وأضاف "الشافعى" خلال المؤتمر السنوى لمجمع اللغة العربية فى دورته الثمانين الذى أقيم صباح اليوم الاثنين، تحت عنوان "التعريب"، أن القادة المسئولين لا يراعون حرمة اللغة القومية، وكرامتها، كما كان أسلافهم فى أجيال سابقة، ولا الكتاب والإعلاميون الذين يناط بهم، فى مجتمعات أخرى، قيادة الفكر، وصفاء لغته، ولا الشباب المفتونون بثورة العصر التقنية والمعرفية يعرفون لغتهم بالقدر الذى يتيح لحياتنا القومية والوطنية أن تضطرد وتشارك فى مسيرة الحضارة الإنسانية العالمية.
وأكد الشافعى أن عدم الاعتزاز بالعربية، بل هوانها فى عقر دارها، على مختلف الأصعدة الرسمية والاجتماعية والثقافية، هو الداء العياء الذى ينخر فى وجودنا القومى، ويهدد وجودنا الإنسانى نفسه.
وأشار الشافعى إلى موضوع المؤتمر، قائلاً إن للتعريب معنيين "أولهما التعريب ومعناه الفنى اللغوى الخاص، الآخر التعريب بمعناه الحضارى العام"، وهو بالمعنى الأول طريق إثراء اللغة وتواصلها مع اللغات الأخرى، سلكته العربية وتشبثت به نمواً واتساعاً منذ نزول القرآن الكريم وقبله.
وقال الشافعى، أما الآخر الحضارى فهو ضرب من التحدى أهم وأكبر، وأقصد به بسط مظلة الفكر العربى، والإبداع العربى، على ميدان بأثره، من ميادين الحياة، لم تعهده العربية، ولم تستوعبه العقول العربية، وهى إذاؤه إلى الفهم والاستيعاب، ثم التعبير اللغوى والإعراب لكل وسائل النقل والترجمة والتعريب، والتوليد والمشاركة فى إبداعه الجديد من الحقائق المصطلحات العربية المعبرة عنها.
وأكد الشافعى أن هذا هو التعريب الحضارى العام، وأمثل فى الماضى بتعريب الدواوين أيام العبقرى عمر فلم يكُن لغوياً فحسب، بل كان استكمالاً للبناء الإدارى للدولة، وتعريب أجهزتها المكتبية أو البيروقراطية، ويمكن أن يمثل الآن بعالم الفضاء الإلكترونى بمختلف شعبه وتجلياته، وعالم الثورة الرقمية والمعرفية الراهن.
وأوضح الشافعى أن تلك تحديات حضارية، التعريب اللغوى ركن فيها، وهى أكبر منه وأوسع، وستمضى هذه الأمة الخالدة على طريق أسلافها مستمسكة بهويتها متجهة على قصدها.
هذا وقال الشاعر فاروق شوشة، أمين عام المجمع، إنه إذا كان لهذه الدورة المجمعية اسم يطلق عليها وسمة تتسم بها، فما أجدرها بأن تُسمَّى "دورة الإنجاز"، وهو إنجاز يشمل كلَّ ميادين العمل المجمعى، وينطق بما تحقق فيه، وبما هو أيضًا وشيك التحقق.
وأضاف شوشة أنه إذا كان العمل المعجمى فى مجالى اللغة والعلوم المختلفة يمثل ذروة الأداء المجمعى، الذى تصب فيه جهود لجان المجمع كافةً، وتتمثل فيه تلبية مطالب المجمع والناس، فى جعل اللغة وافية باحتياجات العصر، ملبية لطموحاته، مسايرة لنهضته وتقدمه، فإن ما تحقق ويتحقق فى كل يوم دليل على جديةٍ وحيويةٍ وإيقاعٍ نشيط، هى ركائز هذا العمل الآن وسماته.
واستعرض شوشة إنجازات العمل المجمعية على مدار السنوات الماضية، من المعجم القديم، والمعجم الموضوعى المصور للطفل العربى، ومعجم لغة الشعر العربي، وغيرها من المعاجم.
وأشار "شوشة" إلى إنجاز المجمع فى مجال المعاجم العلمية، قائلا إنه شهد فى عامه الأخير صدور "معجم الحشرات"، وهو أول معجم يصدر فى هذا المجال باللغة العربية، ويضم جهد اللجنة المختصة وإنجازَها على مدى أكثر من عشرين عامًا متتابعة.
وأضاف شوشة أنه فى سياق العمل الذى تقوم به لجنة اللغة العربية فى التعليم، فقد أتمت دراستها لمشروع الشهادة الدولية فى اللغة العربية، وهو اقتراح تقدم به الدكتور حسن بشير صديق عضو المجمع المراسل عن السودان منذ أكثر من عامين، وتقدم بعدة مذكرات توضيحية عُرضت جميعها على اللجنة، وتوصلت فى ختام دراستها إلى صيغة وآليات للعمل، عرضت على مجلس المجمع، الذى قرر تشكيل لجنة مختصة تضم فى عضويتها الدكتور حسن بشير صديق لإطلاقه وتنفيذه بالمشاركة مع سائر الهيئات المعنية مصريةً وعربيةً ودولية.
















