قال لى الموسيقار الكبير الراحل كمال الطويل إنه سأل الموسيقار محمد القصبجى: "لماذا تكتفى بأن تكون عازفا للعود فى الفرقة الموسيقية التى تصاحب أم كلثوم فى حفلاتها الغنائية، وأنت المجدد الأعظم فى الموسيقى العربية؟، فأجابه القصبجى: "مش عارف يا كمال كل ما أنوى أعمل لحن جديد لأم كلثوم يطلع لى عفريت".
قال لى كمال الطويل هذه الكلمات، وأنا أحصل منه على شهادة حول علاقته بأم كلثوم، وامتد الحديث إلى الكبار الذين سبقوه، ومنهم محمد القصبجى الذى رحل فى مثل هذا اليوم "25 مارس 1966"، ولم تكن شهادة "الطويل" هى الوحيدة فى حق "القصبجى"، فهو كما قال الموسيقى اللبنانى توفيق الباشا: "أستاذ النغم بكل تعقيداته"، وفى كتابه "السبعة الكبار فى الموسيقى العربية المعاصرة" يقول المؤرخ الفنى والموسيقى اللبنانى فيكتور سحاب: "القصبجى هو المؤلف الموسيقى الكبير المكتمل الشروط".
محمد القصبجى المولود يوم 15 أبريل 1892 (بعد مولد سيد درويش بـ29 يوما)، فى قصة حياته الشخصية والفنية دراما كبيرة اسمها "أم كلثوم"، فهو الأب الفنى الحقيقى لها منذ انتقالها من قريتها "طماى الزهايرة" بمحافظة الدقهلية إلى القاهرة، وقدم لها فى بدايتها أعظم الألحان التى نقلت الغناء العربى إلى عصر جديد، وبلغ ذروة تألقه مع أغنية "رق الحبيب" عام 1944، ولم تكتمل المسيرة بينهما بنفس المستوى، واعتقدت "أم كلثوم" حسب رأى المؤرخ الموسيقى محمود كامل: "أن إلهامه نضب"، لكن فيكتور سحاب يطرح سؤالا: "ليس من وسيلة للتيقن بأيهما السبب، وأيهما النتيجة، أهو النضوب فى إلهامه أدى إلى عزوفها، أم عزوفها أدى إلى نضوبه حقا؟.
لم يكن هذا النضوب وليد الصدفة، وإنما كان حبه الملتهب لأم كلثوم وصدها له بمثابة العامل الذى قهره إبداعيا معها، بعد أن فشل فى الوصول إلى الصيغة الإنسانية التى توصل لها الشاعر أحمد رامى لحسم مسألة حبه لها، حيث قرر أن يضع لوعة حبه الضائع فى أشعار غنائية تتغنى بها.
قدم القصبجى عشرات الألحان من الألوان الغنائية المختلفة لـ"منيرة المهدية، أم كلثوم، أسمهان، سعاد محمد، ليلى مراد، كارم محمود، شهر زاد، عبد الغنى السيد، فتحية أحمد، نجاة على، نور الهدى، وغيرهم" وشملت، المونولوج، والطقطوقة، والقصيدة.
فى كتابها "محمد القصبجى- الموسيقى العاشق"، تتحدث الدكتور رتيبة الحفنى، عن سنواته الأخيرة التى عاش فيها وحيدا، خاصة بعد أن طلبت منه أم كلثوم الراحة، فلم يعد يظهر معها فى فرقتها الغنائية، وأدى ذلك إلى اكتئابه، وظل فى منزله نحو عامين يعانى العزلة وعدم سؤال الناس، مما زاده مرضا وقلة رغبته فى الحياة، وفى يوم 10 ديسمبر 1965 أصيب بجلطة فى المخ وشلل نصفى أيسر، ونجا منها، وطالبه الأطباء بالراحة، إلا أنه لم يستسلم، بل حضر اجتماع لجنة الموسيقى الذى كان مقررا أن يناقش ترشيحه للحصول على جائزة الدولة التقديرية، ولم يحصل عليها.
سعيد الشحات يكتب: 25 مارس 1966.. وفاة "القصبجى".. المجدد الأعظم فى الموسيقى العربية وأستاذ النغم بتعقيداته
الثلاثاء، 25 مارس 2014 08:20 ص
الموسيقار الكبير الراحل كمال الطويل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة