قال البابا تواضروس الثانى، إن مصر التاريخ والحضارة، التى يقولون عنها فلتة الطبيعة، مصر أبوها التاريخ وأمها الجغرافيا، وعندما تزوج التاريخ والجغرافيا أنجبا مصر، واستقبلت العائلة المقدسة فى القرن الأول الميلادى وتباركت أرض مصر بقدومهم وصارت مصر أرضا مقدسة، ونشأت عليها الرهبنة المسيحية والتى بدأت على يد الأنبا أنطونيوس وصارت للعالم كله.
وأضاف البابا تواضروس بحسب بيان الكنيسة الأرثوذكسية الصادر فجر اليوم الجمعة، فى كلمته التى ألقاها خلال زيارته للبطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى بطريرك الكنيسة المارونية أمس الخميس، مصر التى علمت العالم فن الأعمدة ففى التاريخ الفرعونى نجد أن مصر قد أقامت المسلات كما هو معروف فى الطراز الفرعونى عمود طويل ينتهى بمثلث ويوضع فى بدايات الحقول حتى عندما تشرق الشمس على المثلث الذهبى يعطى ضوءً لامعًا، وكانوا يطلقون على هذا الضوء عين الإله وطالما عين الإله تلمع فإنها ترى فيعملون بجدية وبكل همة فى الزرع، لأنهم يعتقدون أن عين الله تراقبهم وهذا نجده فى قول داود النبى وضعت الرب أمامى فى كل حين وعندما يأتى غروب الشمس يختفى اللمعان فيعتقدون بذلك أن الإله انصرف فينصرف كل الذين يعملون فى الحقول.
وتابع البابا، هذه المسلات قد تحولت إلى منارات، فصارت المنارة المسيحية استبدالا للمسلة وصارت تعبيرا على أن الحياة ينبغى أن تنمو نحو السماء فصار عندنا المسلات والمنارات وعند دخول العرب إلى أرض مصر أضيف إليهم المأذنة وانتقلت المأذنة من مصر إلى العالم كله فمصر فيها تعانق بين المسلات والمنارات والمآذن فنحن نعيش فى هذه المنطقة العربية وكأنها معبد كبير فقد نشأت الأديان والفلسفات والمواهب فى هذا الشرق والمسيحية ولدت فى الشرق كما باقى الأديان، أحياناً تسمى الأديان السماوية أو الإبراهيمية، وكلها أنطلقت من الشرق نحو العالم.
وأردف البابا، نحن نحتاج أن نقدم قدوة وشهادة وأن نصنع سلاما ونعلم كيف نضع سلاما، وصناعة السلام هى الصناعة الصعبة التى تحتاج تضافر كل الجهود لكى ما تشارك فى عمل السلام، والخطية لا تجتمع مع السلام لأن الخطية تطرد السلام، لذلك لا سبيل لصنع سلام إلا عندما تقدم توبة حقيقية عندما تشهد للمسيح فى القلب والعمل.
وأكد البابا خلال كلمته أن الله يقود العالم من خلال 3 قوانين، القانون الأول: "الله يحب كل البشر دون النظر إلى أجناسهم أو جنسياتهم أو ثقافتهم أو لونهم أو دينهم، لذلك ندعوه محب البشر ونحن نصلى أن يعطينا الله من قلبه المحب لنحب كل إنسان من فيض هذا الحب".
القانون الثانى: "الله صانع الخيرات، فنصلى ونقول فلنشكر صانع الخيرات، ونحن نختبر هذا الأمر فى مصر على المستوى الخاص والمستوى العام ونقول كل الأشياء تعمل معاً للخير"، والقانون الثالث: "أن الله ضابط للكل، فكل شىء تحت الضبط لذلك نصلى فى المزمور ونقول مبارك الرب إلهنا، مبارك الرب يوماً فيوماً يهيئ طريقنا لأنه إله خلاصنا.
وتابع البابا هذه القوانين الثلاثة أن الله محب البشر صانع الخيرات ضابط الكل هى التى نتمثل بها أمام الجميع، ونحن نصلى من أجل لبنان وسوريا ومصر وكل منطقتنا العربية التى نعيش فيها، التى تباركت بالله وعاش القديسون فيها لذا فكلى ثقة أن الله يدبر أمور حياتنا للخير نصلى من أجل السلام فى كل العالم ومن أجل كنائسنا، أن مجرد لقاءاتنا تفرح قلب الله ولى مشاعر كثيرة أود أن أعبر بها عن فرحتى بهذا اللقاء ولكن الوقت مقصر، أثمن هذا الاستقبال الجميل وهذه المحبة الفياضة وأشكركم جميعا".
وأوضح البابا أسباب زيارته إلى لبنان قائلا: "جئنا لنودع أخينا الحبيب مار أغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والرئيس الأعلى للسريان الأرثوذكس على رجاء القيامة ولم يكن فى حسبانى سوى المشاركة فى هذا الوداع ولكن الله من نعمته جاء بنا إلى هذه المواضع والزيارات المقدسة الموجودة بلبنان".
البابا تواضروس فى بيان: عندما تزوج التاريخ والجغرافيا أنجبا مصر
الجمعة، 28 مارس 2014 02:44 ص