهاك لحقوق الإنسان من كل شكل ولون، ولكنهم وبسبب شخصية مانديلا الاستثنائية، وبالترفع على الآلام والاعتراف بالأخطاء، نجحوا فى طى الصفحة البغيضة. لكن شيئا من هذا لم يحدث.

معروف أن مفاوضات السلام بين أى قوتين تبدأ من النقطة التى تحققها القوات المتحاربة على الأرض، هذه القاعدة تطبقها جماعة الإخوان منذ اليوم الذى تم فيه فض اعتصام رابعة، إدراكا منها أنها لن تجنى أى شىء عندما تجلس للتفاوض إلا وفى يدها أوراق تساوم بها، وليس هناك أهم ولا أخطر من تهدئة الشارع، مقابل العودة إلى المشهد السياسى ولو من باب خلفى، مع الإفراج عن القيادات، ومن بيدهم الأمر لم يعد لديهم ما يستطيعون أن يتفاوضوا معه من جماعة الإخوان، ويكون فى الوقت نفسه لديه القدرة على التأثير فى الشارع. هل وصلنا كمجتمع إلى مرحلة القناعة بضرورة أن ندخل فى حالة مصالحة، بدونها لن نتقدم شبرا إلى الأمام، وسوف نبقى ندور فى حلقة مفرغة، من العنف، والعنف المضاد، مصحوبة بمكائد سياسية لا تنتهى؟

حتى هذه اللحظة لم تصل جماعة الإخوان إلى هذه المرحلة: مرحلة الحاجة إلى المصالحة مع المجتمع المصرى، من عبيد البيادة كما يسبون من أيدوا تدخل الجيش لإزاحتهم عن المشهد، ويواصلون محاولات كسب الأرض لدعم من يجلس يوما ليتفاوض مع من بيده السلطة، كما أن الحكومة، ومن بيدهم السلطة لازالوا يرون أن الآخر ليس مفاوضا له مطالب سياسية يسعى لتحقيقها، بقدر ما هو إرهابى لا حديث يجدى معه، وأن الآلية الوحيدة للتعامل معه تمر عبر الشرطة، والقضاء. معنى كل هذا ببساطة أننا ما زلنا فى انتظار المزيد من دوامات عدم الاستقرار فى وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الاستقرار وإعادة بناء الدولة بعد عقود من الفساد والظلم المجتمعى بكل أشكاله وصورة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة