وأضاف فى بحثه، الذى قدمه للمؤتمر الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، فى يومه الثانى، والذى يعقد تحت عنوان "خطورة الفكر التكفيرى والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية"، "يجب عمل حقل دراسات شرعية بكبريات المساجد فى مراكز ومحافظات الجمهورية بواسطة توصيفات ثقافية معتمدة، من محاضرين أكفاء، لنشر ثقافة الوسطية الإسلامية بنظام دورات زمنية، ومراجع علمية مبسطة من عينة "معالم الإسلام" و"معالم الشريعة الإسلامية".
بينما طالب الدكتور محمد أبوزيد الأمير، عميد كلية الدراسات الإسلامية فرع المنصورة، خلال كلمته بالؤتمر، بوجوب التثبت والتريث فى أمر الفتوى، مشيرًا إلى أن الفتوى الشرعية ليست مسئولية المفتى وحده ولا المستفتى وحده وإنما هى مسئولية مشتركة بينهما، وعلى المستفتى أن يتجه بسؤاله إلى أهل المختصين فى الفتوى حتى يتحقق له المطلوب من الفتوى، وهو الوصول إلى الرشاد.
وأضاف، أنه "لابد من وضع منهج علمى خاص بالتصدى للفتاوى الغريبة والشاذة وإبطالها ومعالجة سوء الفهم والاستنباط عند أصحابها، وإصدار ميثاق للفتوى نتواصى على التقيد به والدعوة للعمل بما فيه، وعلى وسائل الإعلام ضرورة العمل على تحرى الدقة فيمن تختاره للرد على أسئلة المستفتين، واستفساراتهم ولا تختار لهذا المجال غير أصحاب التخصص.
فى السياق ذاته، قالت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن، خلال كلمتها بالمؤتمر، إن الإسلام يحرم التساهل فى الفتوى، لقول الإمام النووى رحمه الله "ومن التساهل أن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحرمة أو المكروهة والتمسك بالشبه طلبًا للترخيص لمن يروم نفعه، أو التغليظ على من يريد ضره "، مضيفة كما يحرم التحايل لتحليل الحرام أولتحريم الحلال بلا ضرورة، لأنه مكر وخديعة وهما محرمان لقوله تعالى "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".
وأضافت أن "لا يفتى بالشاذ وإنما يفتى بالذى يؤيده الدليل، وإذا كانت المسألة خلافية احتاط للشرع واحتاط للمستفتى أيضًا، ولا يشترط فى المفتى الذكورة والحرية والسمع والبصر والنطق اتفاقًا، فتصح الفتوى من الحر والعبد والذكر والأنثى والبصير والأعمى والسميع والأخرس، إذا كتب أوفهمت إشارته، ويشترط فى المفتى الإسلام، والتكليف، والعدالة، وهو متفق عليه، بالإضافة إلى الاجتهاد وهو شرط فى القاضى والمفتى عند الأئمة الثلاثة وليس عند الحنفية شرط صحة بل هوشرط أولوية تسهيلا على الناس، وأن يكون فقيه النفس بمعنى أن يكون بطبعه شديد الفهم لمقاصد الكلام صادق الحكم على الأشياء".
وأكدت سعاد صالح، أنه لا يمكن عزل الفتوى عن السياسة، فالسياسة موجودة فى كل ناحية من نواحى الحياة، موجودة فى الاقتصاد وفى الاجتماع وفى التعليم وفى الخدمات العامة، وكذلك الفتاوى تتناول كل نواحى الحياة، والإسلام يتميز بأنه ينظم أمور الدنيا طريقًا للآخرة، ويعنى بالبدن كما يعنى بالروح، والعبرة فى علاقة الفتوى بالسياسة ألا تكون الفتوى خادمة لأطماع وطموحات الحكام، وألا تكون وسيلة لتخدير المواطنين وإلهائهم عن مقومة الظلم والقهر والتمييز، وفى التاريخ الإسلامى فقهاء ومفتون عظماء جهروا بكلمة الحق ووقفوا فى صحف الحرية والعدالة ابتداء من الإمام أبى حنيفة، فالإمام أحمد، مرورا بعز بن عبد السلام وغيرهم كثير.
وتابعت أن "عندما تتعلق الفتوى بأمور سياسية فعلى المفتى أن يلتزم جانب الحق الشرعى مصلحة الأمة وليس مجرد إرضاء الحاكم وتبرير قراراته، وإذا وجد نفسه غير قادر على ذلك ومضطرًا لأن يخالف ما يعتقده فعليه أن يعتذر ويعتزل"، مشيرة إلى أن ما يتعرض له المجتمع المسلم الآن من حالات العنف والإرهاب، واستخدام القوة ضد المسلمين أو غيرهم، يحتاج إلى دراسة جديدة، واجتهاد جديد من الفقهاء فى ضوء النصوص الشرعية والواقع المعاصر.
كما طالب الدكتور سيف الدين رجب قزامل، عميد كلية الشريعة والقانون، أن تكون إذاعة القرآن الكريم مستمرة ودائمة ومتقدمة أكثر فى عرض المشاكل الاجتماعية، ووضع حلول لها على ضوء القرآن والسنة النبوية الشريف، وأن تكون مسموعة على مستوى العالم كله، وأن تكون هناك قناة دينية تبث برامجها باللغات المختلفة غير العربية، وقيام دار الإفتاء المصرية بطبع الفتاوى التى تصدر عنها كل عام فى كتاب، وتوزيعها على المؤسسات وعلى موزعى الصحف القومية واليومية بسعر زهيد.
وأشار قزامل إلى ضرورة أن يقوم الأزهر ورجاله بالتصدى للفتاوى المشبوهة والباطلة، بالإضافة إلى عدم السماح لغير المتخصصين بتناول موضوعات دينية فى وسائل الإعلام المختلفة، وقصر الرد على الفتاوى على خريجى جامعة الأزهر، والمشهود لهم بالكفاءة العلمية، بالإضافة إلى إنشاء شعبة فى الكليات الشرعية للفتاوى بعد الليسانس لمدة عامين.
ومن جانبه، دعا المرشد أحمد عيان نيام، رئيس المجلس الأعلى الإسلامى فى السنغال، الله، أن يرعى المستشار عدلى منصور ،رئيس الجمهورية المؤقت، وأن يثبت أقدامه ويسخر له التوفيق جوادًا يمتطيه ليصل بثورة الثلاثين من يونيو إلى قمة النجاح لصالح الشعب المصرى والأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء .
بينما قال الدكتور حامد أبوطالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن بعض القنوات سلكت سلوكًا معيًبا يمثل استغلالا للفتوى وحاجة الناس إليها للحصول على مبالغ كبيرة، وذلك بتخصيص أرقام هواتف خاصة محمولة أو موضوعة للاتصال، ولكن أجر المكالمة كبير جدًا بالنسبة للسعر العادى والمتصل لا يعرف ذلك، والأدهى أن متلقى السؤال لا يجيب مباشرة وإنما يسأل عن اسم السائل وعمله وغير ذلك، ثم يحيله إلى شخص آخر ليطرح عليه السؤال، ثم يحيله إلى المفتى كل ذلك بقصد استهلاك الوقت ورفع تكاليف الفتوى، وهو نوع من المتاجرة بالدين.



















