يدهشنى هذا الاهتمام غير المسبوق بقضيتى الأولتراس والراقصة صافيناز، فقد توقفت لعدة أيام مواقع التواصل الاجتماعى أمام قضية الراقصة صافيناز، وتوقفت البرامج الإعلامية والصحف الورقية والإلكترونية أمام هذا الخبر، وأصبحت قضية أمن قومى فقد يتم ترحيل صافيناز وتصبح أزمة دبلوماسية بين مصر وروسيا.
وكما كان الفيديو الذى ظهرت به أعلى مشاهدة على موقع يوتيوب، فإن حلقتها التى ظهرت بها على إحدى الشاشات العربية كانت الأعلى مشاهدة، وبعد هذه القضية التى وقفت مصر كلها تتابعها بالكثير من الشغف، نجد أيضا بعدها بأيام وقفة مشجعى الأهلى والزمالك فى وقفة موحدة تطالب بعدم وجود الشرطة فى الملاعب، وإسناد تأمين المباريات إلى شركات أمن خاصة.
أعتقد أن هاتان القضيتان أظهرت أن هموم مصر كلها انتهت، ولم يعد يشغلنا غير هل ترحيل صافيناز يضر بالأمن القومى المصرى، أو أن الشرطة وجودها فى الملاعب يضر بالمصلحة العليا للبلاد، أعتقد أننا أمامنا تحديات أكبر من هاتان القضيتان التى لا أعلم لمصلحة من تثار مثل هذه القضايا التى لن تقدم أو تأخر فى عمر الوطن.
هل بخروج الشرطة من الملاعب أو بوجود صافيناز فى مصر سوف تحل مشاكل مصر؟ ولا أعتب على الإعلام الذى آثار هاتان القضيتان، فإذا لم يجد جمهور متابع لهما لما اهتم بإدراج أخبارهم على مواقعه وشاشاته أولا أولا، وأتعجب من مقوله إننا شعب متدين بطبعه؟ فكيف نكون متدينين ونجد جم هذا الاهتمام بوجود راقصة أو ترحيلها.
ولا أعلم ما الذى يريده الألتراس هذه الأيام؟ هل هناك من يدفعهم بالاصطدام بالداخلية فى هذا التوقيت، لقد أشاد المعظم بالأولتراس عندما ظهر، وقد كان حالة رائعة أثرت الملاعب المصرية، بنوع جديد من التشجيع فى العروض التى يسميها "الدخلة"، ولا أحد ينكر دورهم فى ثورة 25 يناير، ولكن بعدما ظهروا بقوة بعد الثورة اعتقد أن بعض الأطراف حاولت استقطابهم لمصالحهم الشخصية.
ولا أجد مبررا واحدا الآن لوقفاتهم لخروج الشرطة من الملاعب، وكأن ما يعانيه الوطن من متاعب أمنية غير كافية، ليزيد الألتراس المتاعب الأمنية بمتاعب جديدة، ففى كل يوم يصحو الشعب المصرى على استهداف جنود أو ضباط من الشرطة والجيش، فيدير الألتراس ظهره إلى هذه المتاعب ويزيدها بمطالب من الممكن تأجيلها حتى تقوى الدولة وتقف على قدميها.
ونجد أن العمال والموظفين والأطباء الذين طلباتهم أكثر أهمية وعدالة من طلبات الألتراس، قد أرجأوا وقفاتهم واعتصاماتهم وإضرابهم ودخلوا مع الدولة فى تفاوض، وأمهلوا الدولة وقتا حتى تستطيع تدبير ما يلزمها من أموال لتلبية مطالبهم التى لا يختلف عليها اثنين، ولكن لأنهم يتمتعون بالنضج أجلوا طلباتهم قليلا، إما ما يفعله الألتراس فأجده مراهقة وعدم نضج.
وذلك لأن الدورى هذا العام بدون جمهور فوجود الشرطة فى الملاعب أو عدم وجودها فلن يضر أو يفيد الألتراس فى شىء، وكان بإمكانهم أن يؤجلوا وقفاتهم وطلباتهم إلى العام القادم عندما يعود الدورى بجمهور، ولكن ما يفعلونه هو طيش ومراهقة.
أجد أننا أمام تحديات أكثر أهمية من قضيتى صافيناز والألتراس، تحديات أمنية واقتصادية ومؤامرات داخلية وخارجية، غير ما يعانية جيشا العظيم من حرب تستهدف أبناءه وأمن وسلامة هذا الوطن، أرجو من الجميع أن يتحلى بحس وطنى وأن يوجل طلباته قليلا حتى تقوى الدولة وتكون قادرة على تلبية هذه الطلبات، وأن نهتم بقضايا أكثر حيوية وأهمية.
محمد على سليمان يكتب : صافيناز والأولتراس هَم مصر
الأحد، 23 مارس 2014 06:19 ص