قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الإسلام برىء من ألوان التشدد والتطرف، وجاء برسالة السماحة والوسطية التى يحمل لواءها بقوة أزهرنا الشريف، وتنطلق من الحضارة المصرية الضاربة بسماحتها فى أعماق التاريخ.
وأضاف فى كلمته أمام مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى دورته الثالثة والعشرين، والذى يعقد بعنوان "خطورة الفكر التكفيرى والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية": "يأتى عقد هذا المؤتمر فى مرحلة دقيقة وفارقة من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية بصفة عامة وتاريخ جمهورية مصر العربية بصفة خاصة، فقد عانينا – كما عانى غيرنا فى دول المنطقة وفى الكثير من دول العالم – أشد المعاناة من موجات التشدد باسم الدين، واقتحام غير المتخصصين لساحات الدعوة والفتوى، وتوظيف الدين لأغراض سياسية مما جعلنا نقرر وبقوة النأى بالدعوة والفتوى معًا عن أى توظيف سياسى، أو صراعات حزبية، أو مذهبية، قد تتاجر باسم الدين أو تستغل عاطفة التدين لتحقيق مصالح خاصة حتى لو كان ذلك على حساب أمننا القومى".
وتابع "جمعة": "والذى لا شك فيه أن أى موجات للتشدد أو العنف أو الإرهاب أو الإسراع فى التكفير إنما تنعكس سلبًا على قضايا الوطن وأمنه ومصالحه العليا من جهة، وعلى علاقاته الدولية من جهة أخرى، حيث يصبح الخوف من انتقال عدوى التشدد هاجسًا كبيرًا لدى الأوطان والدول الآمنة المستقرة، فى وقت صار العالم فيه قرية واحدة ما يحدث فى شماله يؤثر فى جنوبه، وما يكون فى شرقه تجد صداه فى غربه، بل إن تأثير الجهات الأربعة يتداخل ويتوازى ويتقاطع بشدة فى ظل معطيات التواصل العصرى عبر شبكاته المتعددة التى لم يعد بوسع أحد تفادى أصدائها وتأثيراتها.
وأوضح أن العلماء حذروا من خطورة إطلاق التكفير دون دليل قاطع، فقال الإمام الشوكانى (رحمه الله): إن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دينه ودخوله فى الكفر لا ينبغى لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضحَ من شمس النهار، وفى التأكيد على خطورة التكفير والتحذير من إطلاقه بدون حق يقول نبينا -صلى الله عليه وسلم- "أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ" ( أخرجه البخارى ومسلم ).
وشدد على أن روح التسامح والوعى بمقتضيات فقه التعايش من خلال المشتركات الإنسانية والتواصل الحضارى فى ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب من جهة، وبين الطوائف المتعددة فى المجتمع الواحد من جهة أخرى، إنما تنعكس إيجابًا على المصالح العليا للوطن من حيث الأمن والاستقرار، والتقدم والرخاء، بما يؤدى إلى مستقبل أفضل، والرقى إلى مصاف الأمم المتقدمة.
وقال الوزير: "غير أن اقتحام غير المتخصصين لعالم الدعوة، وتصدرهم بغير حق لمجال الفتوى أدى إلى كثير من الضلال والإضلال والانحراف، وصدق نبينا - صلى الله عليه وسلم- إذ يقول "إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حتى إذا لم يجد الناس عالمًا اتخذوا رُءُوسًا جُهَّالا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا".
وأضاف "من هنا كان اختيارُ موضوع "خطورة الفكر التكفيرى والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية" عنوانًا لهذا المؤتمر، قصدَ تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى كثير من الشباب والجماعات المتطرفة التى اتخذت من تكفير الآخر أو تخوينه، أو اتهامه فى دينه أو وطنيته وسيلة لاستباحة الدماء والأموال، والاعتداء على الآمنين وعلى حراس الوطن وحماته، والإفساد فى الأرض"، "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَاد" (البقرة : 205 )".
ولفت فى كلمته "إننا إذ نقيم هذا المؤتمر نأمّل أن يقدم حلولا جذرية وإسهامًا جادًا فى القضاء على الفكر التكفيرى، وفوضى الفتاوى التى تضر بالمصالح الوطنية والعلاقات الدولية، وأن نخرج برؤية وخطة واضحة المعالم لنبذ كل ألوان العنف والتشدد، ترفض الإرهاب والتكفير، وتؤسس لاعتماد صوت الحكمة والعقل والسماحة والتيسير منهجًا للدعوة والفتوى".
وزير الأوقاف أمام مؤتمر "الأعلى للشئون الإسلامية": نرفض كل ألوان التشدد والتطرف.. وتوظيف الدين فى السياسة.. اقتحام غير المتخصصين وتصدرهم لمجال الفتوى أدى إلى كثير من الضلال والانحراف
الثلاثاء، 25 مارس 2014 01:48 م
محمد مختار جمعة وزير الأوقاف