أكرم القصاص يكتب :عمرو موسى.. رجل الدولة..فى مهمة سياسية صعبة..تخلى الدبلوماسى السابق عن حلم الرئاسة واختار الدور الصعب فى لجنة الدستور.. و قدراته الدبلوماسية ساعدت فى امتصاص الخلافات داخل «الخمسين»

الإثنين، 24 مارس 2014 09:31 ص
أكرم القصاص يكتب :عمرو موسى.. رجل الدولة..فى مهمة سياسية صعبة..تخلى الدبلوماسى السابق عن حلم الرئاسة واختار الدور الصعب فى لجنة الدستور.. و قدراته الدبلوماسية ساعدت فى امتصاص الخلافات داخل «الخمسين» عمرو موسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كيف ارتضى عمرو موسى بأن يتخلى عن حلم الرئاسة، ليبقى ضمن رجال يدعمون بناء الدولة والحفاظ عليها، من دون أن يبقى ظلا لأحد؟

هناك الكثير من الأسئلة تدور حول عمرو موسى، المرشح الرئاسى السابق، والسياسى المخضرم، الذى تخلى عن حلم الترشح للرئاسة، واكتفى خلال الفترة بعد 30 يونيو بلعب دور سياسى فى مساندة الدولة وإعادة بنائها، وكان يمكن لعمرو موسى أن يتمسك بالترشح للرئاسة، خاصة وقد ارتفع رصيد الرجل خلال المرحلة الانتقالية، سواء بدوره السياسى قبل 30 يونيو فى جبهة الإنقاذ، أو بالجهد الذى بذله فى لجنة الخمسين لإعداد الدستور، والقدرات التى ظهرت فى لعب دور للتقريب بين المختلفين فى وجهات النظر، والحرص على خروج دستور متوازن يرضى طموح الأغلبية، ويتلاشى المناطق المتفجرة فى دستور 2012، وبدت قدرات عمرو موسى التفاوضية والسياسية التى أضيفت لرصيده، وكان من الممكن تحت إغراء ذلك أن يصر على الترشح والبقاء فى الضوء، لكنه فضل الخيار الأصعب، وهو أن يتحمل مسؤولية لجنة الخمسين بكل ما كانت تحمله من تحديات، ثم إنه ارتضى أيضا بأن يلعب دورا فى مساندة المشير عبدالفتاح السيسى فى رحلته السياسية الجديدة نحو الرئاسة.

وكما يقول الكاتب والباحث الدكتور، عمار على حسن، فإن عمرو موسى حصل على أكثر من 2 مليون صوت، وكان يمكن أن تغريه الإضافات الجماهيرية الجديدة، وقدراته التى اكتشفها الجمهور، ليصر على الترشح، لكنه لم يفعل، بينما فعل خالد على، المرشح الرئاسى السابق والحاصل على 120 ألف صوت، ويصر على البقاء فى منافسات الترشح، وإعلان الانسحاب من معركة لا يملك إمكانات لها.

لقد فضل عمرو موسى الخيارات الصعبة، ليثبت بالفعل أنه رجل دولة من طراز فريد، يصعب توقع اختفائه، أو اتجاهاته ومسيرته السياسية، وهو أمر ميز عمرو موسى عن كثير من الدبلوماسيين السابقين. عمرو موسى لمع كوزير خارجية لمصر فى عهد مبارك، وكان لمعانه أحد الأسباب التى نقلته إلى ما بدا أنه الظل، أمينا عاما لجامعة الدول العربية، لكنه ظل اسما مطروحا ضمن أبرز الشخصيات التى تصلح لتولى رئاسة الجمهورية، وظل عمرو موسى يتعامل مع ما يطرح عليه من أسئلة حول طموحه للرئاسة بدبلوماسية، لم ينف أو يؤكد، لكنه استعاد قوة ظهوره بعد ثورة يناير، حيث ظهر فى ميدان التحرير، وخاض مع من يقدمون أطروحات إصلاحية للنظام السياسى فى مصر، وظل عمرو موسى يراوح مكانه، مرة يصنف كأحد المنتمين لنظام مبارك، وأخرى يصنف على أنه كان نجما أطاح به مبارك خوفا من لمعانه المفرط كوزير للخارجية. وكان هذا الانقسام حول عمرو موسى، أحد العوامل التى سحبت من شعبيته فى الانتخابات، لأنه تحول إلى رقم صعب، حتى كانت المناظرة التى قبل تحديها أمام الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، والتى سحبت من الاثنين، خاصة أنها جاءت قبل فترة قصيرة من الانتخابات الرئاسية.

