ستظل الثقافة والمعرفة هى أدوات النهوض وعنوان الرقى والحضارة للمجتمعات قديما وحديثا، لذلك أدعوك عزيزى القارئ والمهتم بالثقافة، أن تضيف إلى مكتبتك هذا الكتاب الأكثر من رائع بعنوان انهيار العولمة للأستاذ الدكتور رضا عبد السلام والذى بدأ الحديث عنه بطرح التساؤل الآتى هل حقا يعيد التاريخ نفسه، وتنهار العولمة المعاصرة، كما انهارت فى موجتها الأولى بالكساد العظيم ؟؟، وقتها سوف تكتشف بنفسك حجم المؤامرة العالمية التى قامت بها أمريكا وحلفائها للسطو على مقدرات وموارد الدول النامية وخصوصا الدول العربية بحجة تحقيق الديمقراطية والحرية للشعوب.
وفى البداية عليك أن تعلم عزيزى القارئ أن العولمة هى نتاج طبيعى لما يحدث الأن فى العالم من أزالة لكافة الحدود والقيود الجغرافية والسياسية والثقافية أمام الأنتقال الحر للسلع والخدمات فنحن نعيش اليوم فى عالم أكثر تداخلا فى علاقاتة الأقتصادية التى يحكمها السوق الحر بمعاونة المؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى التى تنظم عملية التحول نحو القطاع الخاص والتى من المفترض أنها تسعى لتحقيق الأستقرار المالى والأقتصادى للدول التى تعانى من أزمات مالية الا أن تلك المؤسسات لم تقم بأدوارها التى أنشئت من أجلها وسلكت طريقا مغايرا هدفة الأول والأخير تحقيق مصالح الدول الكبار مما زاد الأمر سوء.
ومن هنا نشأت فكرة الاتحادات الإقليمية بين الدول مثل اتحاد النافتا واتحاد الأسيان والاتحاد الأوروبى إيمانا، من تلك الدول بأن القوة فى ظل العولمة، لن تكون إلا للكيانات الاقتصادية الكبرى، وهو ما ثبت نحاجه حتى الآن، وحتى تستطيع تلك الدول من الوقوف ضد توجهات العولمة الرأسمالية، التى كانت سببا رئيسا فى العديد من الأزمات العالمية وزيادة الفقر والمخاطر، والاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، فعدم العدالة العالمية، هو الأساس الذى سوف تنهار به العولمة، وبذلك يمكن القول أنه بعدما ثبت فشل النظام الرأسمالى بثوبة الجديد، الذى يعتمد على آليات عمل السوق الحر وغل يد الدولة، عن ممارسة النشاط الاقتصادى، فكانت النتيجة لذلك ظهور الشركات المتعددة الجنسيات، التى أصبحت لها الكلمة العليا فى رسم مصائر الأوطان، اقتصاديا بما تملكه من أموال طائلة وتكنولوجيا متطورة جعلتها قادرة على الوقوف ضد إرادة الحكام السياسية وفقا لما يخدم مصالحها المادية البحتة.
وكما أنهارت العولمة قديما بسبب سيطرة واستبداد صانعى السياسة فى العهد الاستعمارى، فإنها سوف تنهار بسبب الانفتاح الديمقراطى لعالم اليوم، ذلك أن الشعوب وخصوصا فى الدول النامية، لم تفهم حتى الآن معنى الديمقراطية القائمة، على الحرية، (وخير مثال على ذلك ما يحدث فى مصر، وباقى الدول العربية الآن من فوضى الحرية، فهذا نتاج ثقافة العولمة)، لذلك لم يعد من المقبول أن تنعزل الدولة عن المشاركة فى الحياة الاقتصادية، تاركة المجال لأصحاب النفوذ المالى، التحكم فى سياستها الاقتصادية والسياسية فإذا كانت الأفكار الاشتراكية لم تحقق أهدافها وانهارت بسقوط الاتحاد السوفيتى، فإن انهيار الأفكار الرأسمالية، بات وشيكا وسوف تنهار العولمة، وتسقط أمريكا، بل وستسقط كل الأنظمة الوضعية التى ستحل محل العولمة، ما دام صناع القرار فى كل دولة، يقومون بتوظيف القرار السياسى والاقتصادى، لما يخدم مصالحهم الشخصية، ولا يضعوا فى اعتباراتهم مصالح دولهم وشعوبهم.
فالعولمة فى رأيى ليست ظاهرة كونية، كما يدعى البعض بل هى ظاهرة مالية بحتة، تبحث عن رءوس الأموال أيا كان مصدرها سواء كان مشروعا أو غير مشروع، وأيا كانت طريق الحصول عليه سواء كان باحتلال الدول عسكريا.
كما حدث مع العراق أو بإشاعة الفوضى باسم الحرية، كما يحدث فى كل الدول العربية الآن، وهنا لنا أن نتساءل إلى متى ستظل الأنظمة العربية والشعوب الإسلامية تلعب دور التبعية لصاحب القوة فى علاقاتها الدولية تارة ما بين أمريكا التى تشير كل المؤشرات إلى سقوطها قريبا، مما جعلها تسعى وبكل قوة نحو تغير خارطة الشرق الأوسط، وتقسيمه إلى دويلات صغيرة، حتى تستطيع أن تحكم قبضتها على مقدراته التى حققت من خلاله هذا التفوق الذى نعمت به لسنوات طويلة وتارة أخرى لروسيا التى تريد أن تحقق إمبراطورية الماضى فكانت الإجابة القاطعة لمؤلف الكتاب أننا أصبحنا بحاجة إلى إطار إسلامى، عالمى للنشاط الاقتصادى فى ضوء الشرع الحكيم، وليس فى ضوء أهواء المتاجرين باسم الدين.
