قال المترجم الدكتور محمود الربيعى، إن الترجمة هى البوابة الذهبية للتعريب، ولكن المحزن فى الأمر أن دولة اليونان تترجم فى السنة أكثر ما تترجمه البلاد العربية كافة، وأننا نحتاج إلى بحر ومحيط من الترجمة عن اللغات الأخرى، حتى نستطيع مسايرة ومواكبة التقدم الحضارى والثقافى المحيط بنا.
جاء ذلك خلال اليوم الثانى لمؤتمر "التعريب" فى دورته الثمانين بمجمع اللغة العربية، وبحضور الدكتور عبد الهادى التازى، والشاعر فاروق شوشة أمين عام المجمع.
وأشار الربيعى إلى تجربته فى الترجمة، موضحًا أن هناك بعض الملاحظات التى انتبه إليها فى الترجمة عن الإنجليزية إلى العربية، قائلاً، إنه خلال ترجمتى لكتاب "الصوت المنفرد" لفرانك أوكونور، وقفت أمامى عدد من المشكلات، أولها كيف نترجم العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، فنحن كعرب لا نستطيع أن نضمن الجنس فى العبارة العربية، وأيضًا لا نستطيع أن نتفاداه، وهذه إشكالية كبيرة.
وأوضح الربيعى أن المشكلة الأخرى التى واجهتنى موضوع الفكاهة الإنجليزية، فالإنجليز يضحكون بنكات لا تضحكنا نحن العرب، والعكس كذلك، فى حين أننا نريد ترجمة نكتة أو تعبير عن الحس الفكاهى فى اللغة الإنجليزية وهو يعتمد على المفارقة.
وأضاف الربيعى أن المشكلة الثالثة، هى كيف نقدم فكرة جوهرية وردت فى كتاب الصوت المنفرد عن "المومس" الفاضلة، فالكتاب يقول بأن المهنة قد تكون غير أخلاقية، بينما الشخصية أخلاقية، وعلى ذلك فإن المومس الفاضلة أمر مقبول فى الإنجليزية، ولكن تسويق هذا المفهوم غير مقبول للذوق العربى.
وأكد الربيعى أن هناك مشكلة رابعة واجهته وهى "كيف نسوق لدى الذوق العربى ما هو جوهرى فى الكتاب من فكرة الآثام الصغيرة والكبيرة" قائلًا، إن ما وجدته فى الكتاب يركز على أن الآثام الصغيرة هى المشكلة، أما الآثام الكبيرة فهى تحدث مرة ويعود صاحبها شخصيا عادياً، ويركز على أن إفساد الشخصية البشرية يأتى من تراكم الآثام الصغيرة مثل الكذب، النفاق، خلف الوعود، والتهرب من الضرائب، والخداع العام، وغيرها من الآثام التى تعتبرها الشخصية العربية "شطارة"؛ بينما يؤكد الكتاب أن المجتمع قد يصاب بفساد عام عن طريق هذه الآثام.
من جهته قدم الدكتور عبد الهادى التازى، ورقة بحثية بعنوان "التعريب يتطور وينمو ويأخذ مكانه فى حياتنا العربية"، واستعرض فيها نمو التعريب فى المغرب العربى، وصولا إلى الوضع الراهن.
وقال التازى، إن اللغة العربية الشامخة أصيبت بمشكلات وبآفات أهلها، وتراجع استخدامها، إذ أن هناك حوالى ثلاثة أجيال جديدة لا تتحدث بها، ويلجأون إلى لغات أجنية.
وأوضح التازى، أن ذلك يدعونا لدراسة الأسباب التى جعلت أهلها يبتعدون عنها، ولنستطيع العمل على تمكين اللغة عن طريق التعريب الصحيح السليم، وأن نزود أبناءنا بالمادة العلمية المعاصرة والبسيطة لهم