خسر عمرو موسى لأنه ترشح فى وقت كانت الرؤية فيه غائمة، والمعارك تدور من كل الاتجاهات، ولم تكن المرحلة مناسبة للتفكير والأسئلة الحقيقية، لأنها اتسمت بالاستقطاب والغليان، باندفاعات ثورية وسياسية، بدا فيها عمرو موسى دبلوماسيا، بينما كانت الاختيارات تتجه نحو المرشحين الأكثر تحديدا، مثلما حدث مع الفريق شفيق ومحمد مرسى، اللذان وصلا للإعادة، ليضعا الناخبين أمام خيار صعب، بدا أنه خيار مقصود لتسهيل انتزاع السلطة لصالح الإخوان، للابتعاد عن خيار شفيق، بينما كان حمدين أو عمرو موسى أو حتى أبوالفتوح يمثلون خيارات أوسع للناخبين.

ومن إعادة قراءة تجربة عمرو موسى فى الانتخابات الرئاسية، فقد كان يدرك تحديات المرحلة الانتقالية، وأهمية إعادة بناء الدولة مع الحفاظ على نواتها الصلبة، مع تغيير التكلس الذى أصابها بسبب العناد والتأبيد، وبالتالى كان يمكن أن يكون عمرو موسى خيارا مهما لمرحلة انتقالية صعبة بما يملكه من قدرات تفاوضية ودبلوماسية، فضلا على كونه يمتلك خبرة فى دولاب الدولة، وفى الوقت نفسه له علاقات بالتيارات السياسية المختلفة، لكن ميزات موسى تحولت، تحت قصف الدعاية، إلى عيوب، وتم ترويج قصة أنه من النظام السابق، خاصة أنه لم يفضل السير باتجاه التبرؤ من دوره فى الخارجية وتجربته السياسية، المهم أنه خرج من السباق، ولكنه ظل فى الصورة يلعب دورا تفاوضيا وسياسيا، حتى جاءت 30 يونيو، وتحمل مسؤولية إعادة بناء الدستور بشكل أكثر مناسبة، ثم إنه بقى فى دائرة الضوء، لاعبا فى سياق أن يكون واجهة مناسبة للمشير السيسى، وهو خيار مهم، لأن موسى له خبرة فى الانتخابات الرئاسية، فضلا على أنه كان صاحب برنامج يجمع بين أهداف الثورة وواقع الدولة، وهو ما انعكس على خطاب تحدث به موسى، ليؤكد أن برنامج المشير يعتمد على رؤى إعادة بناء الدولة وصياغة الخريطة التنموية والاستثمارية للبلاد.. مع إشراك الشعب فى التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية.

وأيا كان الخلاف أو الاتفاق مع عمرو موسى، فإنه يقدم تجربة سياسية لرجل دولة يقدم الصالح العام ويرفض المكابرة، فضلا على أنه رفض المزايدة على دوره أو على الآخرين، خاصة أنه يدرك عيوب جهاز الدولة المترهل الذى يحتاج لإعادة بناء، كما أنه يرفض الانسحاب أو التراجع أمام الهجوم والمزايدات السياسية، ثم إنه يدرك أهمية بناء منظومة واضحة ومتكاملة للعلاقات الخارجية المصرية بأبعادها الإقليمية (العربية - الأفريقية - الإسلامية - المتوسطية) ضمن خريطة دولية معقدة، تحتاج الكثير من الجهد، وهو ما يشير إلى أن موسى يريد تنفيذ برنامجه الرئاسى، حتى لو كان بيد أخرى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة